تفاعل المفكر المغربي إدريس الكنبوري مع التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون والتي حاول من خلالها الترويج لفكرة كون "الرسوم الكاريكاتيرية ليست مشروعا حكوميا بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة". وكنب الكنبوري في تدوينة نشرها عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "يصعب تصديق كلام الرئيس الفرنسي بأن المسألة مسألة حرية تعبير في قضية الرسوم، كما قال في لقائه مع قناة الجزيرة. صحيح من الناحية النظرية أن الأوروبيين لديهم ثقافة الطعن في الأديان والآلهة والقديسين منذ الثورة الفرنسية وفك الارتباط بالكنيسة، ولا يمكن من الناحية النظرية إقناعهم بالتمييز بين الآلهة والأنبياء". مضيفا "نظريا هذا صحيح. ولو كان هذا هو الواقع فعلا لالتمسنا لرسامي الكاريكاتير العذر، لأنه لا يجوز جعلهم ينظرون نفس نظرتي إلى ديني، وبالتالي سيكون العيب أن المسلمين لم يبلغوا دينهم إلى الآخرين.ولكن من الناحية العملية ممارسة الحق في المساس بالأديان في أوروبا وفرنسا تحديدا فيها الكثير من الجبن والرعونة وتقدير الأمور بقدرها. فالرموز اليهودية لا يتم المساس بها إطلاقا، هذا علما بأن جزء من النخبة الثقافية والفنية النافذة في فرنسا يهود." وتابع المحلل السياسي والأستاذ الجامعي "لنأخذ نموذجين، روبير فوريسون وروجيه غارودي.فوريسون كان من أكبر المؤرخين الفرنسيين من تيار ما يسمى "المنكرين" négationistes الذين ينكرون المحرقة النازية والهولوكوست ورقم ستة ملايين يهودي قتيل في عهد النازية. وبسبب ذلك عاش حياته كلها في المحاكم والحصار وفر خارج فرنسا، ثم طرد من الجامعة وطلب منه إعطاء الدروس عن بعد (الدراسة عن بعد قديمة؟)، وتعرض للاعتداء مرات على يد متعصبين يهود، وعندما مات عام 2018 منع الناس من السير خلف جنازته. واستطرد "أما غارودي فقصته معروفة لأنه هو أيضا "منكر". فبعد نشر كتابه المعروف حول الأساطير المؤسسة للسياسة الصهيونية هوجم في فرنسا ومنع من وسائل الإعلام ومن النشر في الصحف لأن الإعلام الفرنسي يخضع للوبي اليهودي، رغم أن غارودي كان من المفكرين الكبار عندما كان شيوعيا وكان كل ما يكتبه يصبح حفلا ثقافيا" . وواصل الكنبوري قائلا "هذان وغيرهما من المنكرين لم ينكروا نبيا ولا رسولا، ولم يطعنوا في التوراة، ولم يشككوا في آية من آياتها، ولم يسخروا من دير أو بيعة، وإنما شككوا فقط في مسألة تاريخية وفي صحتها، مثل أي باحث يشكك مثلا في وجود طارق بن زياد بالوثائق، ومع ذلك حوربوا وحوكموا بقانون غيسو الشهير Gayssot". وأضاف "لكن لا أحد قال إن الطعن في واقعة تاريخية غير مؤكدة حرية تعبير، بينما قيل في طعن نبي الإسلام إنه حرية تعبير. والواقعة التاريخية في النهاية لا تهم سوى عشرة أو اثني عشر مليون شخص، بينما يهم الطعن في نبي الإسلام مليار ونصفا، فكيف تستوي الأمور؟". وختم الكنبوري تدوينته بالقول "لذلك لا خيار أمام الغرب، إما إتاحة حرية التعبير للجميع بمن فيهم المسلمون، أو منع التعرض لجميع الأديان".