الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الباراغواي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    منيب تتضامن مع طلبة الطب وتنتقد لجوء الحكومة إلى أسلوب التهديد من أجل تخويفهم    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يتوقع نمو الاقتصاد المغربي ب3% خلال 2024    موريتانيا.. مقتل جنديين في تحطم طائرة تدريب عسكرية    إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى    حماية ‬الأمن ‬القومي ‬المغربي ‬هو ‬الهدف ‬الاستراتيجي ‬الأعلى    فتح بحث قضائي حول تورط شرطي في ترويج الكوكايين    انتخاب المكتب التنفيذي للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    توسيع 6 مطارات مغربية استعدادا للمونديال    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    مدينة محمد السادس طنجة تيك تستقطب شركتين صينيتين عملاقتين في صناعة مكونات السيارات        بما في ذلك الناظور والحسيمة.. 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب135 مطارا دوليا    تأجيل القرار النهائي بشأن الغاز الطبيعي بين نيجيريا والمغرب    إضراب كتاب الضبط يؤجل محاكمة "مومو"    تصفيات المونديال.. بعثة المنتخب المغربي النسوي تحت 17 سنة تشد الرحال صوب الجزائر    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    مطالبة للحكومة بمضاعفة الجهود لتحسين ولوج المغربيات إلى سوق الشغل    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    تسجيل أزيد من 130 ألف مترشح بمنصة التكوين على السياقة    "فيفا" يعتمد برمجة جديدة للمسابقات    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على أداء سلبي    الفيفا يحسم موقفه من قضية اعتداء الشحات على الشيبي    الرئيس السابق للغابون يُضرب عن الطعام احتجاجا على "التعذيب"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قصيدة: تكوين الخباثة    الإعلان عن طلبات العروض لتوسيع مطارات مراكش وأكادير وطنجة خلال الأسابيع المقبلة    زنيبر: رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمته المملكة    طاقات وطنية مهاجرة … الهبري كنموذج    الجيش الملكي ومولودية وجدة يواجهان الدشيرة وأولمبيك خريبكة للحاق بركب المتأهلين إلى المربع الذهبي    وفاة عازف الساكسفون الأميركي ديفيد سانبورن عن 78 عاما    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    الجديدة: حجز 20 طنا من الملابس المستعملة    بلاغ جديد وهم من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة    معرض هواوي العالمي "XMAGE" ينطلق لأول مرة بعنوان "عالم يبعث على البهجة"    رسالتي الأخيرة    عملاق الدوري الإنجليزي يرغب في ضم نجم المنتخب المغربي    كيف يعيش اللاجئون في مخيم نور شمس شرق طولكرم؟    الرئيس الروسي يزور الصين يومي 16 و17 ماي    بلينكن في كييف والمساعدات العسكرية الأمريكية "في طريقها إلى أوكرانيا"    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    دعوات لإلغاء ترخيص "أوبر" في مصر بعد محاولة اغتصاب جديدة    شبيبة البيجدي ترفض "استفزازات" ميراوي وتحذر تأجيج الاحتجاجات    المنتخب المغربي يستقبل زامبيا في 7 يونيو    هل يتجه المغرب إلى تصميم المدن الذكية ؟    الأمثال العامية بتطوان... (598)    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    الأمثال العامية بتطوان... (597)    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث في الربيع اللغوي
نشر في أون مغاربية يوم 07 - 03 - 2012

احتضنت مدينة فاس يوم فاتح مارس الماضي الملتقى الوطني الثالث للغة العربية في موضوع: اللغة العربية والواقع الاجتماعي بالمغرب الامتداد والتفاعل. وقد غدا الملتقى الذي ينظمه فرع فاس للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، محطة سنوية يحج إليها الباحثون والفاعلون المدنيون وأصحاب القرار للتداول في قضية اللغة العربية وواقعها في الوطن وعلاقة ذلك بمستقبل الانتماء الهوياتي للأمة. لكن الجديد هذه السنة، ليس التوصيف الكارثي الذي اعتدنا سماعه حين الحديث عن لغة الضاد وما تعانيه في مختلف المحافل، ولا الوصف الوجداني لأهمية العربية ومقوماتها، لكن الجديد هو مسحة الأمل التي بدأت تسم كل حديث عن العربية وتؤطر مداخلات الباحثين والمهتمين. والسبب في ذلك هو الربيع العربي وتداعياته على المشهدين السياسي والاجتماعي. فبعيدا عن القراءات المؤامرتية التي ترى في الثورات الشبابية حراكا مصطنعا بغية خلخلة الخريطة الجيو ستراتيجية للشعوب العربية وتهيئة المنطقة لاستقبال شكل جديد من الأنظمة وفق نبوءة بوش حول شرق أوسط جديد، فإن هذه التحركات والاحتجاجات قد أسست لواقع جديد تبرز معالمه في إعادة التأسيس للإنسان العربي الجديد على حد تعبير الرئيس التونسي وبناء الاستقلال الجديد على حد تعبير رئيس الحكومة المغربي وتقديم قراءات جديدة للعلاقة مع الآخر المختلف قيميا وإيديولوجيا. ويأتي لسان الضاد في عمق هذا التحول. لذا يمكن إيجاز أهم رسائل الربيع العربي في :
نهاية شرعية الدولة القطرية وعودة مفهوم الأمة من خلال استئناف عملية التحرر الوطني التي توقفت مع مفاوضات الاستقلال والتي قامت في جوهرها على الانتماء العميق للأمة العربية الإسلامية. إنها استعادة للروح التي أطرت وثيقة الخطابي في التأكيد على عروبة دول المغرب: "المغرب العربي بالإسلام كان، وللإسلام عاش، وعلى الإسلام سيسير في حياته المستقبلية". فالربيع العربي هو استئناف لمرحلة الاستقلال التي توقفت واختزلت في نخبوية الدولة ومخزنيتها وفشل الدولة القطرية في الوفاء بالتزاماتها اتجاه المجتمع وإحياء لمبادئ المقاومة والتحرر.
ملمح المشترك الوطني: في كل الحركات الاحتجاجية التي شهدتها الساحات العربية كان هناك تركيز على الوحدة الوطنية بين مختلف القبائل والتيارات والطوائف الدينية والإثنية والجغرافية. وهذا إعلان صريح بأن الانقسامات المؤدلجة هي نتاج لزمن التسلط والاستبداد، وأن مساحة المشترك كبيرة ويمكن الاستفادة منها في صناعة حلم الشباب العربي.
صعود القطب الهوياتي: مع ما يعنيه ذلك من ارتباط بالهوية القيمية للأمة التي صدرت بقليل من الحرية المرتبطين بها والمعبرين عن همومها وآمالها. وفي تحليل شفرات رسالة الجمهور المغربي والعربي يمكن الإحالة على الاقتناع بعمق الانتماء للأمة قبل الحديث عن الخصوصيات الضيقة التي أنتجها زمن الاستبداد الطويل.
قد تفيد هذه العناصر الملمحية في التأكيد على أن الربيع العربي قد غير في ملامح الانتماء وخطابات البناء وأسس صياغة جديدة تستلهم مشاريع المقاومة وبناء دولة الاستقلال وتتجاوز مراحل الانحراف وسرقة الاستقلال بتعبير علال الفاسي. ومن ثمة استطاع نقل المسألة اللغوية من النقاش الوجداني نحو المأسسة. ويتبين ذلك من خلال عنصرين مركزيين: الدمقرطة والمأسسة.
فمن أبرز ملامح الديمقراطية السياسية سيادة اللغة العربية. فكل نظام عربي يحترم إرادة شعبه سيمنح لا محالة لغة الضاد مكان السيادة والصدارة في الشأن العام وفق قاعدة: أعطني نظاما عربيا ديمقراطيا أعطك لغة عربية حاضرة في دواليب الشأن العام. دعك من الأنظمة التي تؤدلج العروبة لتغطي على استبدادها على شعوبها وتحفظ بها وجودها، وإلا فتأمل وزراء هذه الأنظمة ومسؤوليها كيف يتحدثون وموقع لغة الضاد في كلامهم. ففي آخر مقال للرئيس التونسي منصف المرزوقي قبل تعيينه: أي لغة سيتكلم العرب القرن المقبل؟ قدم توصيفا لواقع العربية ومستشرفا مستقبلها بعد نجاح القطب الهوياتي في الوصول إلى الحكم وتدبير الشأن العام. فوفق رؤية حقوقية صارمة يربط المرزوقي بين الاستبداد واحتقار العربية. ففي الدول التي تعيش استبدادا تجد انتشارا للغة هجينة وحربا مقدسة على العربية تارة باسم الخصوصية وأخرى باسم الانفتاح والحداثة. "فالعربية نفسها تحت الاستبداد كانت لغة محتقرة، حيث لم تعد جديرة بأن تكون لغة الإدارة ولغة التعليم العالي والبحث العلمي". وفي قراءة لقائمة الذين يدافعون عن التلهيج والتدريج والخصوصية الضيقة ستجدهم من المدافعين عن التغريب والفرنكفونية ومحاربة التغيير الذي حصل والتحريض على الحكام الجدد، ماداموا مستفيدين من الوضع القائم. ويمكن التأمل جيدا في ما يحدث بالمغرب وتونس.
المأسسة: يعد الملف اللغوي واحدا من أهم ملفات مرحلة التأسيس للعرب الجدد. وأهم معالمه بناء سياسة لغوية "مندمجة" تقوم على تنمية الكفاءات وخلق مؤسسات لتدبير الشأن اللغوي والاستفادة من الحركية المجتمعية التي تعيشها الشعوب العربية. ففي المغرب على سبيل المثال هناك حالة دستورية جديدة ينبغي التعامل معها ومأسستها من خلال التنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور والمؤسسات اللغوية المقترحة بشكل يجنبنا الفوضى اللغوية التي نعيشها وينهي حالة الاصطفاف الهوياتي ويعطي للعربية باعتبارها لغة رسمية أساسية المكانة الجامعة والمعبرة عن المشترك المغربي والعمق العربي والاستراتيجي.
إن واجب المؤمنين بالسيادة الوطنية والانتماء الهوياتي للأمة هو اقتناص لحظة الربيع اللغوي وإلا فالتاريخ لا يرحم ولا ينتظر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.