الترقية الاستثنائية خارج حسابات الحوار الاجتماعي لم يخف زعماء المركزيات النقابية، خلال احتفالات فاتح ماي، فرحهم بنتائج الحوار الاجتماعي ليوم 26 أبريل الماضي التي توجت ثلاث سنوات من المفاوضات الماراثونية مع حكومة عباس الفاسي، في الوقت الذي أبدى فيه عدد من الموظفين امتعاضهم مما أسموه حوارا مغشوشا غلب منطق التوافقات ومراعاة إكراهات الظرفية السياسية والاقتصادية على مصلحة الشغيلة المغربية. ووصف أحمد الصالحي، المسؤول بالنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، التصريح الحكومي والنقابي المشترك بعملية ذبح ثانية لأغلب موظفي القطاع العام الذين ينتظرون على أحر من الجمر تفعيل مطلب الترقية الاسثتنائية للمستوفين شروطها منذ 2003 من أجل تصفية التراكمات وإنصاف المتضررين، في إشارة إلى عملية الذبح الأولى، حسب وصفه، التي تمت إثر تصديق المركزيات النقابية سنة 2006. وقال الصالحي إن الأمر يتعلق بعدد من الموظفين في قطاعات عمومية مختلفة أفنوا زهرة عمرهم في الوظيفة العمومية لأكثر من 25 سنة وعانوا أشكال الحيف والتهميش في بداية مسارهم الإداري ممثلة في عدم استفادتهم من عملية الترقي خلال ما كان يسمى سنوات الجمر والرصاص، كما لم يستفيدوا من المغادرة الطوعية سنة 2005 والتوجه إلى القطاع الخاص. وأكد الصالحي أن هؤلاء الموظفين كانوا يعقدون آمالا كبيرة على دورة الربيع من الحوار الاجتماعي من أجل إنصافهم، سيما بعد التداول الكثير لموضوع الترقية الاستثنائية خلال مجريات المفاوضات المركزية والقطاعية، "لكن يبدو أن الحكومة والمركزيات النقابية كانت لها حسابات أخرى غير إعطاء هذا الموضوع ما يستحق من اهتمام، دون استشارة المجالس الوطنية والهيآت التقريرية لهذه النقابات قبل التوقيع على هذه النتائج الهزيلة، ما يطرح سؤال المشروعية والديمقراطية". وأوضح المسؤول النقابي أن المركزيات النقابية، التي تتسابق على الدعم الحكومي ومنحة التكوين، عمدت إلى ذبح الشغيلة المغربية من الوريد إلى الوريد في مناسبتين: الأولى من خلال تواطئها في إصدار المرسوم الجديد للترقي الصادر يوم 9 فبراير 2006 في الجريدة الرسمية والذي ينص على 10 سنوات في الإطار من أجل الترقي بالأقدمية و6 سنوات لاجتياز الأهلية المهنية، مقارنة بالمرسوم القديم الذي كان ينص على 6 سنوات في الإطار و15 سنة أقدمية عامة و4 سنوات أقدمية لاجتياز امتحانات الأهلية المهنية. والثانية من خلال إقبار عملية الترقية الاستثنائية منذ 2003 واللجوء إلى بعض الاجتهادات والمناورات الملتوية لعدم إنصاف المتضررين من خلال الاستفادة بحلول يناير 2012، ما يعني ضرب مبدأ تصفية التراكمات عرض الحائط. واعتبر الصالحي أن من شأن الاتفاق المعاق أن يضيع على الموظفين أكثر من 8 سنوات تضاف إلى السنوات الأخرى المنصوص عليها في المرسوم، ناهيك عن تكريسه و"مأسسته" لسياسة التمييز بين القطاعات العمومية والكيل بأكثر من مكيال في موضوع الترقية الاستثنائية والأمثلة أكثر من أن تحصر في هذا المجال. وعلى سبيل المقارنة والموعظة، ذكر الصالحي بإنجازات حكومة عبد الرحمان اليوسفي التي يرجع لها الفضل في تعميم الترقية الاستثنائية سنوات ما بين 1997 و1999 وحكومة إدريس جطو التي عمدت إلى تصفية التراكمات ما بين 2000 و2002، أما حكومة عباس الفاسي فلم تعمل إلا على تأجيل الموضوع إلى سنة 2012، ما يعتبر ضحكا على ذقون آلاف الموظفين، يستلزم الرد عليه بقوة خلال الانتخابات التشريعية المقبلة وتجديد ثلث مجلس المستشارين خلال السنة نفسها.