اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية .. مناسبة لتسليط الضوء على الدور الريادي للمغرب في هذا المجال    الاحتقان يعود إلى قطاع التعليم العالي    مجلس حقوق الإنسان يفتتح بجنيف دورته ال 56    إسبانيا.. عدد العمال في القطاع السياحي يصل إلى نحو 3 ملايين شخص    مقتل ثمانية أشخاص في حريق بمستشفى بإيران    الشرعي يطرق باب البطولة الاحترافية    الحرارة الشديدة تهدد دورة الألعاب الأولمبية في باريس    فتح تحقيق في وفاة غامضة لأستاذ بين جبال شفشاون    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    المغاربة أكثر العمال الأجانب مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي بإسبانيا    عيد وراء الأسوار... حكايات الموظفين والسجناء.    المغرب ضيف شرف مهرجان المتوسط بلولي البرتغالية    وزارة الصحة السعودية: لا أمراض معدية بين الحجاج    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية سيشل بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    تهنئة لأبطال التبوريدة المغربية خليل رابحي ومجموعته بقيادة المقدم بدر زريزع    البيضاويون يخلفون أطنانا من نفايات العيد    بينهم 8663 أصيبوا بعد 7 أكتوبر.. عدد المعاقين من الجيش الإسرائيلي يتجاوز 70 ألفا    إسبانيا تراهن على التنسيق مع المغرب لإنجاح "مرحبا 2024"    بعد الوفيات الكثيرة.. تحذيرات من ارتفاع درجات الحرارة مع انتهاء موسم الحج    انعقاد البرلمان الإفريقي بمشاركة المغرب    الأمم المتحدة: عدد القتلى المدنيين في الصراعات العالمية ارتفع 72 % عام 2023    ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 37 ألفا و372 شهيدا منذ بدء الحرب    إصابة كيليان مبابي بكسر في الأنف    وفاة شابين في حادثة سير ضواحي سطات    شرطي بسلا يطلق النار على كلب شرس هاجم رجال الأمن    إصابة صديق حكيمي بكسر في الأنف    ريال مدريد الإسباني مصر على التعاقد مع المغربي أشرف حكيمي للالتحاق بصديقه مبابي    فرنسا تسجل تصاعد إصابات كورونا عشية الألعاب الأولمبية    مسؤول صحي يحذر من مخاطر شبكات التواصل على المراهقين    البيت الأبيض يدين نشر مقاطع فيديو لبايدن تتهكم من قدراته العقلية والجسدية    إسرائيل اعتقلت 640 طفلا فلسطينيا    بطولة إنجلترا.. مانشستر سيتي يُطلق حملة الدفاع عن اللقب بمواجهة تشلسي    ارتفاع درجات الحرارة يهدد إقامة الأولمبياد الصيفية مستقبلا    قرار تسمية أحد الشوارع باسم والد رئيس مقاطعة بفاس.. "العدالة والتنمية" يكذب التصويت بالإجماع على القرار    إقليم الحوز.. أسر متضررة من الزلزال تحتفل بعيد الأضحى في مساكنها الجديدة    الحجاج المتعجلون يغادرون منى ظهر اليوم لتأدية طواف الوداع    أمطار غزيرة على المشاعر المقدسة رغم تسجيل درجات حرارة قياسية    إصابة مبابي … مفاجآت صادمة وغياب قد يصل ل 10 أيام!    حراك شعبي بالجزائر ينذر بتوسع الاحتجاجات على أزمة العطش الخانقة (فيديو)    ابتسام بطمة توجه رسالة قوية لمن فرّق أختها دنيا عن ابنتيها    الأمم المتحدة ترصد الحاجة إلى 183 مليار دولار سنويا لتعليم الأطفال في إفريقيا    الخو.. يرأس الوفد المغربي بملتقى التعاون الاقتصادي التركي العربي الدورة 22    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق ويرمون الجمرات الثلاث    عيد الأضحى.. نصائح وتحذيرات من الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي والضغط    العفو الملكي عن دنيا بطمة.. والدة الفنانة تخرج عن صمتها    مع ولائم عيد الأضحى.. كيف تتجنب زيادة الوزن؟    الحجاج يستقرون في منى في أول أيام التشريق لرمي الجمرات    أسعار النفط تتراجع وسط ضعف الطلب الأمريكي    عيد الأضحى.. نصائح لتجنب اخضرار لحوم الأضاحي    نفقات سفر سياح مغاربة إلى الخارج تستنفر مصالح المراقبة بمكتب الصرف    ارتفاع عدد التصاريح الوحيدة على السلع ب 4,3 %    6 نصائح غذائية لصحة أفضل في عيد الأضحى    تنهش اللحم وتقتل بساعات.. رعب من انتشار بكتيريا جديدة    سعد لمجرد وحاتم عمور يثيران حماس جمهورهما ب"محبوبي"    أطروحة بالإنجليزية تناقش موضوع الترجمة    "الجسر الثقافي بين المغرب وإيطاليا"، معرض للصور الفوتوغرافية يحتفي بالخصائص الثقافية بين البلدين    خضع لحصص كيميائية.. تفاصيل جديدة حول وضع الفنان الزعري بعد إصابته بالسرطان    حفلٌ مغربي أردني في أكاديمية المملكة يتوّج دورات تدريبية ل"دار العود"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سرك في بير"
نشر في بريس تطوان يوم 12 - 04 - 2014


بسم الله الرحمن الرحيم
"سرك في بير"
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يحتاج الإنسان في كثير من الأحيان إلى قريب أو صديق، يفضي إليه بسر من أسراره الخاصة، ويطلعه عليه، طامعا في نصيحة تخفف من همومه وأحزانه، آملا في مساعدة تحل مشاكله ومعضلاته، موصيا إياه أن يكتم سره عن الناس، ولا يبوح به لأحد، فيتلقى الوعود والعهود على حفظ السر وعدم إفشائه، وربما يسمع تلك العبارة المشهورة والمتداولة بيننا وهي: "سرك في بير"، ولكن وللأسف الشديد القليل من الناس من يفي بالوعد ويرعى العهد. وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بحفظ العهد فقال عز وجل: ﴿ و أَوْفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الاسراء:34.] . وقال تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُون﴾ [المؤمنون: 8].
إن حفظ أسرار الناس الخاصة أمانة عظمى، ومسؤولية كبرى لا يستطيع القيام بها إلا أصحاب العزيمة الصلبة والارادة القوية والنفس العالية، الذين يستشعرون مراقبة الله – عز وجل – لهم في كل وقت وحين ، فلا يعصونه بإفشاء سر استؤمنوا عليه، ويحبون الخير للناس فلا يضرونهم بنشر أسرارهم، ويتغلبون على نزوات قلوبهم وأهوائها، ويحفظون ألسنتهم ويلجمونها.
عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: (أسَرَّ إلَيَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سِرًّا، فما أخبَرْتُ بهِ أحَدًا بعدَهُ، ولقد سَألَتْني أُمُّ سُلَيمٍ فما أخْبَرْتُها بهِ.) [ صحيح البخاري/ موقع الدرر السنية]
قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا حَدَّثَ الرجلُ الحديثَ ثم التَفَتَ فهي أمانةٌ) [سنن الترمذي/ موقع الدرر السنية]
وقال الجاحظ: » كتمان السر خلق مركب من الوقار وأداء الأمانة فإن إخراج السر من فضول الكلام وليس بوقور من تكلم بالفضول» [تهذيب الأخلاق/ الجاحظ ص: 25]
إن من الواجب على من يريد أن يستودع أحدا سره، أن يتخير صاحب السِّر، و يبحث عمن يتصف بالأمانة والدِّين والعقل. قيل : (ان رجلاً أودع سره عند أحد إخوانه، فقال له: أفهمت فقال: بل جهلت قال: أحفظت قال: بل نسيت .)
وقال سيدنا علي رضي الله عنه:« واعلم أن أمناء الأسرار أقل وجودا من أمناء الأموال»[المستطرف من كل فن مستظرف/ للأبشيهي].
وقال الشاعر:
لا يكتم السر إلا ذي ثقة *** والسر عند خيار الناس مكتومُ
فالسر عندي في بيت له غلق*** ضاعت مفاتيحه والباب مختومُ
وقال حكيم: «قلوب الأحرار قبور الأسرار».
أما أصحاب النفوس الضعيفة أو القلوب المريضة ، فلا يملكون القدرة على حفظ الأسرار ،ولا يستطيعون تحمل هذه المسؤولية، وليسوا أهلا للثقة ،فهم يعاهدون ويغدرون، ويؤتمنون ويخونون. قال صلى الله عليه وسلم:( أربعٌ من كن فيه كان منافقًا خالصًا ، ومن كانت فيه خَصْلةٌ منهن كانت فيه خَصْلَةٌ من النفاقِ حتى يدعَها: إذا اؤتُمِنَ خانَ ، وإذا حدَّثَ كذبَ ، وإذا عاهدَ غَدرَ ، وإذا خاصمَ فجرَ.) [صحيح البخاري]
وقال الحسن البصري: « إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك.» [إحياء علوم الدين ج3]
هؤلاء الضعاف النفوس أو المرضى القلوب، لا يستطيعون كتم الأسرار لأنهم يحسون بحمل ثقيل يجثم على صدورهم، وضيق شديد يعتري قلوبهم، فيتحينون أول فرصة ليتخلصوا من هذا الحمل، والغريب في تصرفاتهم أنهم قبل أن يكشفوا السر لأحد يطلبون منه أن يكتمه لأنهم وعدوا صاحبه ألا يبوحوا به لأحد!!
وفي مثل هؤلاء قال الشاعر:
ولا أكتم الأسرار لكن أذيعها *** ولا أدع الأسرار تعلو على قلبي
وقال آخر:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه *** فصدر الذي يستودع السر أضيق
وقال الحسن البصري: « إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك.» [إحياء علوم الدين /ج3]
وإن حفظ أسرار الإنسان الخاصة وكتمانها يقوي المودة والمحبة، ويديم العشرة والصحبة، ويمكن الإنسان من قضاء حوائجه، وتحقيق مصالحه. قال الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين: « اعْلَمْ أَنَّ كِتْمَانَ الْأَسْرَارِ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ النَّجَاحِ وَأَدْوَمِ لِأَحْوَالِ الصَّلَاحِ».
أما إفشاؤها وإذاعتها فيولد الحقد والضغينة، ويسبب الفرقة والعداوة، ويجعل حياة الإنسان جحيما لا يطاق.
لذلك دعا الإسلام إلى المحافظة على الأسرار ليكون المجتمع الإسلامي مجتمعا متينا، تربط بين أفراده وشائج التعاطف والتعاون، وتسود بينهم المحبة وقيم الخير، ويعيشون في أمان واطمئنان.
{نسأل الله أن يحفظ أسماعنا وأبصارنا وأفئدتنا، وأن يربط على قلوبنا وألسنتنا حتى لا نفكر إلا في الحق ولا ننطق إلا بالحق.}
والحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.