وزارة الحج والعمرة السعودية: إلغاء تصاريح بعض حجاج الداخل لعدم تلقي اللقاحات    غانتس يستقيل من حكومة نتنياهو ويعترف لعائلات الأسرى: فشلنا في إعادتهم    الانتخابات الأوروبية.. تصاعد اليمين المتطرف في ألمانيا وارتفاع نسبة المشاركة في فرنسا    الإمارات تدين الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة    منتخب الكونغو يشد الرحال إلى أكادير    طواف المغرب للدراجات .. الفرنسي ناربوني زوكاريلي يحرز اللقب    ألكاراس يتوج بلقب "رولان غاروس"    باب سبتة: ضبط أكثر من 500 كلغ من مادة المعسل المحظورة    الحسيمة.. وزير الفلاحة يطلق مشروع لغرس 630 هكتار من الصبار المقاوم للقرمزية (فيديو)    نحو 82 ألف مترشحا ومترشحة لاجتياز البكالوريا بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة برسم دورة 2024    استطلاع : أزيد من نصف الشباب المغربي يرغب في الهجرة ولو بطرق غير نظامية    الملك يبارك تنصيب الوزير الأول للهند    دراسة: 80 بالمائة من المواطنين المغاربة يثقون في أداء المؤسسة الأمنية    كتائب القسام لأهالي أسرى الاحتلال: حكومتكم تقتل عددا من أسراكم لإنقاذ آخرين    شغيلة الصحة تواصل التصعيد أمام "صمت الحكومة" على الاتفاق الموقع    مطار الحسيمة يستقبل رحلات جوية سياحية من لشبونة البرتغالية    استطلاع: ثلثا المغاربة لا يثقون في أخنوش وحكومته    منظمة الصحة العالمية تحذر من احتمال تفشي وباء جديد    افتتاح مهرجان الفيلم الوثائقي (فيدادوك) بأكادير    تقرير.. تراجع ملحوظ في دعم التطبيع واهتمام متزايد بالقضايا الاقتصادية والفساد بالمغرب    سوق الصرف: الدرهم شبه مستقر مقابل الأورو (بنك المغرب)    فيدرالية اليسار تقود ائتلافا لدعم "حراك فكيك"        مزراوي مرشح لمغادرة نادي بايرن ميونيخ    جازابلانكا.. حفل اختتام رائع للدورة 17 يمزج بين إيقاعات الكناوي وموسيقى الفوزين    أعمال كبار الفنانين المغاربة تزين أروقة متحف الفن الحديث المرموق في باريس    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    تطوير مدرسة Suptech Santé.. مؤسسة البحث والتطوير والابتكار في العلوم والهندسة تتجاوز عتبة مهمة بين سنتي 2023 و2024 ( أزولاي)    تواصل ارتفاع أسعارها يصعب على المغاربة اقتناء أضاحي العيد..    المقالع بالمغرب تتعرض للاستغلال المفرط و تعاني من ممارسات الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل ( المجلس الاقتصادي والاجتماعي)    الدفاع‮ ‬والصحراء والتبادل التجاري: ‬البرازيل في‮ ‬استراتيجية المغرب الدولية... ‬والعكس‮!‬    هكذا عرفت الصين.. محمد خليل يروي قصة الفرق بين الصين في الثمانينيات واليوم    انطلاق بيع تذاكر مباراة المغرب والكونغو    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    جمعية سلا تُحرز كأس العرش لكرة السلة    مهرجان صفرو يستعرض موكب ملكة حب الملوك    هذه تفاصيل أطروحة جامعية لفقيد فلسطيني خطفه الموت قبل مناقشة بحثه    البلجيكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع برسم الانتخابات التشريعية الجهوية والأوروبية    استطلاع رأي.. أزمة تدبير الغذاء تعصف بثلثي المغاربة    زينب قيوح تترأس أشغال لقاء تواصلي حول برنامج التنمية الجهوي 2022-2027 لجهة سوس ماسة    عبد السلام بوطيب يكتب : في رثاء نفسي .. وداعا "ليلاه"    تواصل المطالب بالإرجاع الفوري للأساتذة الموقوفين وزملاؤهم يحملون الشارة الحمراء ويلوحون بالتصعيد    بحضور أمزازي وأشنكلي .. النادي الملكي للتنس بأكادير ينظم، لأول مرة بأكادير، البطولة الدولية للتنس لفئة الشباب أقل من 18 سنة، بمشاركة 24 دولة.    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    نقابة تدخل على خط منع مرور الشاحنات المغربية المحملة بالخضر إلى أوروبا    نتنياهو: لن نهدأ حتى نكمل المهمة ونعيد جميع الرهائن    إعفاء مفاجئ لمدير ديوان الوالي أمزازي    رحلات أبولو: من هم رواد الفضاء الذين مشوا على سطح القمر ولا يزالوا على قيد الحياة؟    العلامة التجارية الرائعة في تسويق السيارات المستعملة Auto 24 تفتتح فرعا لها بمدينة الجديدة    ندوة بالناظور تدرس ميزانيات الجماعات    هؤلاء أهم النجوم الذين يُتوقع اعتزالهم بعد يورو 2024    ماذا يحدث لجسم الإنسان حال الإفراط في تناول الكافيين؟    موسم الحج 1445: السلطات السعودية اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمان    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة    الأمثال العامية بتطوان... (619)    فيتامين لا    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امحمد بن عبود: المآثر التاريخية للمدينة العتيقة بتطوان تعرف تدهورا
نشر في بريس تطوان يوم 16 - 07 - 2020

س. كيف ترى إشكالية إنقاذ التراث الثقافي لمدينة تطوان العتيقة وماهي الأولويات التي يجب التركيز عليها؟
ج . تعتبر مدينة تطوان العتيقة من أجمل المدن التاريخية في المغرب ولكن مآثرها التاريخية في المغرب تعرف تدهورا مما يطرح ضرورة ترميمها بحدة.
أولا، يجب إحصاء جميع المآثر التاريخية ثم يجب وضع برنامج لترميمها -في المدى القريب و المدى البعيد- لأن التعامل مع التراث يتطلب التأني والانضباط ولا يقبل الاستعجال والعشوائية.
ثانيا، يجب التركيز على التدخل مع اختيار المشاريع ذات التأثير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
المشاريع الثقافية مهمة ولكن يجب استثمار التراث الثقافي اقتصاديا.
* يجب معالجة مشكل تنظيم التجارة في المدينة العتيقة. لا يمكن للسياحة أن تنتعش بدون ضمان الأمن. أتساءل، ألا يمكن للسلطات التي أقفلت باب سبتة أن تجد حلا جذريا لمشكل الباعة المتجولين؟
ألا يمكن وضع رقم على كل متجر في المدينة العتيقة لوضع نهاية لظاهرة تحويل المنازل الخاصة ذات القيمة التراثية إلى متاجر؟ لماذا لا يتم إنشاء أسواق لطيفة على غرار سوق الحوت والسوق الذي أنشأ في حي الطرانكات بدل تأسيس أسواق القرب داخل أسوار المدينة؟
* هناك مآثر تاريخية تنفرد بها مدينة تطوان تتعرض الآن للإهمال والانهيار وهي مآثر تاريخية من شأنها أن تساهم بشكل فعال في إنعاش الحركة السياحية وخلق فرص الشغل للساكنة. أعني تحديدا سجن المطامر ودار ابن مرزوق الذي تطالب جمعية تطاون بترميمها لإنشاء متحف المطامر. يتعلق الأمر بكنيسة وسجن من القرن 16م.
ويتعلق الأمر بأهم مشروع يمكن إنجازه ليس فقط لإنقاذ معلمة تاريخية فريدة من نوعها بل لأن هذا المتحف سوف يجلب الزائرين المغاربة والأجانب من جميع أنحاء العالم.
* إن المقبرة الإسلامية لتطوان مقبرة تاريخية يعود بناؤها إلى تأسيس المدينة العتيقة. فيها معالم تاريخية فريدة كمقابر المجاهدين الغرناطيين الذين بنو المدينة منذ القرن 16م.
توجد هذه المقبرة خارج أسوار المدينة العتيقة. تحتاج هذه المقبرة إلى ترميم يراعي بعدها التاريخي والتراثي كما يجب على أي تدخل فيها أن يركز على أبعاد متعددة كمسألة الأمن و الإنارة والتنظيف والحفاظ على طابعها التاريخي واحترام موقعها الجميل المطل على البحر واستغلاله. كما يجب على أي تدخل أن يشتمل جميع مناطق هذه المقبرة الكبيرة بدل تهيئة جزء منها دون الأجزاء الأخرى حتى لا يؤدي ذلك إلى خلل في التوازن. يجب التعامل مع هذه المقبرة بصفتها جزءا من تراث المدينة العتيقة.
* تعتبر المنازل الخاصة من أهم مآثر تطوان ولذلك يجب اعتبار ترميمها من بين الأولويات إذا كان مشكل ترميم المنازل الآيلة للسقوط من أخطر المشاكل التي تهدد سلامة الساكنة مما يفرض تدخلا عاجلا، فهناك منازل تعد بالمآت يجب ترميمها اعتبارا لقيمتها التراثية.
إن التعامل مع هذه المنازل التي يعود بعضها إلى كل قرن من القرون الخمس الأخيرة، يتطلب دراية بتاريخ المدينة وعمرانها وكذلك بالتقنيات التقليدية لترميمها، لذلك فإن إشكالية الحفاظ على هذه المنازل وترميمها من أهم الأولويات للحفاظ على التراث الثقافي والمعماري لمدينة تطوان العتيقة. وعند ترميم هذه المنازل يجب منحها وظائف جديدة من شأنها الحفاظ عليها.
* إن كان إنجاز مشاريع الترميم هام وضروري، يجب أن يستمر طول السنة لمواكبة ظاهرة تدهور المآثر التاريخية.
يمكن تحقيق هذه الخطة إذا تم إشراك بعض الجمعيات المهتمة بالتراث كجمعية تطاون أسمير، في هذه المشاريع، لأن المجتمع المدني مهتم بالحفاظ على تراث المدينة العتيقة الثقافي وتوظيفه للإنعاش الإجتماعي والإقتصادي في نفس الوقت.
س . كانت جمعية تطاون أسمير عضوا في لجنة تتبع المشروع الملكي لترميم مدينة تطوان العتيقة من 2011 إلى 2014. وكانت تحضر في عدد من اجتماعات لجنة التتبع كممثل للمجتمع المدني. فما رأيك في ذلك المشروع وأهميته للحفاظ على التراث الثقافي لمدينة تطوان العتيقة ؟
ج. كان مشروعا رائعا نظرا لمشاركة جميع الوزارات والوكالات والمؤسسات الرسمية فيه. علاوة على بعض جمعيات المدينة المهتمة بترميم المدينة العتيقة. إن المجهود الذي بذل لتنفيذه كان مجهودا جبارا وكان للسيد الوالي محمد اليعقوبي فضل كبير في انطلاقته وفي تنفيذ ما تحقق منه، مع العلم أن المشروع يحظى بتزكية جلالة الملك، وكان موقف الجمعية موقفا مؤيدا لهذا المشروع لأن مدينتنا العتيقة صنفتها منظمة اليونسكو تراثا عالميا وهي بحاجة ماسة إلى الحفاظ على تراثها الثقافي والمعماري الذي أصبح مهددا.
س. خصصت للمشروع الملكي الأول للحفاظ على مدينة تطوان العتيقة ميزانية ضخمة قدرها 315 مليون درهم وكان من المقرر أن تخصص لتمول مجموعة من المشاريع ما بين 2011 و 2014. فماذا تحقق وماذا لم يتحقق من ذلك ؟
ج. هذا صحيح. صرف حسب تقديري %30 من تلك الميزانية ولم تصرف %70 منها. من المؤكد أن على الأقل نصف تلك الميزانية لم يصرف خلال المدة المخصصة لصرفها أي من 2011 إلى 2014. الجانب الإيجابي هو أن ما يصرف كان مهما جدا، لأن مدينة تطوان العتيقة كانت بأمس الحاجة إلى تجديد البنية التحتية التي وصلت إلى وضعية خطيرة جدا. تم تجديد حوالي %90 من شبكة الصرف الصحي والماء الصالح للشرب وشبكة ماء السكوندو وشبكة الهاتف والكهرباء. وتم ترميم الشوارع والساحات العمومية بالحجر مثل العيون والطرنكات وساحة الغرسة الكبيرة. ولكن هناك أحياء برمتها لم ينجز فيها هذا المشروع كليا، منها حي الملاح وحي الطالعة وحي السانية، فما زالت شوارعها بحاجة إلى الترميم. إنطلقت هذه السنة عملية ترميم بعضها في إطار المشروع الملكي الجديد. على كل إن تجديد البنية التحتية للمدينة العتيقة ما بين 2011 و 2014 كلف ميزانية هامة لم يصرف مثلها في المدينة العتيقة منذ الاستقلال سنة 1956 إلى 2011 ولكن الجانب السلبي هو ما لم يصرف من الميزانية المخصصة لذلك المشروع. إن جلالة الملك دشن هذا المشروع في دجنبر 2011 لينفذ و الواقع هو أن جزءا هاما منه لم ينفذ.
لذلك دشن جلالة الملك مشروعا جديدا لترميم مدينة تطوان العتيقة خصصت له ميزانية قدرها 350 مليون درهم.
وإن كانت أقل من ميزانية بعض المدن الأخرى كفاس ومكناس ومراكش، فإن المبلغ مهم بالنسبة لمدينة تطوان العتيقة ولا يمكن لجمعية تطاون أسمير إلا أن ترحب به.
س. ما رأيكم في الميزانية المخصصة للمشروع الملكي الجديد الذي خصصت له ميزانية ضخمة ما بين 2019 و 2023 ؟.
ج. إن هذه الميزانية كافية ولكن تخوفنا في الجمعية يكمن في طريقة صرفها. لا بد أن تطرح مجموعة من التساؤلات في هذا الشأن: هل تتوفر فعلا هذه الميزانية كاملة ؟
س. ما هي المشاريع التي سوف تخصص لتمويلها ؟
ج. إننا نعرف بعض المشاريع ولا نعرف جميع تفاصيلها. بل إن عددا من هذه المشاريع لا زالت في طور الإنجاز وهذا معناه أن لا أحد يعرف تفاصيلها. ونتساءل هل تعمل الإدارة في سرية وما هو دور لجنة التتبع ؟ هل دورها الاقتراح والنقد البناء أم الموافقة على ما يقرر في الإدارات و تنفيذ الأوامر التي تأتي من الرباط ؟
على كل هذا سلوك خاطئ، في رأينا لأن جميع المشاريع تظهر على أرض الواقع ولا يمكن إخفائها.
في هذه الحالة هل المجتمع المدني يعتبر قوة إقتراحية حقيقية تؤخذ ملاحظاتها بجدية ؟
س. ما رأيك في البعد السياسي للمشروع الملكي لإنقاذ مدينة تطوان العتيقة ؟
ج. فعلا هناك بعدا سياسيا لهذا المشروع بالذات لأنه يحظى بالدعم الكامل لجلالة الملك وهذا شرط أساسي لإنجاز أي مشروع من هذا النوع فهو مهم للغاية.
كما يجب مراقبة وثيرة أشغال الترميم. ولكن هناك جوانب أخرى للمشروع لا يجب إغفالها.
أولا ، لقد عبر المجتمع المدني عن دعمه الكامل لهذا المشروع ولقد كانت مواقفنا من هذه الناحية واضحة في جمعية تطاون أسمير ومازال موقفنا ثابتا. وهذا شرط مهم. الهدف من المشروع في نهاية المطاف هو الحفاظ على المدينة العتيقة لسكانها من أجل رفع مستواهم الاقتصادي والحفاظ على التراث التفافي والمعماري للمدينة العتيقة الذي يعتبر جزءا من هويتهم الثقافية الوطنية.
س. يشاع أن جلالة الملك قد يزور المدينة العتيقة في شهر أبريل المقبل ليطلع على أشغال الترميم في المدينة العتيقة.
ج. سيكون ذلك إيجابيا وسوف ترحب به ساكنة المدينة العتيقة كما فعلت في زيارة 2011. ولكن لا يجب على أشغال الترميم أن ترتبط بالزيارات الملكية فقط بل يجب أن تستمر مجانبة لتدهور عمران المدينة و بناياتها التاريخية.
س. وما رأيك في دور الإدارة ؟
ج. إن الإدارة مكلفة بالإشراف على إخراج المشروع للوجود وتدبيره والتنسيق بين الأطراف المتعددة المسؤولية على إنجازه. وهذا أمر معقد نظرا لطبيعة الإدارة نفسها وكذلك لمشاكل التنسيق بين أطرافها وبين إدارة و إدارة أخرى. المشكل الإداري معقد جدا. وهو مشكل سياسي إذا اعتبرنا أن رؤساء الجماعات الحضرية ونوابها المنتخبون يمثلون الأحزاب السياسية. كما أن المسؤولين الإداريين لهم مسؤولية أمام وزاراتهم و كذلك الأحزاب السياسية مع الدوائر العليا وحتى النقابات.ولكنني أفضل أن أنظر إلى الجانب السياسي للمشروع الملكي من زاوية أخرى وهي الزاوية التي ينطلق منها المجتمع المدني.
إذا كان المشروع الملكي مشروعا إيجابيا يسانده الجميع على مستوى الخطاب وإذا حصل عليه الإجماع فيجب أن نتعامل معه انطلاقا من مقاييس احترافية. المشكل هنا وهو سياسي، إن السلطات المحلية المشرفة على تنفيذ المشروع تعتمد الطرح الأمني بالدرجة الأولى وكثيرا ما يكون ذلك على حساب المقاييس الموضوعية للحفاظ على التراث الثقافي للمدن العتيقة. وهذا هو المشكل الذي تتخبط الإدارة المركزية والجهوية والمحلية فيه، إن مشاكل المدن العتيقة المغربية جميعا بما فيها تطوان، هي مشاكل تتمحور أغلبها حول التخطيط والتشريع والتدبير والتمويل وخصوصا مسألة ترميم المآثر التاريخية. لهذا فإنني أنطلق دائما من المستوى المركزي عندما أحلل أوضاع مدينة تطوان العتيقة كنموذج لباقي المدن المغربة العتيقة.
أرى بأن الإدارة بحاجة إلى التجديد إذا أرادت أن تجد حلولا حقيقية لمشاكل ترميم المدن العتيقة وترميم مآثرها التاريخية اعتمادا على مواد وتقنيات تقليدية، وذلك لن يحدث إلا بالرجوع إلى المتخصصين في الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري لمدننا العتيقة كما يجب أخد خصوصة كل مدينة عتيقة. وإلا فكيف نعتمد نفس المواد والتقنيات لترمم الأقواس في منازل مدينة فاس وهي مصنوعة من الجبص وأقواس مدينة الرباط وهي مصنوعة من الحجر؟ وكيف تكلف شركات غير متخصصة بترميم الزليج التطواني في المساجد والزوايا و المنازل الخاصة والسقايات العمومية. وأصحاب هذه الشركات لا يفرقون بين الزليج التطواني و الزليج الفاسي ؟
ستكون النتيجة سلبية وهذا ما يحصل. بل يعتمدون الزليج العصري في الترميم ويستعملون ألوانا لا تنطبق مع الزليج التقليدي، لا في تطوان ولا في مكناس ولا في أي مكان. هكذا يندثر التراث.
س. هل يجب للإدارة أن تتعاون مع بعض الجمعيات للتغلب على مشاكلها؟
ج. نعم هذا شرط أساسي ما دام الأمر يخص مصلحة مشتركة. إن التعاون حاصل، ولكن يجب تطويره.
س. كيف ترى انطلاقة المشروع الجديد هو يهدف إلى استكمال ما لم يتحقق في المشروع الملكي الأول، مع إضافات جديدة.
ج. أولا. يجب مجانبة بعض الأخطاء التي ارتكبت في تدبير المشروع الملكي الأول.
ثانيا، يجب تحديد الأولويات بالتنسيق مع المجتمع المدني وليس في إدارات وراء أبواب مغلقة.
ثالثا، يجب تنفيذ ما يتم تقريره والإعلان عن تنفيذه.
رابعا، يجب على لجنة التتبع أن تمارس مهمتها على أرض الواقع.
خامسا، يجب صرف الميزانيات بطريقة عقلانية.
سادسا، يجب اعتبار التراث الثقافي لمدينة تطوان العتيقة من بين الأولويات. ويجب اعتبار العنصر الاجتماعي من بين الأولويات، أيضا لأن الترميم يتم لصالح السكان ومن أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية عن طريق إنعاش السياحة وخلق مناصب جديدة للشعل مثلا. هناك معادلة لا يجب إغفالها وهي ضرورة ترميم التراث مع توظيفه واستثماره.
سابعا، يمكن إشراك بعض الجمعيات ذات التجربة في مجال الحفاظ على التراث والتي تعتبر جمعية تطاون أسمير على رأسها في إنجاز بعض المشاريع التي لها تجربة ايجابية في مجالها، وعلى رأسها ترميم المنازل الخاصة في مدينة تطوان العتيقة. أنجزنا مشروعا رائدا في هذا المجال هو ترميم خمسة منازل من خمسة قرون. إلا أن مشروعنا هو عبارة عن نموذج للتدخل ولا يمكننا أن نعوض الدولة ونتدخل في مجالها. ولكن يمكن للدولة أن تستفيد من تجربتنا إذا اقتنع أصحاب القرار بذلك.
هناك نتيجة لم يقتنع بها عدد من الناس رغم وضوحها. وهي فشلت الدولة في تعاملها مع التراث الثقافي والمعماري للمدن العتيقة على المستوى الوطني. ولذلك على المسؤولين أن يبحثوا عن بدائل على المستوى المحلي ليعمم تطبيقه على الصعيد الوطني. هذا واضح انطلاقا من الطرح الذي يركز على الحفاظ على التراث الثقافي ولكنه ليس واضحا بالنسبة للذين يتعاملون مع التراث انطلاقا من المنظور الأمني. إن التراث لا يشكل أي خطر على أحد، بل إن الإهمال وسوء التدبير هو الذي يهدده باندثاره. ولذلك لابد من التعاون بين الإدارة والمجتمع المدني في مجال الحفاظ على تراث مدننا التاريخية. إنني أتكلم انطلاقا من تجربة جمعية تطاون أسمير في مجال التراث، فنحن نعتبر تراث المدينة العتيقة من بين الأولويات منذ تأسيسنا لهذه الجمعية سنة 1995.
س. كيف تلخص الوضعية الراهنة لتطور أشغال المشروع الملكي الجديد (2019-2023)؟
ج. انطلقت بعض المشاريع ولم تنطلق مشاريع أخرى. انطلقت أعمال ترميم أزقة حي الملاح بشكل جيد فنرجو أن تنطلق أشغال ترميم أحياء شعبية أخرى كحي السانية وحي الطلعة. وهناك بعض الهفوات التي يجب تصحيحها كترميم شارع المطامر وهو شارع تجاري مهم، خصوصا الجزء الذي يوجد فوق سجن المطامر. ما زلنا ننتظر انطلاقة أعمال هذا المشروع.
وانطلقت أشغال الضلالات الخشبية في عدد من الأحياء التجارية من باب العقلة إلى ساحة المصداع وفي شارع العيون وشارع الطرانكات، فشكل ذلك إضافة إيجابية. وانطلقت أيضا أشغال ترميم السقايات فأرجو أن يتقنوا العمل هذه المرة.
وهناك مجموعة من المآثر التاريخية التي انطلقت أشغالها كترميم دار البومبا وقصبة جبل درسة وكذلك ترميم المقبرة الإسلامية الكبرى. كل هذا تحرك في شهر يوليوز الماضي عند وصول جلالة الملك إلى تطوان لقضاء جزء من عطلته الصيفية. ما زالت الحركة قائمة فهناك إشاعات حول زيارة مقبلة لجلالة الملك إلى تطوان. لذلك نرجو أن تنطلق أشغال المشاريع الأخرى حتى يتطلع الملك على تطورها.
إن جل المشاريع الهامة ضمن المشروع الملكي مازالت متعثرة أو لم تنطلق أشغالها لحد الآن ومنها ترميم متحف المطامر ودار ابن مرزوق. وترميم المنازل الآيلة للسقوط ومشروع التشوير وتنظيم التجارة و إيجاد حل لمشكل الباعة المتجولين وتفعيل إنعاش السياحة في المدينة العتيقة. لقد طالت مدة دراسة هذه المشاريع وإننا ننتظر تفعيلها قريبا إن شاء الله، فيجب احترام المدة المحددة لإنجاز المشروع الملكي هذه المرة وهي المدة الممتدة ما بين 2019-2023 . وإلا لماذا تم تحديد مدة إنجاز المشروع الملكي؟
انطلقت أعمال مشاريع هامة للترميم ضمن المشروع الملكي ولكن المشكل يكمن في عدم إتقان إنجازها ويعود هذا إلى مجانبة المسؤولين للاستشارة مع أعضاء المجتمع المدني.
إننا متفائلون جدا بنتائج المشروع الملكي الجديد. كما نعتبر هذا المشروع مهما ليس لمدينة تطوان فحسب بل بالنسبة لجميع المدن العتيقة المغربية لأننا نبحث جميعا عن النموذج المثالي للتعامل مع تراث المدن التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.