إعادة انتخاب المغرب لرئاسة الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات    تصاعد الخلاف بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، والجيش المصري يجري تدريبات "بالذخيرة الحية"    هذه نتائج التحقيق الأولي في أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم لمبتوري الأطراف (مصر 2024).. المنتخب المغربي يبلغ نصف النهائي بفوزه على مصر 4-2    طقس الجمعة.. أمطار ورياح قوية بهذه المناطق من المملكة    انهيار كارثي لعمارة بمدينة الدار البيضاء يهز قلوب المغاربة    أطعمة تسبب تورم الجسم في فصل الصيف.. تعرف عليها!    مطار تطوان يسجل عبور حوالي 70 ألف مسافر حتى متم شهر أبريل    حوالي 470 مستفيدا من دعم المالي للسكن بجهة طنجة تطوان الحسيمة    الطالبي العلمي يمثل الملك في تشاد    الملك يدعو الحجاج المغاربة إلى تمثيل المملكة أكمل تمثيل والتحلي بقيم الإسلام المثلى    رفع ستار الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    أسعار النفط تتراجع لليوم الرابع على التوالي.. وتراجع بالسنتيمات في المغرب    هيئة الحكم ترفض تمتيع المتهمين في ملف "اسكوبار الصحراء" بالسراح المؤقت    المطالبة بعقد الزواج.. الفنادق تواجه تهم المس بخصوصيات الزبناء    الخوف من الركراكي "يُخرس" مدرب الكونغو    الوزير آيت الطالب يستقبل السفير الإيطالي ومسؤولي مؤسسة "ماما صوفيا"    سفارة المغرب بالأردن تكرم عموتة وطاقمه المساعد    كرة القدم: المنتخب الوطني لأقل من 18 سنة يشارك في دوري دولي بإنجلترا ما بين 24 و26 ماي الجاري    بعد تنصيبها من طرف الطالبي العالمي.. لجنة تحكيم جائزة الصحافة البرلمانية تواصل أشغالها    الاعتراف المتجدد بدولة فلسطين    "الأسد الإفريقي 2024".. تمرين لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    "زيادة البوطة".. الحكومة: نستهدف دعم الفقراء والأغنياء كانوا يستفيدون من 12 مليار درهم    78 رحلة تؤمن قضاء 34 ألف مغربي لمناسك الحج لعام 1445    عقبة واحدة تقف أمام الزمالك المصري للتعاقد مع بنشرقي    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالانخفاض    بايتاس: الدعم الاجتماعي يصون كرامة الفقراء.. و60 بالمائة من الأسر مستفيدة    مرسوم يعزز السياحة الثقافية بالمملكة    من قلب فرنسا..فصل جديد من صراع الجزائر والمغرب    باريس سان جيرمان يغري حكيمي بحلم مبابي    مصرع عامل بناء بعد سقوطه من أعلى فندق قيد الإنشاء بطنجة (صور)    هذه هي الأسماء التي تم تعيينها في مناصب عليا    زوبعة إثر تبرئة المتهمين بتبديد أموال البرنامج الاستعجالي    برنامج "Go سياحة".. إقبال كبير للفاعلين مع تلقي 430 طلبا للتمويل والدعم التقني    علاج جديد مبتكر قد يعالج الشلل الناتج عن كسر في الرقبة    مرسوم جديد يسمح بالقبول المؤقت لأعمال الفن والتحف من الخارج في معارض غير ربحية    بسبب هذه اللقطة.. توقيف المصارع الريفي جمال بن صديق لمدة 6 أشهر    اختلاسات مالية تُطيح بنائب جديد لرئيس جماعة تطوان    مدريد.. الطالبي العلمي يشارك في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    أساتذة بتطوان يطلبون "إسقاط التطبيع"    دراسة: حقنة الظهر تقلل خطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة    التغذية الصحية .. هكذا يمكن الحد من خطر الإصابة بألزهايمر    البنوك المغربية رائدة النمو المالي والاقتصادي في إفريقيا.. موجودة في أكثر من 30 بلدا أفريقيا    نادي وست هام يتعاقد مع المدرب الإسباني لوبيتيغي    الملك يوجه "ضيوف الرحمن" بضرورة تمثيل بأفضل صورة خلال موسم الحج        هجان" يفتتح فعاليات مهرجان روتردام للفيلم العربي    الشاعر والإعلامي المغربي محمد بشكار يطلق ديوانه السادس "امرأة بتوقيت الأبد"    سفارة المغرب بموسكو تنفي صحة بلاغ حول الجالية الطلابية بمدينة ساراتوف    جمعية طبية تكشف أسباب حُرقة المعدة وسبل الوقاية والعلاج    بركة يؤكد من بالي أن المغرب مصمم على تعزيز قدرته على التكيف مع التغيرات المناخية    تدشين مخيم توبقال ويركان البيئي للصمود    المهرجان الدولي للفيلم "الرباط- كوميدي" في نسخته الخامسة    الوزير الأسبق محمد بنعيسى ضمن أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية الذين استقبلهم السيسي    وزارة الحج والعمرة… إيقاف تصاريح العمرة ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    ابتداء من اليوم.. السعودية تمنع دخول مكة المكرمة أو البقاء فيها    نجوم دوليون يخطفون الأنظار بدعمهم لفلسطين في مهرجان كان السينمائي    المملكة المتحدة تتوجه لانتخابات عامة مبكرة في يوليو المقبل.. فماذا نعرف عنها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثراء خاص وبؤس عمومي وكارثة بيئية بالناظور
نشر في ريف بوست يوم 27 - 12 - 2009

يتغير كل شيء ولا يتغير الناظور الذي يبقى وفيا لسياسة الإهمال والتهميش و اللامبالاة المفروضة عليه منذ أمد بعيد مما جعل المنطقة تعاني من مشاكل هيكلية متعددة، بالرغم من توفر المنطقة على مؤهلات طبيعية مهمة وكذا نسيج اقتصادي متنوع بالاظافة إلى الموقع الجغرافي المتميز للناظور على واجهة بحرية طولها 180 كلم.
موقع مدينة الناظور التي يطلق عليها جزافا ب " بوابة أوربا " من خلال تواجدها على واجهة الاتحاد الأوربي، وعلى واجهة بحرية مهمة جعلها تستقطب أعداد متزايدة من الساكنة لتعرف توسعا عمرانيا مكثفا في مدة وجيزة وفي ظروف لم تراع فيها مقتضيات التخطيط الحضري وقوانين التعمير وضوابط البناء، وبوتيرة عجزت فيها التجهيزات الأساسية والمرافق الاجتماعية عن مواكبة تطور المدينة وانتشار أحيائها، مما جعلها عاجزة عن الاستجابة للحاجيات الأساسية للساكنة في الميادين الثقافية والاجتماعية والرياضية والترفيهية.
ساعتان ونصف من الوقت على متن سيارة أجرة، هي المدة الفاصلة بين مدينة وجدة المحاذية للشريط الحدودي المغربي الجزائري ومدينة الناظورالمتاخمة لمدينة مليلية المغربية المحتلة، وعبر الطريق المزدوجة كانت تتراءى الناظور للركاب والبنايات تشيد على يمين ويسار الطريق.
بين مدينة وجدة والناظور كانت ترتسم ل " حمزة " صورة مخالفة لما توجد عليه المدينة ، خصوصا وانه لم يزرها من قبل، وانه هذا اليوم الأول الذي يتمكن فيه من زيارة المدينة لكونه ينحدر من مدينة الدار البيضاء.وقد كان " حمزة " يتحدث عن الناظور وكأنها تنتمي إلى عالم أخر غير الموجودة به وعن أناسها الذين قال عنهم بأنهم " أريافة أ واعرين " و مختلفين عن أناس " الداخل " ، وبان لديهم أموالا كثيرة راكموها من خلال تجارتهم بالتهريب و المخدرات .
مع طوي سيارات الأجرة للمسافات كان الحديث الدائر بالسيارة حول الناظور يوضح الصورة أكثر ل " حمزة " ويجعله يغير نظرته حول المدينة وسكانها، وكان سائق سيارة الأجرة هو سيد النقاش بدون منازع يتكلم عن الناظور بمضاضة وبين الفينة والأخرى كان يعقد المقارنة بين المدينة ومدينة مليلية المحتلة التي لايفصل بينهما أكثر من 14 كلم إلا أن الفرق بينهما في التجهيزات يقاس بالزمن الضوئي.
يقول سائق سيارة الأجرة بلكنة امازيغية " الناظور ما أبقى فيه والو، التجارة ماتت و كلشي مشا " ويضيف قائلا بانفعال شديد " مدينة الناظور قد علاها الصدأ وأصبحت بقرة حلوب للمسؤولين الذين يتناوبون عليها ليراكموا الثروات، دون تقديم أي شيء لساكنة المنطقة الذين عانوا من التهميش " .
كانت حدة النقاش تزداد داخل سيارة الأجرة والمسافة تتقلص نحو الناظور، ومع هذا كان أول انطباع للزائر الجديد حول مدينة سمع عنها الكثير، تلك الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف والمنبعثة من " وادي بوسردون " الموجود بمدخل المدينة ليبقى معه المشكل البيئي من أهم المشاكل التي تؤرق ساكنة المدينة.
لفضتنا سيارة الأجرة بمحطة الطاكسيات المقابلة للمحطة الطرقية التي تعرف يوميا توافد أزيد من 120 حافلة على المدينة من مختلف مناطق المملكة إلا انه وبالرغم من الأهمية الكبرى التي تكتسيها مدينة الناظور فإنها تظل عبارة عن مدشر كبير تغيب به مقومات مدينة حضرية.
ومن خلال نظرة سريعة لمدينة الناظور يتضح بأنها مثقلة بالمعوقات التي لا تبعث على الاطمئنان بخصوص مستقبل المدينة مما يجعل المشاريع الكبرى التي من المنتظر إنجازها لا تفي بالغرض المطلوب ولا تستطيع إنتاج الأهداف المتوخاة منها وإشاعة التنمية في ظل بيئة حضرية ناقصة التكوين ونسيج عمراني تغلب عليها العشوائية مع تسجيل ملاحظ لغياب التجهيزات الطرقية اللازمة لهيكلة الاقتصاد المحلي وتفعيل أدائه.
وبما أن تضاعف ساكنة المنطقة يستلزم مضاعفة مجموعة من التجهيزات الأساسية والاجتماعية والسكنية لمواجهة حاجيات التزايد الديمغرافي من حيث السكنى والتمدرس والعلاج.فانه و منذ عهد الاستغلال تظل أغلبية الطرق بالإقليم جنينية لم تعرف أي تغيير بالرغم من إنجاز أغلبيتها حديثا مما يبين طريقة عمل المسؤولين وتعاطيهم مع الوضع القائم بالمنطقة التي عانت الإهمال لأسباب تاريخية معروفة قد تم تجاوزها في الوقت الراهن مما يفرض سن سياسة إنمائية حقيقية بالمنطقة بعيدا عن الشعارات الجوفاء والكلام المعسول والوعود البراقة التي تنتهي مع أخر يوم من الحملة الانتخابية.
نسيج عمراني غير متوازن
يتميز النسيج العمراني لمدينة الناظور بعدم التوازن من حيث التجهيزات الأساسية التي تعرف نقصا ملحوضا في بعض مناطق المدينة إن لم نقل المدينة بأكملها، حيث نتجت هذه الوضعية عن انفجار العمران العشوائي الذي لم يخضع للمقاييس والمواصفات التنظيمية، باستثناء المركز القديم ( وسط المدينة ) الذي أحدث بناءا على هيكلة عمرانية منظمة، ويعتبر حاليا القطب الوحيد الذي يتميز بقدرته على ممارسة عملية الجذب و الاستقطاب والذي يشكل مركزا للتجمع ونقطة للتلاقي، حيث تتمركز به اغلب الأنشطة والخدمات الإدارية والتجارية والمهنية والترفيهية ...
ويمكن حصر أهم المظاهر السلبية التي تميز النسيج العمراني بالناظور في افتقار أغلبية الأحياء المنتشرة للتجهيزات الأساسية، فضلا عن وجود أحياء أخرى لم يتم ربطها بشبكتي الكهرباء والماء الصالح للشرب إلا في السنوات الأخيرة، وكذا عدم توفر الأحياء على هيكلة طرقية منظمة، حيث اغلب الممرات غير مهيأة وغير معبدة مع انعدام التجهيزات المخصصة لصرف مياه الأمطار، مما يجعل عدة مناطق معرضة لخطر الفيضانات أثناء التساقطات المطرية الهامة.
وينضاف إلى المظاهر السلبية المميزة للنسيج العمراني بالمدينة اللجوء إلى تجزيء الأراضي وتفتييت العقارات، وتحويلها إلى قطع أرضية صغيرة تتراوح مساحتها ما بين 100 و 500 مترا مربعا بدلا من الاحتفاظ بها مجتمعة والقيام بإحداث تجزئات سكنية فوقها طبقا للشروط والمواصفات العمرانية المطلوبة، بالاظافة إلى انفجار العمران العشوائي الغير المراقب في مختلف الاتجاهات مع تمركز ملحوظ للبناء على طول الطريق الرابطة بين مدينة الناظور وازغنغان في تازيم الوضعية القائمة وساهم في زيادة حدة الاختناق الذي تعاني منه مدينة الناظور.
وأمام الوضعية العمرانية الراهنة لمدينة الناظور أصبحت تتطلب تدخلا فوريا ومستعجلا من اجل إعادة هيكلة المدينة بشكل عقلاني ومنظم مما يستوجب تظافر جهود الجميع، من اجل إنجاح مشروع إعادة هيكلة المدينة، خاصة وان المحاولات السابقة لتأهيل مدينة الناظور اصطدمت بمعوقات واكراهات أدت إلى فشلها.
واقع بيئي خطير
يشكل الموضوع البيئي الذي تزداد خطورته يوما بعد يوم في ظل غياب أي إرادة حقيقية لحل المشكل والقضاء على مظاهر التلو ث، أحد المشاكل الرئيسية التي تؤرق ساكنة مدينة الناظور. وتشير العديد من الدراسات بأنه من المحتمل خلال السنوات القادمة بان تتحول مدينة الناظور إلى أكثر المدن تلوثا.
ويظل مشكل بحيرة " مار تشيكا " ( البحر الصغير ) من اكبر المشاكل البيئية التي يعرفها الناظور من خلال أطنان النفايات والواد الحار التي تصب يوميا ببحيرة مار تشيكا مما يجعل الأمر ينذر بكارثة بيئية، تستهدف الأحياء المجاورة والسكان.
ومن خلال المشاكل البيئية الكبيرة التي تعرفها مدينة الناظور، تبدو المدينة كما لو أقيمت على قناة مكشوفة للواد الحار.
وتستقبل بحيرة " مارتشيكا " نفايات الواد الحار للجماعات المتواجدة على طول واد كبايو ( بني بويفرور، جعدر، احدادن وازغنغان ...)، هذا في الوقت الذي كانت فيه البحيرة في بادىء الأمر جزء من البحر الأبيض المتوسط، وبفعل عوامل طبيعية تتجلى في ترسب الرمال حول صخرة كانت تدعى " تزروت اوغيول " ( صخرة الحمار) وبسبب ذلك انفصلت عن البحر الأبيض المتوسط وبقيت فتحة بوقانا هي التي جهلت الاتصال قائما مع المتوسط، وتبقى التيارات البحرية هي المجددة لمياه البحيرة، في حين تبقى المنطقتان المقصيتان بكل من قرية اركمان وبني أنصار في معزل عن هذه الحركية.
وتعمل الأودية المفرغة في بحيرة " مارتشيكا " على حمل مواد سائلة وصلبة، وتبقى خطورة الأخيرة أكثر حدة لاحتوائها على مواد غير قابلة للتحلل ( البلاستيك، المطاط، المواد الغذائية ).
وتحتوي البحيرة على أطنان من مادة البلاستيك ونفايات الفلاحة التي تشكل خطورة على التوازن الايكولوجي للبحيرة.
وأمام التلوث البيئي الذي تعرفه بحيرة مارتشيكا، يظل سكان الأحياء المجاورة يعيشون أوضاعا مأسوية بفعل انبعاث الروائح الكريهة التي لها اثر على صحة السكان، خاصة الأطفال منهم، كما أن مجموعة من الأحياء غير المربوطة بشبكة الواد الحار تصب مباشرة في بحيرة مارتشيكا بدون تطهير.
وبفضل تكاثر السكان والتطور العمراني سيصل الوقت الذي ستبقى فيه البحيرة غير قادرة على استيعاب الكميات الكثيرة من التلوث الذي يصلها، وهذا الأمر سيكون له أثر بليغ على صحة السكان ، كما سيحرم حوالي من 400 عائلة من كسب قوتهم اليومي عن طريق الصيد البحري في البحيرة ، هذا ما يجعل مستقبل هذه الفئة مهددا والأسماك غير صالحة للاستهلاك .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.