الدرهم يرتفع بنسبة 0.85 % مقابل اليورو    الجمعية المهنية تكشف عدد مبيعات الإسمنت خلال أبريل    اليابان عازمة على مواصلة العمل من أجل تعاون "أوثق" مع المغرب    حكيمي ثاني أفضل إفريقي في "الليغ 1"    المنتخب المغربي يستقبل زامبيا في 7 يونيو    سائق سيارة يدهس مواطنين في أكادير    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    أحزاب الأغلبية ترشح التويمي لخلافة بودريقة في رئاسة "مرس السلطان"    نواب بالبرلمان يرفضون "الانتقام" من أساتذة التدريس وبنموسى يدافع عن حرمة المؤسسات    جائزة الحسن الثاني ل"التبوريدة" من 27 يونيو الجاري إلى 3 يوليوز المقبل بدار السلام بالرباط    الاتحاد الأوروبي يرضخ لمطالب المزارعين ويقر تعديلات على السياسة الفلاحية المشتركة    أمن ميناء طنجة يحبط تهريب الآلاف من الأقراص الطبية    "التسمم القاتل".. ابتدائية مراكش تؤجل المحاكمة وترفض السراح المؤقت للمتهمين    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    أوكرانيا تقر بالنجاح التكتيكي لروسيا    المغرب يحتفي بالذكرى ال68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    صحيفة "ماركا" الإسبانية: إبراهيم دياز قطعة أساسية في تشيكلة ريال مدريد    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يحتفي بالسينما المالية    محامو المغرب يدخلون على خطّ اعتقال محامية في تونس.. "اعتقال الدهماني عمل سلطوي وقمعي مرفوض"    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقاب الرافض للمصافحة شَطَط في استخدام السلطة
نشر في الشرق المغربية يوم 23 - 02 - 2014

هناك شعوب تعتمد طرقا مختلفة للتحية غير المصافحة، كاليابانيين الذين يتخذون من الإنحناء وسيلة للتحية، و هناك طرق أخرى شائعة كالتقبيل على الخد أو ملامسة أنوف المحبين أو التربيت على الظهر والكتف، غير أن المصافحة هي الوسيلة الأكثر انتشارا بين شعوب العالم، وإذا كانت المصافحة فاشية في مجتمعنا تقليدا للأجانب، فإنها لم تقف عند حد المصافحة، بل تجاوزته إلى التقبيل و المعانقة، والواجب التخلص من هذا التقليد، لأنه يجر إلى مساوئ معلومة للجميع. و يَعتبر الكثيرون بالمغرب أن المصافحة حرية شخصية بين الرجل والرجل، وبين الرجل و المرأة، ولا يجبر أحدهما على مصافحة الآخر، لكن ما تعرض له كولونيل بالقوات المساعدة بميسور بالتشطيب عليه من الوظيفة العمومية، بعد أن رفض مصافحة الوالية الجديدة لجهة الغرب الشراردة بني احسن، وقرار اعفاء وتنقيل الموظفة بالقسم الإقتصادي لولاية مراكش، التي امتنعت عن مصافحة الوالي الجديد، أعاد الجدل مرة أخرى حول قضية المصافحة، بين العلماء والسياسيين والإعلاميين والحقوقيين، الذين تباينت آراؤهم بين مؤيد للخطوات العقابية التي اتخذتها السلطات في حق المعنيين، وبين معارض لهذه السياسة العقابية المُغْرقة في الغرابة والسوء.
والحقيقة أن مصافحة الرجل المرأة الشابة الأجنبية عنه مُحَرم، لورود النصوص التي تفيد حرمة مصافحة النساء، فقد روى مسلم عن عائشة قالت: " والله ما مَسَّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، غير أنه بايعهن بالكلام "، وإذا حَرُم النظر وهو أخف، حَرُم المس و المصافحة، أما إذا كانت المرأة عجوزا فأجاز بعض الفقهاء المصافحة. ولفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي فتوى في هذه المسألة خَلُصَ فيها، أن المصافحة إنما تجوز عند عدم الشهوة، وأمن الفتنة، فإذا خيفت الفتنة على أحد الطرفين، أو وُجدت الشهوة والتلذذ من أحدهما، حرمت المصافحة بلا شك، كما ينبغي الإقتصار في المصافحة على موضع الحاجة، مثل الأقارب والأصهار الذين بينهم صلة قوية، ولا يحسن التوسع في ذلك، سَدّا للذريعة إلى الفساد، وبُعْدا عن الشُّبْهة، وأخْذا بالأحوط، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الدكتور أحمد الريسوني نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن المصافحة " يجب أن تظل في دائرة التصرفات الشخصية الراجعة إلى قناعة كل واحد، ويجب أن تدخل في نطاق احترام عادات الناس و أذواقهم واختياراتهم، وهي لا تُعبر بحال من الأحوال لا عن قلة أدب، ولا فيها تَقَدم ولا تَخَلف، ولا حَداثة ولا بداوة (..) وقد رأينا رؤساء دول وحكومات ووزراء مسلمين و غربيين، يستقبلون نساء لا يصافحنهم، ولم يغضبوا ولم ينتقموا، ولم يحسوا بأي عقدة أو مهانة، لكونهم يفهمون طبيعة القضية. بل رأينا نساء يُسَلمن على ملك البلاد بكل احترام و إجلال ولكن بدون مصافحة ". ولعل في واقعنا المغربي وخارجه الكثير من النماذج التي تؤكد أن الإمتناع عن المصافحة وفق قناعات شخصية مسألة عادية، لم تثر أي جعجعة أو تهويل في الدول التي تدين بالإسلام أو غيره، وليس هناك في كل قوانين العالم ما يسمح بمعاقبة شخص لمجرد أنه رفض المصافحة، باعتبار ذلك حرية شخصية، تَبَعا لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. و الأمثلة كثيرة نورد منها ما يلي:
بنواحي مدينة فاس، تناقلت جل الصفحات الفايسبوكية صورة رجل بسيط رفض مصافحة حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال. وتعد الواقعة الشهيرة التي حدثت مع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية أحدث سيناريوهات مسلسل المصافحة، حيث طالبت مذيعة بقناة المنار إجراء مقابلة تلفزيونية مع عمرو موسى من خلال مساعديه، وحين وصل موسى إلى مكان إجراء المقابلة، مد يده لمصافحة المذيعة، لكنها ردت السلام شفاهة، وأحْنَت رأسها دون أن تُبادله المصافحة. نفس الأمر حدث مع رئيس جامعة الأزهر أثناء احتفال الجامعة بيوم التميز والتفوق، حيث رفضت طالبة مصافحته أثناء تسليمها شهادة التقدير لتفوقها الدراسي، معللة ذلك أن المصافحة حرام بين الرجال و النساء. وتكرر الأمر في جامعة القاهرة في احتفال كلية الآداب بيوم التفوق، عندما رفضت طالبة أخرى مُنَقّبة مصافحة رئيس الجامعة وعميد ووكيل الكلية، أثناء تسلمها شهادة التفوق. وتناقلت وسائل الإعلام العالمية صورة الدكتاتور الراحل القذافي الذي رفض مصافحة وزيرة خارجية أمريكا كوندوليزا رايس، وحينما سئلت المسؤولة الأمريكية عن الحادث علقت بأنها تحترم خصوصية دولة مسلمة.

وقام وزير فرنسي بزيارة خاصة إلى جامعة السوربون أبوظبي، حيث التقى بطلاب الجامعة، فمد الوزير يده لمصافحة احدى الطالبات، ولكنها امتنعت عن مصافحته بطريقة مُهَذّبة، فما كان من الوزير الفرنسي إلا أن ابتسم وسحب يده. كما رفضت ممرضة جزائرية مصافحة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، حيث أشاحت بوجهها وغادرت القاعة. كما امتنعت زوجة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصافحة وزير الخارجية الفرنسي الأسبق برنار كوشنير. وفي أحد احتفالات فصل التوائم بالسعودية رفضت سيدة مصافحة الملك عبد الله أثناء تسليم الجوائز، فما كان منه إلا أن قال لها بارك الله فيك.

وخلال حفل تسليم شهادات لخريجي الشرطة، رفضت مسلمة مصافحة قائد شرطة لندن، وصرحت الشرطية أنه التزاما بالتعاليم الإسلامية، لا يمكنها مصافحة رجل غريب. وقالت صحيفة " هيت لاست نيوز" البلجيكية أن 4 رجال شرطة مسلمين في منطقة " سكاربيك" رفضوا مصافحة النساء، وذلك بسبب دينهم. ورفعت وزيرة المجتمع المدني بهولاندا دعوى قضائية ضد شيخ سوري رفض مصافحتها، انتهت بالحكم لصالح الشيخ، على اعتبار أنه لم يفعل ذلك بدافع التمييز و الإقصاء، وإنما يوجد في الإسلام نصوص تحرم مصافحة الأجنبية. وقدمت سيدة في السويد شكوى لدى لجنة المظالم المعنية بالمساواة، لأن طبيبا رفض علاجها بعدما رفضت مصافحته. وقالت لجنة المظالم التي تكافح التمييز أن السيدة قررت عدم مصافحة الطبيب، ولكنها وضعت يدها على صدرها، و أشارت إليه، بما اعتبرته لفتة مهذبة لرد التحية. وجاء في بيان للجنة المظالم بأن الحادث يعتبر نوعا من التمييز اقترن بالمعتقدات الدينية للمرأة، وأن أي شخص له الحق في العلاج الطبي بصرف النظر عن دينه أو معتقداته.

وتلقت موظفة في السويد تحذيرا، على خلفية نقاش دار بينها وبين شخص أجنبي امتنع عن مصافحتها بسبب معتقداته الدينية، فيما اضْطُر المجلس البلدي الذي تعمل فيه الموظفة إلى دفع غرامة مالية قدرها 30 ألف كرونة سويدية للشخص، بعد أن قدم دعوى ضد الموظفة بتهمة التمييز العنصري. وحَكَمت المحكمة في استوكهولم أيضا لصالح أحد المسلمين في الحصول على تعويض بقيمة 60.000 كرون من مكتب العمل، بعد أن فصله المكتب نتيجة عدم مصافحته لامرأة. وقد وجدت المحكمة مكتب العمل مُذنبا وتصرف على أسس التمييز، مُعتبرة أن هناك أسباب دينية يؤمن بها الرجل منعته من مصافحة المرأة، ولذلك لا يحق لمكتب العمل وقف مُخَصََّصات الرجل.
إن العقوبات التي تعرض لها كل من الكولونيل بميسور والموظفة بمراكش تشكل نشازا في العالم، ولعل اتخاذ هذه العقوبات من دون أي مخالفة تُذكر، وفي غياب السند القانوني و المحاكمة، ومن دون العرض على المجالس التأديبية، يُعْتَبر شططا واضحا في استخدام السلطة، ذلك أن المصافحة حرية شخصية يمارسها البعض، ويمتنع عنها البعض الآخر وفقا لقناعاته، ولا يجوز لأحد فرض المصافحة على أي شخص أو عقابه على ذلك. و نعتقد أن عدم مصافحة الكولونيل والموظفة للولاة الجدد، لا يعني بالضرورة عدم التودد إليهم و اتخاذ موقف سلبي من رؤسائهم، بقدر ما يعني التزاما بالدين و بالعادات المغربية، فلم يكن هناك أي داع للتهويل و العقاب، لأن رفض رجل مصافحة امراة من غير محارمه ليس إهانة، ورفض امرأة مصافحة رجل من غير محارمها ليس إهانة له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.