وهبي: إذا اتصل بي الهمة لمناقشة شؤون الحزب فلن أرد عليه توقع حصول العدالة والتنمية على 200 مقعد برلماني وقال إن بنكيران عاتبه على عدم ترشحه باسم «البيجيدي»
يبدو عبد اللطيف وهبي رئيس الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة في هذا الحوار مهادنا مع حزب العدالة والتنمية، معتبرا أن معارضة فريقه للحكومة المقبلة ستكون بناءة وديمقراطية. في الوقت نفسه، لا يتوانى وهبي عن توجيه سهام النقد إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، واصفا خطابه بالاستعلائي وغير المتواضع. في الحوار كذلك رؤية وهبي لمستقبل الحزب بعد رحيل مؤسسه فؤاد عالي الهمة، مؤكدا في هذا السياق أنه «من كان في الحزب من أجل عالي الهمة، فعالي الهمة قد ذهب، ومن كان في الحزب لذاته فإن الحزب مستمر لن يموت» - فاجأ قرارك بالترشح باسم حزب الأصالة والمعاصرة بدائرة تارودانت جميع المتتبعين. ما هي حيثيات هذا الانضمام بعد انسحابك من الحقل السياسي لمدة تفوق 15 سنة؟ أود أن أؤكد في البداية أن إعلان نية ترشحي في الانتخابات التشريعية السابقة كانت محط نقاش بيني وبين بعض الأصدقاء، إذ طرحت السؤال وقتئذ حول جدوى الترشح في هذه الظرفية بالذات، وإثر نقاش مستفيض تكونت لدي قناعة بضرورة الترشح في الانتخابات باسم حزب الأصالة والمعاصرة، بل كانت عندي قناعة أخرى تفيد بأن حزب العدالة والتنمية سيحصل على 200 مقعد برلماني.كان هذا قبل 25 نونبر 2011. وعلى هذا الأساس، كنت مؤمنا بأن دوري يتمثل في المعارضة التي سيقودها حزب الأصالة والمعاصرة. لن أنكر أنه كانت لدي نقاشات مع بعض الأصدقاء في حزب العدالة والتنمية، لكن رأيي استقر في أن أنضم إلى الأصالة والمعاصرة على اعتبار أن الحزب سيجدد خطابه وسيعيد النظر في دوره داخل المشهد السياسي الحزبي المغربي وكذلك لأنه سيمارس مهامه التشريعية في المعارضة بشكل أفضل. ولذلك، وجدت في حزب الأصالة والمعاصرة بعض الأشياء التي يمكن أن تستقيم مع قناعاتي السياسية والإيديولوجية. - قلت إنه كانت هناك نقاشات مع بعض الأصدقاء داخل العدالة والتنمية. هل كانت هناك مفاوضات بغاية أن تلتحق ب«البيجيدي»؟ لا، قطعا. ما جرى هو أنه تبادلنا ما يمكن أن أسميه بالتعبير عن النوايا مع بعض إخوان حزب العدالة والتنمية، ولم تصل هذه النقاشات إلى حد إجراء مفاوضات من أجل انضمامي إليه. طبعا أنا أحتفظ بعلاقات صداقة تجمعني بمناضلي هذا الحزب، وقد عاتبني السيد عبد الإله بنكيران خلال جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب على عدم ترشحي باسم حزبه، لكنني أعتبر ذلك إشارة جميلة من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وأشكره عليها. - لكن انضمامك إلى حزب الأصالة والمعاصرة تزامن مع ظرفية يتحدث فيها الجميع عن موته بعد رحيل مؤسسه فؤاد عالي الهمة؟ كل الذي تقوله الأحزاب السياسية والحركات الاحتجاجية أراه جميلا، لأن الحزب استطاع أن يحدث رجة سياسية في الحقل الحزبي المغربي آنذاك، فحينما أسس الحزب كان المشهد السياسي المغربي جامدا لا يتحرك. وهنا، لا يمكن أن ننسى أن إنشاء حزب الأصالة والمعاصرة خلف ردود فعل متباينة لدى الأحزاب السياسية كسر هذا الجمود، إذ سارع آنذاك حزب الاتحاد الاشتراكي إلى وصف حزبنا بالوافد الجديد، ثم تحرك حزب العدالة والتنمية في وقت لاحق. وهذه الدينامية والتراشق الإعلامي والسياسي بين حزب الأصالة والمعاصرة وبعض الأحزاب الأخرى آنذاك أعطت للعملية السياسية مضمونا إيجابيا وديناميا. وفي هذا الصدد، لا أعتبر أن حزب الأصالة والمعاصرة حزبا خلقته الإدارة، بل هو وعاء سياسي اجتمعت فيه مجموعة من الأطر، مختلفة في التفكير ومتحدة في الرؤية والهدف من تأسيس الحزب. الآن، أصبح السيد فؤاد عالي الهمة مستشارا للملك والشيخ بيد الله هو من كان يقود الحزب وما زال. بمعنى آخر سيستمر حزب الأصالة والمعاصرة كمؤسسة، خاصة بعد الدفعة السياسية الأخيرة الناتجة عن النتائج الانتخابية الأخيرة. وأقول في هذا السياق، كما قلت لبعض الإخوان في الأحزاب الأخرى الذين سألوني عن مصير الحزب بعد ذهاب عالي الهمة، إن «من كان في الحزب من أجل عالي الهمة، فعالي الهمة قد ذهب، ومن كان في الحزب لذاته فإن الحزب مستمر لن يموت. ويمكن أن تنسحب هذه المقولة على موقع الحزب بعد استقالة مؤسسه فؤاد عالي الهمة. وأرى إلى جانب كل ذلك، أن تنصيبه مستشارا لجلالة الملك وغيابه عن الحزب سيعطي دفعة قوية لكون أعضاء الحزب سيتعلقون بالمؤسسة أكثر مما سيتعلقون بالشخص في حد ذاته. ومن جهة أخرى، فإن الانتخابات التشريعية السابقة أجمعت غالبية الأطياف السياسية على نزاهتها وشفافيتها، وبذلك منحت الشرعية للعدالة والتنمية لكي يصل إلى السلطة، والشرعية لحزبنا ليتمحور في المعارضة، وذلك على حد سواء. ولم يكن خافيا أن الجهاز الإداري تعامل مع حزبنا كما مع باقي الأحزاب الأخرى، لتنتفي تهمة الغير إلى حزب الأصالة والمعاصرة بأنه حزب إداري، ومن ثم تبددت الأحكام السابقة حول الحزب، والتي كانت ناتجة في تقديري عن صراعات سياسية. ومن هذا المطلق، أؤكد بأنني التحقت بحزب حصل على الشرعية السياسية وليس بحزب خلقته الإدارة كما يزعم البعض. - أثار قرار تعيينك رئيسا للفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة جدلا كبيرا، خصوصا أنه لم يمض على التحاقك بالحزب سوى شهرين، هل يمكن أن نفهم أن الأمر يرتبط بصفقة سياسية اقترنت بانضمامك إلى الحزب؟ لا أجد شيئا يثير الاستغراب في تعييني رئيسا للفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة، فلو أتينا بوجه قديم في الحزب لقال البعض إننا نكرر نفس الوجوه، ولو أتينا بوجه جديد، سيقول البعض إنه لا يتوفر على المؤهلات الكافية. إذن إرضاء الجميع صعب جدا إن لم أقل مستحيلا. كل ما في الأمر أنني رشحت نفسي لأن أشغل منصب رئيس الفريق. نوقش الأمر في البداية داخل الفريق البرلماني للحزب ثم داخل أجهزة الحزب، وارتأت العديد من العناصر بالمكتب الوطني أن تزكي ترشيحي، وبعد كل هذا تم الإعلان عن منحي هذه المسؤولية بصفة رسمية كرئيس للفريق. وميزة هذا الفريق البرلماني الجديد أن أغلبية أعضائه، أي 80 بالمائة، يخوضون لأول مرة غمار التجربة البرلمانية. طبعا لم تكن هناك أي صفقة سياسية مما أشرت إليه، وأنا لست برجل الصفقات، وإنما أحبذ الوضوح وتحديد المواقف، فعندما ترشحت للبرلمان لم يكن بذهني أن أرأس الفريق، بل كان همي الوحيد وقتها أن أضمن مقعدا برلمانيا باسم الحزب، نظرا لأن المنطقة التي أنتمي إليها مهمشة اقتصاديا واجتماعيا، ومنسية، علاوة على أنني متحمس كثيرا لمشروع الجهوية الموسعة في ظل الدستور الجديد، ورغبتي كانت منذ البداية أن أساهم من جانبي في تنزيل مقتضيات هذا الدستور. بالفعل تعييني رئيسا خلق نقاشات، لكن لم تصل أبدا إلى درجة المشاكل. وهنا لابد أن أثمن خطوة تنازل بعض الأعضاء بعدما علموا بترشحي. إن أعضاء الفريق يتسمون بأريحية غريبة. - من هم هؤلاء الأعضاء الذين تنازلوا لك؟ أدعهم يفصحون عن أسمائهم بأنفسهم، والأهم من كل ذلك، شعرت بأن الجميع تعامل معي بأريحية، وشعرت بأن الحزب يمتلك طاقات وكفاءات كبيرة. - تحدثت عن أن 80 بالمائة من عناصر الفريق البرلماني للحزب وجوه جديدة داخل البرلمان. هل بإمكان هذه الأسماء، التي لا تتوفر على تجربة برلمانية، أن تضطلع بدور المعارضة، لاسيما في خضم المكانة التي بوأها الدستور للمعارضة؟ ينبغي التأكيد على أن الفريق البرلماني سوف لن يعتمد فقط على برلمانيي الحزب بقدر ما سيستعين بخبراء من داخل وخارج الحزب لممارسة دور المعارضة بشكل يشرف الحزب، ونفكر جديا في إنشاء لجنة تضم البرلمانيين السابقين قصد التعاون معنا، ونهيء لائحة باسم الخبراء الذين سيساعدوننا، مع العلم بأنني متيقن بأن هذه الوجوه الجديدة لن تفشل في رهانها حول ممارسة المعارضة البرلمانية بشكلها الأسمى، وإذا سلمنا بفرضية أن الجديد يفشل ونجعله قاعدة فيزيائية فيمكن القول إن الحكومة الحالية ستفشل لأنها جديدة، وليست لها خبرة في تدبير الشأن العام، أي سنكون جيلا من الفاشلين. إنه منطق أخرق. وأنا أؤكد لكم أن الحزب سيفاجئ الجميع، وسيفاجئ الرأي العام والأحزاب السياسية بمساهمة فريقه النيابي وقدرته في التأثير على العملية السياسية برمتها، رغم حداثة سن أعضائه. - لنتوقف عند النقطة المتعلقة بتعيين فؤاد عالي الهمة مستشارا ملكيا. ألا تعتقد أن التحاقه بنادي المستشارين الملكيين يشكل ضربة للحزب، سيما أن اسمه اقترن به منذ البداية؟ وإلى أي مدى يمكن أن يصح توجس البعض من استمرار دعمه لحزب الأصالة والمعاصرة؟ هناك رأي سائد مفاده أن فؤاد عالي الهمة خلق مشاكل في المشهد السياسي المغربي، وهذا رأي خاطئ تماما، لأن الرجل، حتى لا نغبطه حقه، ساهم في إذكاء دينامية لم يكن للحقل السياسي عهد بها منذ خروج عبد الرحمان اليوسفي من المعترك السياسي. النقاش الذي أثاره الهمة إيجابي وكان مفيدا جدا لإنهاء حالة الركود التي كانت تعيشها الحياة السياسة المغربية في حينه، وبدا أن دخوله إلى الساحة السياسية كان حدثا مزعجا ومحركا، وهذه طبيعة السياسة، وكذلك كان خروجه حدثا بعد تعيينه مستشارا. ومن هنا أقول للذين يعتقدون بأن الهمة سيدوم في الحزب إنهم مخطئون تماما ولا يفهمون السياسة. فبمجرد المصادقة على الوثيقة الدستورية الجديدة كنت مقتنعا بأن السيد فؤاد عالي الهمة سيكون له دور آخر ولم أكن يومها أعلم طبيعة هذا الدور، ولكن ما أريد أن أؤكد عليه أنه قام بدوره كاملا في إنجاح مسار الحزب وقدرته على مساهمته في تبوئه مكانة جعلته في واسطة العقد السياسي، وبالتالي فإن حضوره في العمل السياسي كان إضافة نوعية يتوجب التنويه بها لا التهجم عليها دون مبررات. هل كان المغاربة مثلا يهتمون بالشأن السياسي قبل أن ينزل الهمة إلى ممارسة السياسة؟ إذ في مرحلة بعينها فقدت الأحزاب السياسية بريقها، وسئم المواطن من خطاباتها، لذا يحسب لفؤاد عالي الهمة حسنة تحريك هذا الجمود. لكن يجب أن نتوقف عند نقطة أساسية، وهي أن بعض الأطياف السياسية تسعى إلى أن تلصق بالحزب صورة سيئة تتمثل في كونه جاء ليواجه الإسلاميين، وهذا أمر غير صحيح، لأننا نعتبر فوز العدالة والتنمية بالمغرب شيء إيجابي جدا إذا ما استحضرنا الوضع العربي والإقليمي العام. ومن جهة أخرى، أنا لا أفهم تخوفات البعض من إمكانية استمرار علاقة الهمة بالحزب، فالرجل بعث برسالة استقالة واضحة إلى الحزب، ولا يمكن لأحد أن ينفي أن له علاقات مع العديد من الفعاليات السياسية، وذلك حق مكفول له لأنه بشر ومغربي والعلاقة الإنسانية حق بغض النظر عن الانتماء السياسي. السيد فؤاد عالي الهمة كلف بمهام دولة، وهذا ليس أمرا عبثيا، بل يقتضي وضوحا تاما. وشخصيا، لم ألتق بالهمة سوى مرة واحدة في حياتي، وكان ذلك قبل أن أفكر حتى في الترشيح، حيث التقيته صدفة ولدقائق. وعلاقتي به كانت ولا تزال بعيدة جدا، بل يمكن أن أؤكد لك أن علاقتي به تتم عبر بعض التقارير الحزبية القديمة التي قرأتها أخيرا وتتضمن بعضا من مداخلاته. وإذا كنت أريد أن أكون رديئا سأؤكد لك بأنني أعرفه فقط عبر النميمة. وإذا اتصل بي لمناقشة شؤون الحزب، وهذا مستحيل لأن مستشاري جلالة الملك ملزمون بواجب التحفظ، فلن أرد عليه، علما أنه لن يفعل ذلك لأنه يعرف حدوده كرجل دولة. أما إذا دعاني إلى كأس شاي فسأطلب من السيد بيد الله أن يرافقني. وهنا لا مناص من أن أوجه كلامي للذين قالوا إن الهمة انتهى حزبيا، وأقول لهم: هذا صحيح. أما الحزب الذي يعتقدون أنه مات كذلك فإنه قدم في حفل وداع الهمة أحسن هدية يمكن أن يتخيلها المرء، وهي 48 برلمانيا، منهم أكثر من أربعين في عز شبابهم ليفاجؤوا بأن هذا الحزب خصب بشكل جميل. - لكن ما قلته بخصوص حزب العدالة والتنمية، الآن، يتناقض كليا مع ما كان يصرح به قادة الحزب قبل الانتخابات، إذ قالوا إن المشروع الذي جاء به العدالة والتنمية لا يتلاءم مع خصوصيات المجتمع المغربي، ووصل الصراع إلى درجة السب في بعض الأحيان؟ يجب أن نضع فرقا بين النقاش السياسي والنجاح الانتخابي. نحن ديمقراطيون ونؤمن بما تفرزه صناديق الاقتراع. بالنسبة إلي، أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز حزب العدالة والتنمية، وبالتالي لا مناص من القبول بهذه النتيجة، وإن حصل العكس سنسقط في العبث السياسي. فوز العدالة والتنمية في الانتخابات كان ضروريا لكي يأخذ الاستثناء المغربي مجراه الطبيعي، فانتقال الإسلاميين من المعارضة إلى الحكومة بهذه السلاسة وبهذا الهدوء هو في حد ذاته إنجاز حقيقي في هذا الوقت، وأضيف إليه معطى جديدا هو انسحاب حركة العدل والإحسان من حركة 20 فبراير، وهو يعبر في جوهره عن نوع من التوافق السياسي بين العدالة والتنمية والجماعة، بل يعبر كذلك عن التصالح السياسي، ولو كان العكس لما غازلت الجماعة «البيجيدي» بهذه القبلة، وهي إشارة إيجابية ستساعد بنكيران على إنجاز مهامه الحكومية. وأنا شخصيا أثمن هذه الخطوة، لأنني أؤمن بأن كل المشاكل تحل بالحوار. - هل تقصد أنه بإمكان حزب الأصالة والمعاصرة أن يفتح حوارا مع حزب العدالة والتنمية؟ هناك حوار داخل البرلمان. الديمقراطية تعني مجموعة من الوسائل تسمح بفتح قنوات تواصل بين الفاعلين السياسيين. وحزبنا سيمارس معارضة بناءة لأن المعارضة العبثية العنيفة تهدد المؤسسات، والمعارضة الهادئة والجامدة تهدد الديمقراطية. سنعارض حكومة عبد الإله بنكيران بشكل ديمقراطي، وسنعطي وجهة نظرنا في كل القضايا، وحين نرى أن الحكومة تقوم بأشياء إيجابية سنثمنها، أما حين نلاحظ بأن هناك أمورا نختلف فيها سنوجه انتقادنا إلى الحكومة. - وكيف ستكون معارضتكم للحكومة التي سيتزعمها حزب العدالة والتنمية؟ على حزب العدالة والتنمية أن يهيء نفسه جيدا لأن معارضتنا ستكون قوية ولن نساوم فيها مهما كان الأمر. وأعتقد أن حزب العدالة والتنمية متخوف كثيرا من قوة المعارضة التي سيمارسها حزبنا، وستكون هذه المعارضة بناءة وديمقراطية، وستكون مصلحة المواطن هي هاجسنا الأساسي، ومن ينجح في المعارضة ينجح في مهمته السياسية ويجازيه المغاربة في الانتخابات، وحزب العدالة والتنمية خير مثال على ذلك. وقد حان الوقت في رأيي كحزب أن نختلف شكلا عما سبق. نريد أن نخلق معارضة تنبني على الحوار، ولن نفرق يوما بين الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية والأحزاب المعارضة عند ممارستنا الحوار. - كيف تقرأ مستقبل التحالف الثماني بعد انضمام الحركة الشعبية إلى الأغلبية الحكومية واقتراب أخرى من فك الارتباط به؟ أعتقد أنه يجب الفهم بأننا لا نصنع الأوثان ثم نعبدها، وإنما نحن بصدد ممارسة العمل السياسي الذي يسمح لنا بالانضمام إلى التحالفات أو ننسحب منها حسب الغايات الاستراتيجية التي نبتغيها من هذا التحالف. وبخصوص التحالف الثماني، صحيح أن حزب الحركة الشعبية انسحب منه بعد التحاقه بالأغلبية الحكومية، غير أن حزبي التقدم والاشتراكية والاستقلال انسحبا أيضا من الكتلة الديمقراطية، الشيء الذي نفهم منه أن هناك إعادة تشكيل المشهد الحزبي المغربي، وعلى الجميع أن يتكيف مع هذه المستجدات الجديدة. ونحن نتحدث عن التحالفات، لا أستطيع أن أفهم كيف أن الاتحاد الاشتراكي بقي يتيما ووحيدا. لذا بات لزاما عليه أن يبحث له عن تحالفات. مع ذلك، فإنه لم يحسم بعد في مصير التحالف من أجل الديمقراطية، إذ ما تزال هناك مشاورات بين حزبنا وحزب التجمع الوطني للأحرار وباقي الأحزاب الأخرى، والظاهر أنه سيتم تصحيح هذا الوضع، إما بمسايرة ما استجد في الساحة السياسية أو ينتهي به الأمر إلى التفكك. - أنتم مقبلون على محطة المؤتمر الوطني المزمع انعقادها في فبراير القادم، هل بدأتم في التحضير له، وما صحة الأنباء التي تروج حول إمكانية بروز قيادة جديدة ورحيل الشيخ بيد الله عن قيادة حزب الأصالة والمعاصرة؟ أشير إلى أن تجربتي الحزبية داخل الأصالة والمعاصرة في بداياتها الأولى، ولا أحمل في ذهني أحكاما مسبقة عن الحزب، لكن أيا كان الأمر، سأساهم في إنجاح محطة المؤتمر القادم، التي أعتقد بأنها ستكون منعطفا حاسما في تاريخ حزبنا. وقد عاينت شخصيا خلال انعقاد اجتماعات المكتب الوطني أن مناضلي الحزب يتعاملون مع هذا المعطى بجدية كبيرة وأهمية شديدة، حيث سيعيد النظر في خطابه وطرحه السياسيين والحلول التي يقدمها للمجتمع، وكذلك إعادة هيكلة الحزب. في جميع الأحوال، لا يمكن أن يمر هذا المؤتمر دون أن يصنع حدثا سياسيا بالمغرب، وسيحدث قفزة نوعية في طريقة ممارسة الفعل السياسي بالمغرب. أما بخصوص مغادرة الشيخ بيد الله للحزب، فهو أمر يرتبط بعاملين اثنين، الأول بقرار ذاتي، وهنا أؤكد على أهمية الرجل في الحزب وقدرته على تدبيره، والثاني يتمثل في قرار مناضلي وقواعد الحزب، وصراحة لم يسبق لي أن تحدثت مع الأمين العام للحزب بشأن هذا الموضوع. مستعدون للتنسيق والتعاون مع الاتحاد الاشتراكي - قرر حزب الاتحاد الاشتراكي الاصطفاف معكم في المعارضة، هل هناك بوادر ومؤشرات لعقد تحالف لأحزاب المعارضة؟ ليس هناك أي تحالف، ولم نعقد أي اجتماع تنسيقي فيما بيننا، وفتح الله ولعلو تحدث عن هذا الأمر بشكل صريح. وفي هذا الإطار، يجب على الإخوة في الاتحاد الاشتراكي أن يفهموا أنهم لم يعودوا يمثلون محور العملية السياسية بالمغرب. الاتحاديون لم يفهموا بأنه من الديمقراطية الاستماع إلى الآخر، ورغم ذلك لا بد من التأكيد بأننا مستعدون للتنسيق والتعاون، ولكن لسنا مستعدين لقبول خطاب الاستقواء أو الادعاء بالقيادة، إذ لا أحد سيقود حزب الأصالة والمعاصرة سوى قياداته الحزبية. - لماذا، في تقديرك، لم يعد الاتحاد الاشتراكي محور العملية السياسية، على الرغم من أن كل التصريحات التي أطلقها قياديوه مؤخرا، والتي تؤكد، والتي بأن الحزب جنب المغرب أزمة سياسية حقيقية طوال المدة التي قضاها في الحكومة؟ جزاهم الله خيرا على ما قدموه لهذا الوطن، لكن لا يمكنهم أن يوظفوا تاريخهم من أجل أن يصبحوا أكبر مما منحتهم صناديق الاقتراع، ورحم الله عبدا عرف قدره. أريد أن أقول للإخوة في الاتحاد الاشتراكي أن يتعاملوا بتواضع، ولا يمكن لحزبنا أن يقبل الدروس من أحد يدعي القوة. وإذا أرادوا أن يفتحوا النقاش فمرحبا وإذا لم يشاؤوا فكفى الله المؤمنين شر القتال. وفي هذا المنحى، أدعو حزب الاتحاد الاشتراكي إلى التعامل بنوع من العفة والترفع مع الأحزاب السياسية الأخرى لأن وضعيته الحالية داخل البرلمان ستضعفه أكثر، فليست هناك جهة تملك العذرية السياسية، فلكل تجربة سياسية أخطاؤها ومزاياها، وهذا هو المنطق الصحيح الذي نريده. حاوره: محمد أحداد للمساء