أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    المغرب يتوج منظمة "الفاو" بجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء    الدرهم يتراجع ب 0,39 في المائة مقابل الأورو    ربط تطوان وطنجة بالقطار عبر المدينة الجديدة الشرافات    تواصل عملية ترقيم الأغنام والماعز الموجهة للذبح خلال عيد الأضحى    ميناء طنجة المتوسط ينافس موانئ عالمية بعد تحقيقه أداء استثنائي في 2023    الحكومة الإيرانية تعلن وفاة رئيسي بعد العثور على حطام المروحية    وفاة الرئيس الإيراني في حادث تحطم مروحية كانت تقله    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: الزمالك المصري يتوج باللقب    طقس الإثنين ممطر في هذه المناطق    مع قرب الامتحانات.. ما السبب وراء ارتفاع الطلب على "الساعات الإضافية"؟    أنّك هنا… في الرباط    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    الصين: سفارة المغرب ببكين تضع رقم هاتفي رهن إشارة الجالية المغربية    الإعلان عن وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما في تحطم مروحية (فيديو)    لجنة ال24.. سانت فنسنت وجزر غرينادين تدعم مخطط الحكم الذاتي، "الحل الوحيد" لقضية الصحراء المغربية    الحكومة تعلن الزيادة في سعر "البوطا"    العثور على جثامين رئيسي والوفد المرافق    من سيخلف رئيس الجمهورية في إيران بعد مصرعه في حادث مروحية؟    تصنيف المغرب فيما يسمى مؤشر التعليم العالمي.. حتى لا ننساق وراء القردة    مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    "كلما طال أمد الحرب، كلما زادت عزلة إسرائيل عن أصدقائها الإقليميين وحلفائها الدوليين"- الإندبندنت    مبادرة لانقاذ السنة الجامعية الطبية.. مناظرة وطنية وأجندة للحوار واستئناف فوري للدراسة    إيران تعلن رسميا وفاة رئيسها ووزير خارجيتها وهذه أول صورة لحطام الطائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    حضور مميز واختتام ناجح لمهرجان 'ماطا' للفروسية في إقليم العرائش    ماكرون يرمم شعبيته في فرنسا    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    زياش وأمرابط قد يجتمعان في غلطة سراي الموسم المقبل    ردود أفعال متباينة حول اتفاق حمدوك مع فصيلين مسلحين على تقرير المصير وعلمانية الدولة    بغلاف مالي يقدر ب4 مليون درهم.. عامل إقليم الدريوش يتفقد مشروع مركز ذوي الاحتياجات الخاصة ببودينار    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعد للاستحواذ الكامل على قناة "ميدي1"    أزيد من 310 ألف شخص زاروا المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الملتقى الدولي محمد السادس لألعاب القوى (العصبة الماسية): العداء المغربي سفيان البقالي يفوز بسباق 3000 م موانع    لم تخلف ضحايا .. ميليشيا "البوليساريو" تتبنى استهدف مدينة السمارة    الشروع في التقليص الجزئي من دعم "البوطا" غداً الإثنين    طقس الإثنين.. أمطار متفرقة ورياح قوية بهذه المناطق    بالفيديو.. أمواج بشرية تتوافد على الأبواب المفتوحة للأمن بأكادير    نهضة بركان يفشل في التتويج بكأس ال "كاف"    مانشستر سيتي يحرز لقب الدوري الإنجليزي للعام الرابع على التوالي في إنجاز غير مسبوق    برشلونة يستضيف فاليكانو لحسم وصافة الدوري    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    المعرض الدولي للنشر والكتاب.. إبراز تجليات مساهمة رئاسة النيابة العامة في تعزيز جودة العدالة    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    أخبار الساحة    شبيبة الأحرار تستنكر "التشويش" على الحكومة    البطاقة البيضاء تحتفي بالإبداع السينمائي الشبابي خلال مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة    المغرب وفرنسا يعززان التعاون السينمائي باتفاق جديد    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: تسليط الضوء على تحديات وفرص استعمالات الذكاء الاصطناعي في المرافق الأمنية    لماذا النسيان مفيد؟    كمال عبد اللطيف: التحديث والحداثة ضرورة.. و"جميع الأمور نسبية"    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في اليوم الوطني للقراءة بتازة : عبد الحق عبودة يتهم الدولة باغتيال المغرب الثقافي

لم يمنع ارتفاع درجة الحرارة بتازة نخبة من المثقفين و الإعلاميين و الفاعلين الجمعويين من حضور الجلسة الثقافية التي احتضنتها قاعة المحاضرات بمديرية الثقافة لجهة تازة الحسيمة تاونات وجرسيف يوم أمس الخميس 10 ماي 2012 على الساعة السادسة مساء في موضوع ” الكتاب الإبداعي المغربي : إكراهات النشر وواقع القراءة ” الذي قدمه الإعلامي و الباحث عبد الحق عبودة وسيره الفنان المسرحي رئيس مصلحة الشؤون الثقافية بالمديرية،وهو العرض الذي يندرج في إطار البرنامج الثقافي الذي سطرته مديرية الثقافة بمناسبة اليوم الوطني للقراءة.
انطلق العرض من إشكالية القراءة في المجتمعات العربية ،حيث ساق الباحث عبد الحق عبودة ما جاء في تقرير” التنمية الثقافية ” الصادر مؤخرا عن مؤسسة الفكر العربي و الذي كشف عن الفرق الشاسع بين العرب و الأوروبيين بخصوص معدل القراءة الذي يصل في أوربا إلى مائتي ساعة في الوقت الذي لا يتجاوز ست دقائق سنويا عند العرب ،و أشار الباحث إلى أن أزمة الكتاب الإبداعي المغربي سواء على مستوى النشر أو القراءة لا تخرج عن السياق العام الذي يعيشه الكتاب المغربي بشكل عام ،حيث أصبح هذا الوعاء الحضاري و الثقافي يعيش على هامش أولويات الإنسان المغربي،يشهد على ذلك انتفاؤه من الأماكن العمومية التي يحضر فيها كل شيء إلا الكتاب. وتابع عبودة متسائلا ،حتى و إن افترضنا أن هناك من يقرأ فما نسبة حضور الكتاب الإبداعي في اهتمامات هؤلاء القارئين مقارنة مع انواع أخرى من الكتب مثل الكتاب الديني الذي يأتي في مقدمة الترتيب من حيث الرواج بين الناس. وبخصوص علاقة الناشرين المغاربة بالكتاب أكد عبد الحق عبودة أن غالبية الناشرين يبحثون عن الكتاب الذي يجد طريقه للسوق و يضمن له ربحا ماديا لأن الناشر في نهاية الأمر مقاول يبحث عن منافذ لتعزيز حضوره في السوق تحسبا للوقوع في الإفلاس .
وحول مظاهر الأزمة التي يعرفها الكتاب الإبداعي المغربي ،ذكر الباحث عبد الحق عبودة أن من بين هذه المظاهر تخلف المنظومة التعليمية التي لا تضع مسألة تشجيع القراءة في أولوياتها ، إضافة إلى غياب إعلام ثقافي يصنع رأيا عاما قارئا مثلما هو الحال بالنسبة للإعلام الذي يروج للخطاب الديني الرسمي و ضرب مثالا لذلك بالقناة السادسة و قال أنه من الموضوعية أن يكون هناك توازن في اهتمامات الإعلام الرسمي و تعامله مع قضايا المواطن فمثلما يروج للدين و يصنع رأيا عام انتخابيا موجها و “مخدوما ” ،من الواجب أن يعمل على صناعة مغرب ثقافي قادر على الانخراط في العصر. و ختم عبودة عرضه بتقديم بعض المقترحات الممكنة للخروج من دائرة القلق التي يعيشها الكتاب الإبداعي ،ومن بين المقترحات :
- مراجعة مناهج النظام التعليمي و تربية الناشئة على حب الكتاب الإباعي و مصاحبته عن طريق تنظيم مسابقات في الكتابة الإبداعية وتخصيص جوائز لذلك.
- بناء مكتبات في المناطق النائية لتقريب الكتاب من المواطن و فك العزلة الثقافية عنه.
- رفع ميزانية وزارة الثقافة حتى يتسنى لها أن تلعب دورها الحقيقي في التنمية الثقافية التي يعتبر الكتاب الإبداعي أحد مكوناتها.
بعد ذلك تم فتح باب المناقشة حيث أشار الفنان بوسيف طنان إلى أن وزارة الثقافة قد بذلت جهودا كبيرة في تشجيع الكتاب الإبداعي و ضرب مثلا لذلك بدعم الكتاب الأول ،إلا أن استطرد قائلا أن هذه التجربة لم تحقق النجاح المطلوب نظرا لأن الدعم لم يذهب في الاتجاه الصحيح ،بسبب منطق الزبونية و المحسوبية في نشر الأعمال حيث تم دعم كتب لأسماء معروفة سبق أن نشرت مرات عديدة.
الإعلامي يوسف العزوزي أشار في تدخله إلى أن العرض كان مقصرا في تحديد المفاهيم ،خاصة مفهوم الكتاب الإبداعي الذي تم حصره في ” الديوان الشعري و الرواية و القصة و المسرحية” ،مضيفا أنه كان من الأصح أن يتم الحديث عن الكتاب الأدبي ،وذهب العزوزي مدير جريدة “أجيال بريس” الإلكترونية إلى أن مفهوم الإبداع لا يجب قرصنته و سرقته وإلصاقه بنوع معين من الكتابة لأن الإبداع قاسم مشترك بين جميع الأجناس الكتابية فقد نجد إبداعا في الفلسفة و في الاقتصاد وفي النقد و في علم الاجتماع و في جميع المجالات المعرفية.
أما الإعلامي مصطفى الداحين ،فاعتبر أن ما جاء في العرض من كون العرب ليسوا هم “أمة إقرأ ” أمرا مجانبا للصواب باعتبار أن القرآن نزل على نبي عربي ،أما الأمم الأخرى فخصها الله بلقب “أهل الكتاب”، وتساءل الداحين عن وظيفة الأدب باعتبارها محركا للإقبال على الكتاب ،وأضاف متسائلا هل المبدعون المغاربة يجتهدون في تحقيق تلك الرغبة في الإقبال على قراءة النص الأدبي و الإبداعي ،وأشار إلى قضية النقد حيث اعتبره من معضلات الكتاب لأنه لا يقوم بدوره في التعريف بالكتابات الجادة التي تستحق القراءة و الاهتمام ،وهو حال معظم دور النشر بالمغرب التي تفتقر إلى لجن للقراءة وفرز الأعمال الصالحة للنشر.
و في تدخله أكد الإعلامي هشام الطرشي مدير جريدة المواطن الجهوي الإلكترونية أن الناشر ليس مسئولا عن تدهور القراءة و رواج الكتاب ،لأن أطرافا أخرى تتحمل المسئولية في ذلك.وتساءل الطرشي هل من الضرورة أن يقرأ الإنسان المغربي كتبا إبداعية لكي يكون قارئا.و أضاف أن المشكلة تكمن في كون الأطراف المهتمة بقضية القراءة و الكتاب يجب عليهم أن يتحاوروا ويشخصوا أسباب الأزمة ويبحثوا عن أجوبة للأسئلة المقلقة التي ترتبط بالقراءة في المغرب.
رضوان الروينب لاحظ أن العرض لم يعط الأهمية اللازمة للكتاب الشعري المغربي الذي يعرف رواجا وازدهارا في مختلف البلدان الغربية و العربية ،لكن في المغرب يعيش أزمة صعبة تتمثل في الإهمال و العزوف وهو الأمر الذي جعله يتساءل هل إقصاء الشعر من اهتمامات الدولة المغربية مقصود ، ما سبب رواج الرواية أكثر من الشعر.
وركزت مداخلة الفاعل الحقوقي عبد السلام الهيموت على راهنية القراءة و أشار أنها – أي القراءة – لا زالت تحتفظ بتوهجها وسلطتها داخل المجتمع المغربي ، وأضاف أن وظيفة الكتاب الإبداعي تكمن في مساعدة القارئعلى الغوص في الحياة و في تفاصيلها تشعباتها و بالتالي معرفة كيفية التعامل معها و إعادة أنتاجها من جديد بما يتماشيى و ينسجم مع قيم الفرد و اختياراته ،لكن عبد السلام الهيموت وضع يده على مشكلة كبيرة فيما يخص قراءة الكتب الإبداعية وهي عدم اهتمام كل الزعماء السياسيين بالمغرب بهذا النوع من الكتاب ،مشيرا في هذا الصدد إلى ملف سبق أن نشرته جريدة “الصحيفة ” المغربية كشف عن الأمية الإبداعية للزعماء للسياسيين المغاربة .
و أشار نجيب السباعي إلى مسألة جوهرية متعلقة بالكتاب الإبداعي و هي مسألة الثقة بين الكاتب و القارئ ،حيث صرح إلى أن المشكلة متعلقة بالمقروء الذي يفتقد إلى الصفة الإبداعية وهو ما يجعل القارئ يصاب بخيبة الأمل حين يقتني كتابا و يكتشف أنه انخدع باقتنائه نظرا لكونه لا يتوفر على أية قيمة إبداعية تستحق الاهتمام.وختم متسائلا هل يمكن لتعزيز الترسانة القانونية بين الناشر و الكتاب أن تنجح في حل المشكل مع العلم أن الجانب المادي هو المتحكم في العملية برمتها.
أما الروائي و الصحافي عبد الإله بسكمار ،فأشار إلى أن الرواية تعرف انتشارا أكثر من الشعر لأن الشعر نخبوي و هو مادة تصلح للإلقاء و ليس للقراءة بخلاف الرواية التي تصلح للقراءة، كما أن الشعر مجال للخيال والإيحاءات الرمزية وهو ما يجعل القارئ يفضل الرواية لأن لغتها السردية والمباشرة تجلب المتلقي وتجعله يقبل عليها بنهم ،وزاد قائلا أن الأعمال السينمائية في أحيان كثير تشوه النص الروائي الأصلي و تفقده بريقه ، لذلك من الأفضل أن تتم قراءة النص الأصلي وضرب مثلا لذلك بإعمال نجيب محفوظ التي شوهت السينما بعضها.
وأشار الفنان منير بل الأخضر أن القول بعزوف الناس عن القراءة أمر مبالغ فيه لأن القراءة لم تعد مرتبطة فقط بالكتاب ،بل أصبحت تتجاذبها قنوات أخرى مثل الشبكة العنكبوتية وخاصة المواقع الاجتماعية مثل الفايسبوك الذي يعتبر أول قناة لتصريف المعلومات ونشرها و بالتالي قراءتها محملا في نفس الوقت المسئولية للمنظومة التعليمية المغربية في تدهور الإقبال على الكتاب الإبداعي الورقي.
أما الكاتب و الباحث محمد المسعودي فنبه إلى مشكل التعميم الذي يقتل المعرفة ،حيث أشار إلى هناك مبالغة في الحديث عن عزوف الناس عن القراءة ،لأن واقع الحال يشهد على أن المجتمع المغربي لازال يقبل على اقتناء الكتب وقراءتها ،وقال أن المهم هو أن يتصفح المرء كتابا وإذا لم يعجبه يتركه ،مثلما هو الحال لجميع الأعمال الفنية فالمؤمل هو أن يذهب الإنسان لمشاهدة مسرحية أو فيلم سينمائي وهو حر في إتمام المشاهدة أم لا.
و اختتم المداخلات الفاعل الجمعوي محمد جليبن الذي أكد على ضرورة تضافر جهود الجميع لإعادة التوهج للكتاب و القراءة ،لأن القضية قضية بنيوية لا يمكن الحديث عن طرف دون آخر ،مشيرا في الآن نفسه إلى ضرورة أن تبحث الدولة عن مسالك ومنافذ ناجعة لأخراج الكتاب الإبداعي من بؤسه الحالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.