استعادت السلطات التونسية السيطرة على جامع الزيتونة بعد أن نفذت قوات الأمن الحكم القضائي الاستعجالي الصادر عن المحكمة الإدارية والقاضي بالزام الإمام حسين العبيدي بإخلاء الجامع والسماح لوزارة الشؤون الدينية بتعيين إمام خطيب من منظوريه. وقال وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ إن العملية تمت بحضور وحدات من القوة العامة وعدل منفذ وبطريقة حضارية وقانونية ودون عنف، نافيا اي نية للوزارة في غلق جامع الزيتونة أو وقف إسناد الدروس فيه ردا على اتهامات الامام حسين العبيدي للوزارة. كما أشار إلى أن وزارة الشؤون الدينية هي الجهة الوحيدة المخول لها التصرف في المساجد وتعيين الأئمة وهي الساهرة على إدارة جميع ما يتعلق بها.
وبعد ثورة 14 يناير 2011 بدأ الخلاف يتصاعد بين مشيخة الزيتونة بقيادة الشيخ حسين العبيدي الذي طالب بإعادة إحياء الدور التعليمي للجامع، والحكومة التونسية حول الجهة المشرفة على المعلم الديني.
وبدل الشيخ العبيدي أقفال الجامع ومنع إماما نصبته الحكومة من اعتلاء منبره في يوليوز عام 2012 كما طالب الحكومة باستعادة أوقاف تعود الى ملكيته صادرتها الدولة خلال حكم بورقيبة.
كما نشب خلاف بين العبيدي والهيئة العلمية لشيوخ ومدرسي جامع الزيتونة التي أعلنت في وقت سابق عن عزله من إدارة مؤسسة التعليم الزيتوني.
وتسعى السلطات التونسية الى تحييد المساجد وإبعادها عن كافة التجاذبات وجعل تعيين الأئمة حكرا على الدولة فقط منعا من سقوطها في أيدي المتشددين.
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة هي رسالة واضحة بأن تونس تسير في طريق صحيح القضاء على الغلو وعلى الأفكار المنافية لقيم الاسلام المتسامح والمعتدل.
وقررت السلطات التونسية غلق 187 مسجدا استولت عليها الجماعات السلفية خلال السنوات الأربع الماضية، وجعلت منها "أوكارا" لبث خطاب الكراهية والتحريض على العنف و"مكانا آمنا" لتجنيد الشباب في خلايا تتولى إرسالهم إلى سوريا والعراق، للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية".
ويرى خبراء أن ضمان حيادية المساجد يعد أهم خطوة لاستئصال الفكر المتشدد وتجفيف منابع التطرف، خاصة أن أغلب عمليات الأدلجة والتخدير تتم عبر خطب تحريضية يستخدم فيها الأئمة المتشددون الوازع الديني للتغرير بالشباب غير الواعي بمفاهيم الجهاد.
يذكر أن أصدرت المحكمة الادارية بتونس الثلاثاء الماضى قرارا قضائيا ينص على الاذن استعجاليا بالزام حسين العبيدى ومن معه باخلاء جامع الزيتونة المعمور تنفيذا للقرار الصادر عن وزير الشؤون الدينية في يناير والقاضى بتكليف امام خطيب من منظورى الوزارة بجامع الزيتونة والاذن بالاستعانة بالقوى العامة ان اقتضى الامر.
كما أن الهيئة العلمية لشيوخ ومدرسي جامع الزيتونة المعمور كانت أعلنت في وقت سابق عن عزل إمام جامع الزيتونة ورئيس هيئة التدريس به حسين العبيدى من إدارة مؤسسة التعليم الزيتوني بالجامع.
وتعود ظاهرة الاستيلاء على المساجد والجوامع في تونس إلى عام 2011 حين استغلت الجماعات السلفية الجهادية حالة الانفلات الأمني وما رافقها من غياب للدولة في المشهد السياسي والاجتماعي العام بالبلاد، لتبسط سيطرتها على أكثر من 900 مسجد وجامع بعد أن أنزلت بالقوة الأئمة من على المنابر بحجة أنهم تابعين لنظام بن علي الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في يناير 2011.
وفرضت الجماعات المتشددة سيطرتها على المساجد في تحد واضح لرمزية الدولة في فترة حكم حركة النهضة الاسلامية في عهدي حكومتي حمادي الجبالي وعلي العريض.
ووجهت العديد من منظمات المجتمع آنذاك اتهامات إلى الحركة الإسلامية بتغذية التطرف وغض الطرف عن خطل الجماعات السلفية المتشددة الداعمة للجهاد والمجاهرة برفع السلاح في وجه الدولة.