تركز السلطات البلجيكية على مطاردة "رجل ثالث" شوهد مع مهاجمين انتحاريين من تنظيم داعش في مطار بروكسل بعد أن حددت الشرطة هوية ثلاثة آخرين بينهم شقيقان قتلا 31 شخصا على الأقل في المطار وفي أحد قطارات الأنفاق بالمدينة. وانتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بلجيكا لإخفاقها في تعقب إبراهيم البكراوي الذي رحلته أنقرة العام الماضي والذي فجر نفسه في المطار يوم الثلاثاء قبل ساعة من قيام شقيقه خالد بقتل نحو 20 شخصا في محطة قطارات أنفاق ميلبيك في وسط المدينة. وكان قد سبق إدانة إبراهيم وخالد بالسطو المسلح.
وذكرت مصادر أمنية لوسائل إعلام بلجيكية أن المهاجم الثالث يدعى نجم العشراوي وهو مقاتل إسلامي بلجيكي مخضرم حارب في سوريا ويشتبه في أنه أعد الأحزمة الناسفة التي استخدمت في هجمات باريس في نوفمبر 2015، والذي فجر أيضا حقيبة ملغومة في المطار.
وأصبح "الرجل الثالث" الذي رصدته كاميرات المراقبة في المطار وهو يدفع عربة أمتعة في صالة المغادرة إلى جانب العشراوي وإبراهيم البكراوي هو هدف عملية الملاحقة التي تنفذها الشرطة. وقال ممثلو الإدعاء إن المشتبه فيه فر من المكان يوم الثلاثاء وعثر فيما بعد على حقيبة ملغومة هي الأكبر من بين الحقائب الثلاث.
وقال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر إن إراقة الدماء في عاصمة الاتحاد الأرووبي وعلى مسافة ليست بعيدة من مقر حلف شمال الأطلسي تبين أنه يتعين على حلفاء واشنطن الأوروبيين عمل المزيد لقتال داعش إلى جانب الجهود الأمريكية في الشرق الأوسط. وقال كارتر في حديث لمحطة (سي.إن.إن) "حادثة بروكسل ستوضح للأوروبيين بدرجة أكبر أنه في الوقت الذي نسرع فيه وتيرة حملتنا لهزيمة (داعش) تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق وأماكن أخرى فإنهم بحاجة إلى تسريع جهودهم للانضمام إلينا." وأصيب نحو 300 شخص.
وينتمي المصابون لنحو 40 جنسية مما أدى إلى سيل من الدعم الدولي للمدينة خلال ثلاثة أيام من الحداد. وعرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما "أي مساعدة يمكننا القيام بها" لبلجيكا للمساهمة في تقديم المهاجمين الذين على قيد الحياة للعدالة. وأعلنت واشنطن أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيزور بلجيكا يوم الجمعة للتعبير عن التضامن.
ورفضت الحكومة البلجيكية انتقادات الرئيس التركي وقالت إن البكراوي (29 عاما) لم يتم ترحيله إلى بلجيكا ولكن إلى هولندا المجاورة. ويقول المسؤولون إنه مثلما الحال في قضية أحد منفذي تفجيرات باريس فإنهم لا يستطيعون احتجاز المتشددين المشتبه بهم الذين طردوا من تركيا ما لم يكن هناك دليل واضح على ضلوعهم في جريمة.
وقال إردوغان عن إبراهيم البكراوي الذي اعتقل قرب الحدود السورية وجرى ترحيله في يوليو الماضي "تجاهلت بلجيكا تحذيرنا بأن هذا الشخص مقاتل أجنبي."
وتسلط القضية الضوء على المشكلة التي تواجهها بلجيكا مع نحو 300 بلجيكي حاربوا في سوريا وهو أكبر عدد من أوروبا قياسا بعدد سكانها البالغ 11 مليون نسمة. وقال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز إن الأمن يجب أن يكون متوازنا مع الحقوق المدنية. ويقود ريندرز جهودا للتصدي لانتقادات دولية لسياسات بلجيكا المتعلقة باحتواء المتطرفين الذين ينتهجون العنف ضمن جاليتها المسلمة التي تشكل نحو خمسة في المئة من السكان.
ويعقد وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي اجتماعا في مقر المجلس الأوروبي في بروكسل اليوم الخميس لبحث سبل تحسين التنسيق لكن مسؤولين يقولون إن الكثير من الدول تحجب أهم البيانات بالنسبة لهم رغم إعلان استعدادهم تقاسم المعلومات المخابراتية.
وفي حين تبذل بروكسل جهدا لعودة الحياة في المدينة إلى طبيعتها فإن مطارها سيظل مغلقا إلى يوم السبت على الأقل. ولم يتم بعد تحديد هوية المشتبه به الهارب والذي رصدته كاميرات المراقبة وكان يخفي وجهه بقبعة ونظارة. وكان الاعتقاد في وقت سابق إنه العشراوي الذي عثر على حمضه النووي على أحزمة انتحارية في باريس والذي سافر في سيارة مع المشتبه به الرئيسي في هجمات باريس من المجر في رحلة من سوريا على الأرجح.
وكان سائق السيارة هو صلاح عبد السلام الذي اعتقل يوم الجمعة في بروكسل والذي يقول ممثلو الإدعاء إنه اعترف بالتخطيط لتفجير نفسه في العاصمة الفرنسية قبل أن يغير رأيه..