تواترت عمليات استهدفت رؤساء مقاطعات في بعض مناطق المغرب، وجاءت متزامنة، مما يجعلها حملات غير بريئة حيث بسرعة البرق ظهرت فيديوهات، ومنها أشرطة قديمة أعيد نشرها وتحيينها على أنها جديدة، وبسرعة البرق تم تأسيس صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل شعارات عنصرية، مغزاها نساعد "ولاد الشعب" ضد "القايد" وكأن هذا الأخير جاء من جزر الواق واق. نشير بداية إلى ان "القايد" ليس ملاكا وليس شيطانا، بل هو مواطن مثلنا، يعتريه ما يعترينا من العوارض البشرية والهزات النفسية، حتى "القايد" يضعف ويمرض ويصعد منسوب ضغطه. فهو واحد منا جزء من هذا الجسم، فيه أمراضنا كما فيه الشر الثاوي في نفس البعض منا وفيه الخير الذي نسعى إليه جميعا. "القايد" بشر، قد يكون رجلا طيبا ويحافظ على القانون ويرعاه وقد يكون غير ذلك.
مثلما يوجد قائد فاسد يوجد غيره من الخيرين وما أكثرهم، وكذلك الشأن بالنسبة للأطباء والمعلمين والمهندسين ورجال الأمن ونحن الصحفيين هل نسينا أنفسنا ونسينا أمراضنا، فهو بكلمة واحدة يشبهنا فيه ما فينا.
لا نريد تبرير سلوك أي قائد من القواد استعمل السلطة ومركزها وأدواتها لتحقيق رغبات شخصية، لكن نريد أن نتساءل عمن يريد تحول حالات فردية ومعزولة ومشكوك في صحتها إلى حالة عامة؟ من يستهدف مؤسسة "القايد"؟ وما الغرض من وراء ذلك؟ ولما يتم اختزال المؤسسة كاملة في اصطدام هذا القائد أو ذاك بمواطنين؟
يبدو أن الحملة ليست بريئة وليست من نوع الحملات التي تهدف إلى رفع الظلم والغبن عن المواطن، ولكنها من نوع الحملات التي تريد تحقيق أهداف سياسية. كيف تم الترويج لشريط فيديو يصور قائدا تتم "بهدلته" بالدروة دون التساؤل عن خرق القانون من خلال تصوير مواطن واستغلال صوره في عملية ابتزاز خطيرة. فالقانون يعتبر ذلك جريمة. لكن لماذا اتجهت صفحات الفايسبوك كلها لإدانة القائد والوقوف مع العائلة "المظلومة" التي طلبت ثلاثة ملايين درهم كمقابل لعدم نشر الشريط.
وما إن قررت وزارة الداخلية عزل قائد الدروة حتى فجروا قضية المرأة المحروقة بالقنيطرة، وجاؤوا بالشهود الذين يقولون إن القايد صفع المرأة وشعرت بالحكرة، مع وجود شهود آخرين يقولون العكس وأن القايد كان لبقا وأراد تطبيق القانون ضد سيدة كانت تعرقل حركة السير وأمرها باللجوء إلى مكان آخر. من يسمع للشهود الآخرين.
طبعا لن ينصت إليهم أحد ونحن في زمن التسطيح، الذي تقوده جهات سياسية خدمة لأغراضها وأهدافها الحزبية الضيقة ضد على مؤسسة هي جزء من المؤسسات الحامية للوطن.
ولنذهب بعيدا مع "جهلة" السياسة والإعلام والتسطيح ونقول إن الحالات التي جعلتم منها ملفات قوية في محاولة لضرب مؤسسة القايد كلها صحيحة، وهذا فرض محال في غياب تحقيقات محايدة، لكن هل هذا يبرر جهوم هؤلاء المردة على مؤسسة القايد؟ لا شيء يبرر ذلك غير النوايا السيئة.
هذه الحملة الشعواء التي تسير اليوم على قدم وساق، وتشارك فيها صحف يومية ومواقع إلكترونية، حملة منظمة من قبل جهات متضررة من حياد السلطة المحلية خلال الانتخابات، وحرصها على مرور الانتخابات في نزاهة وشفافية، وهذه الجهات المتضررة منها أحزاب كبيرة وغيرها أزعجها حرص الإدارة الترابية على سلامة الانتخابات.
لو كان الأمر يتعلق بحقوق لتم تناول كل حالة على حدى وعدم اختزال مؤسسة القايد في الصدام مع مواطنين وهو أمر يحدث يوميا، لأن ليس من مهام القايد أن يأمر بائعة البغرير بتحويل مكانها إلى ممر آخر حتى تفسح المجال للناس قصد المرور فقط، ولكن يتحمل أعباء الإدارة الترابية والسهر على النظام والأمن العام، ويقوم بمهام مساعدة المجالس المنتخبة في شؤونها الإدارية ويقوم بدور ضابط الشرطة القضائية وضابط احتياط يمكن استدعاؤه للحرب ومراقبة الفضاء العام وتنفيذ المقتضيات القانونية ومراقبة حركات الإرهابيين ومراقبة الجريمة المنظمة والسهر على الضوابط العامة للصحة ناهيك عن تسليم الشهادات الإدارية للمواطنين.
هذه مهام القايد أيها الناس ولا يمكن اختزالها في البناء العشوائي والأسواق الأكثر عشوائية، ولا يمكن أن نترك التيارات السياسية تمارس المغالطات حول مؤسسة لها دور مهم في البلاد، حتى يتسنى لها تخويف المؤسسة بأكملها لتعمل ما تريد خلال الانتخابات أو استمالتها.
بالجملة هناك جهات سياسية تريد اختزال مؤسسة "القايد" في حالات استثنائية قصد تخويف الإدارة الترابية قبيل الانتخابات، وهذا هو هدفها وقد اتضح من خلال الحالات التي تم توجيه الاتهام إليها بغض النظر عن مضمون الاتهامات.