ما يدهش فعلاً هو أن تناقش أحدهم حول الحجاب ثم حول الإسلام…وتقول له "الحجاب" مسألة خلافية بين الفقهاء.. وخاصة شكله وحجمه والمبالغة في تغليف المرأة بالسواد تماماً بشكل مهين..بعد إرهابها دينيا وتخويفها من "غضب الله"..ويجيبك محاورك : "ما هي عقيدتك ؟؟"..فتقول أن الإسلام موزع في مذاهب يتسع لها كلها دون تكفير أي مذهب كما كان في الزمن العباسي..زمن "المناظرات الدينية" بين الفقهاء..لكن..مع الأسف..أُقفل بابُ الإجتهاد في القرن 5 الهجري..ودخل العرب عصور التقليد والانحطاط..عصر دويلات المماليك..ومع أول هبة لأول نسمة حرية..سوف يفتح باب الاجتهاد لمذاهب مستقبلية أكثر عقلانية وانفتاحاً على روح العصر..لأن الإسلام مفتوح على التاريخ..وعلى كل العصور..قيأتي الجواب من صديق محاورك..مخاطباُ صديقه " فلان أعرض عن الجاهلين !!! "..فيرد محاورك متناغما مع صديقه الناصح له :" ما أكتر الرويبضة في هذا الزمان أخي فلان الله المستعان !!! ".. وهكذا يذهب ما كتبته في تعليقك مع الريح..وتجد نفسك مذهولا أمام بشر لا يعرف في "الإسلام" سوى لغة التكفير والتجهيل..مزكياً نفسه بالعلم والإيمان..واضعا في جيبه شهادة "الدخول للجنة" بميزة حسن جداً..شاهراً في وجهك شهادة "الزج في النار" بميزة "سيء جداً"..بشر اتخذ من الإسلام هواية تصنيف البشر..مع التشفي..بالسخرية والاحتقار..في الذين صنفهم من أهل النار..ولا يعني الحصول شهادة "دخول الجنة" سوى أن تصمت وتتفق مع كلامه حد المطابقة التامة..وأي سؤال أو ملاحظة ستصبح في رمشة عين في صف "أهل النار"..ماذا يمكننا القول أمام هؤلاء المنغلقين الحاقدين على كل مختلف ؟؟.. نقول ببساطة إن اتهام الناس وتكفيرهم ليس من شيم المسلمين..تزكية الذات أسهل شيء..ولغة العلم ضد الجهل ليست هي لغة التكفير..لأن العلم بالدين..هو قبل كل شيء..قيم للتسامح والدعوة للهداية بمحبة..ولا بد أن نترحم على العلماء الكبار الذين يذيلون حديثهم ب"والله أعلم".. لتواضعهم ومعرفتهم أن العلم ليس للتبجح ولا لإيذاء الناس وتجريحهم..كما أن اكتساب العلم نسبي..وفوق كل ذي علم عليم..لكن..والحال هذه..لا بد أن نتعاش ونصبر على هذه الموجة العاصفة من الانغلاق والتكفير التي أنتجها هذا الزمن الرديئ ..زمن الإسلام السعودي النفطي..زمن الصحراء القاحلة..والاقتصاد الريعي غير المنتج..فمن المؤكد أن الذي لا ينتج اقتصاديا..لا يمكن له أن ينتج علميا ولا معرفيا ولا ثقافيا..لأن الحياة في الاقتصاد الريعي لا تتطور وتتجدد..بل تدور وتدور وتتكرر..ما دام باطن الأرض لا يزال يفيض نفطاً..