عاشت ناحية تطوان موسم عطش قاس، جعل الساكنة في حالات خوف من مستقبل مرعب، وزاد من هواجس الخوف تأخر الغيث بداية موسم2016- 2017. وبعد رحمة السماء الغزيرة، تناسلت أسئلة حول مستقبل الاحتياط المائي وسياسة تدبير مستدام. بناء عليه، جاءت مساهمة نادي الصحافة بمؤسسة الأبرار للتربية والتعليم، بحثا عن أجوبة لواقع تزود ناحية تطوان بالمادة الأولى للحياة، فانجزنا هذا التحقيق الصحفي . هل تعرف؟ - ناحية تطوان: تشمل تراب جماعات إقليمتطوان الذي يضم: تطوانوالمضيقومرتيلوالفنيدق وأزلا وزاوية سيدي قاسم (أمسا) ووادي لو والحمرا (بني حسان) وبني حرشن. ويبلغ عدد سكان هذه الناحية، حسب معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، 550347 نسمة (أكثر من نصف مليون)، وفيها من مدينة تطوان وحدها 380787 نسمة. - خارطة المسؤولية المائية: تتوزع مسؤولية جمع وتصفية وتوزيع الماء الشروب بين ثلاث جهات: - الحوض المائي اللوكوس ،التابع لوزارة التجهيز، وهو المسؤول عن تجميع مياه الأمطار في السدود قبل تزويد المكتب الوطني للماء الصالح للشرب. - م.و.م.ص.ش: يجمع صبيب السدود في محطات للتصفية قبل بيعها لشركة التوزيع أمانديس. أمانديس: شركة تدبير مفوض تستقبل المياه المصفاة في خزّانات (تعرف في ناحية تطوان ب("البوسيطوس")، ثم تقوم بإيصالها صالحة للشرب إلى المستهلك، مساكن ومؤسسات.
هل تحفظ السدود أمطار السماء؟ تتجمع مياه الأمطار بناحية تطوان في سدود تحت مسؤولية الحوض المائي اللوكوس، التابع لوزارة التجهيز: سد اسمير في المضيق، وسد مولاي الحسن المهدي، بخميس أنجرة، ثم سد النخلة بطريق شفشاون، إضافة إلى ستة (06) أثقاب للمياه الباطنية. أما سد الروز فمخصص لسقي الأراضي الفلاحية. لكن ليس كل ما ينزل من السماء يتحول ماء شروبا، لأسباب منها: - أغلب التساقطات في منطقة الشمال الغربي موضعية لا تصل إلى السدود. - الترسبات المستمرة أضعفت حقينة السدود القديمة (النخلة، أسمير). وقد عاشت تطوان انقطاعا يوميا مبرمجا لمياه الشرب، أرعب الساكنة في الأشهر العجاف الأخيرة من سنة 2016. ترتب عنها أوضاع السدود سالفة الذكر، وعن تراكم ضعف التساقطات عبر ثلاث سنوات متتالية. ودفعت الأزمة إلى الإسراع في أشغال مد أنابيب الربط بالسد المتوسطي، القريب من ميناء طنجة المتوسطي. وتقدر حاجيات إقليمتطوان، الذي يفوق عدد سكانه نصف مليون نسمة (وفق إحصاء سنة 2004)، ب35 مليون متر مكعب سنويا، أما القدرة الاستيعابية للسدود في وضعها الحالي، فنجمعها في الجدول التالي:
السد الحالة – الحقينة مولاي المهدي 30 مليون متر مكعب النخلة 04 مليون متر مكعب أسمير 41 مليون متر مكعب المتوسطي أشغال الربط واد مرتيل قيد الأشغال المجموع 75 مليون متر مكعب
رغم عدم اكتمال الأشغال بسد واد مرتيل، فإنه بعد تساقطات هذا العام، جمع نسبة مهمة من مياه الغيث، ويزود الآن ناحية تطوان، بعد خضوعه للتصفية بمحطة طوريطا. واعتبارا لمكانة سد اسمير حاليا، في انتظار إتمام أشغال سد وادي مرتيل، قمنا بزيارة استطلاعية لعين المكان، رافقنا رئيس محطة الموارد المائية. انتهت أشغال بناء السد سنة 1995، في غمرة أزمة مائية سابقة عاشتها ناحية تطوان، بسبب مشاكل سد النخلة وعجزه عن تأمين احتياجات الناحية من الماء. يعتمد السد نظام التشغيل الآلي لإيراد المياه ونقلها وتحويل اتجاهها. وفي حوارنا الميداني مع السيد عبد الغني طاهري، سجلنا معلومات واطلعنا على مطوية بيانات أعدتها إدارة الحوض المائي اللوكوس، وقد أمكنا التزود بمعطيات حول كمية المياه التي دخلت السد، فقد بلغت هذا الموسم 32 مليون متر مكعب. قد يتفاجأ المتبعون لوضعية السدود، بالنسبة المرتفعة لحقينة السد هذا العام، مقارنة ب ثلاثة ملايين متر مكعب نهاية 2016. لكنها راجعة إلى استقبال 17 مليون متر مكعب من سد الروز. فضلا عن نسبة التساقطات المرتفعة بناحية تطوان هذه السنة. وقد كانت قدرته أكبر حيث سجلت حقينته 46 مليون متر مكعب في الموسم النموذجي 1995- 1996. نزلنا نفق درجيا تحت ارضي، وعاينا تجهيزات مراقبة الحقينة، إلا علبة المراقبة الساتليتة، لأنها مغلقة في وجه الزائرين. شاهدنا انفاقا أرضية ومواسير ضخ يبلغ طولها 400 متر، وعاينا خزان احتياط الفيضان.
سد اسمير
التصفية قبل التوزيع بناحية تطوان ثمان محطات تصفية المياه العذبة، تابعة للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وتمر عملية التصفية بالمراحل التالية: مرحلة التعقيم الأولي بواسطة مادة الكلور، قصد إزالة الترسبات، ثم مرحلة الترويد والتصفيق والترشيح. أما آخر مرحلة فهي التعقيم النهائي. بعد هذه المراحل الثلاث، تتسلم شركة التدبير المفوض (أمانديس) مهمة توزيع هذا الماء الصالح للشرب ساكنة تطوان. وفي سياق هذا التحقيق، قمنا بزيارة لمحطة طوريطا. وقد أوضح المهندس المسؤول مصطفى أوحساسي، في حوارنا المباشر معه، أن حقينة السدود قد ارتفعت، بنسبة جيدة، مقارنة بما كانت عليه العام الماضي، و بالتالي فإن ناحية تطوان، لن تعيش مشكل انقطاع الماء، بعد فترة صيف 2017. وأكد كذلك أن المياه الجوفية تستغل بشكل أساسي بمحيطنا و البرهان هو الفرشاة المائية بتمودا بي والمضيق ، وهناك مناطق أخرى إلا أنها لا تستغل بسبب دخول ماء البحر إليها، وبالتالي لا يمكن استغلالها، فرغم معالجته قد تبقى نسبة %20 من الملوحة. وفي جوابه عن سؤال: هل تعتبر جهة الساحل الشرقي(وادي لو، قاع اسراس...) آمنة من خطر الانقطاع؟ أجاب أن استهلاكها محدود لقلة عدد السكان، خلاف مدينة تطوان، فهي مدينة كثافتها السكانية مرتفعة، وتعج بالسياح والقادمين من مناطق المغرب المختلفة.
تصفية مياه الشرب - طوريطا
أي مستقبل مائي مستدام؟ لم نهتم في هذا التحقيق بتكلفة هذه المادة الحيوية وتسعيرتها التي كانت موضوع شكايات واستنكارات، اعتبرتْها ذات تأثير كبير على مستوى عيش فئات مختلفة. ذلك أن هدف هذا العمل الصحفي البحث عن الماء، وطرق تأمينه للمواطنين، وسبل الحفاظ عليه للأجيال القادمة، لذلك ركزنا على العناصر التالية: 1- معالجة المياه العادمة: بمدخل جماعة العليين، على بعد 15 كيلومتر من مدينة تطوان، أنشئت محطة التصفية تمودة باي لمعالجة المياه العادمة. يتم تجميع وتوجيه المياه المستعملة المنزلية (الواد الحار) والصناعية والأوحال الشتوية، للمنطقة الواقعة بين قنطرة كابيلا حتى مدينة الفنيدق نحو محطة التصفية عبر ثمان (8) محطات ضخ.
معالجة المياه العادمة - تمودا باي وتمر المعالجة بثلاث مراحل: مرحلة المعالجة التمهيدية، ويتم خلالها إزالة النفايات الصلبة عبر مصفاتين آليتين تلقائيتي التشغيل، إضافة إلى فصل الزيوت والرمال. ثم مرحلة المعالجة الأولية، ويتم في هذه المرحلة إزالة المواد العضوية و المعدنية السهلة الترسب و ذلك عبر مرسبين أوليين تسمى المواد المترسبة حمأة أولية، والمعالجة البيولوجية أو الثانوية. تم تصميم هذه المرحلة وفق مبدأ الحمأة المنشطة ذات الحمولة المتوسطة. أما المرحلة الثالثة، فهي مرحلة تصفية المياه القادمة من المعالجة البيولوجية قبل التطهير، وإعادة استخدامها كمياه للري، بعد معالجة الروائح. مكتب المراقبة و التتبع
متوسط حجم المعالجة الحالي 8000 متر مكعب يوميا إنتاج الغاز الحيوي 3000 متر مكعب يوميا في خضم هذا التحقيق، استطلعنا آراء مهنيين ومتابعين، يحذوهم الشك، حول استغلال الماء الشروب في سقي مساحات خضراء، في المنطقة التابعة لمحطة المعالجة، رغم يافطات "ماء غير صالح للشرب"، ولما استفسرنا محاورنا السيد يونس أركاز، تقني متخصص بمحطة تمودة باي، أجاب أن السقي بمنطقة المضيقالفنيدق كله من المياه العادمة المعالَجة. 2- أسئلة مرافقة: في انتظار تعميم محطات المعالجة، حفاظا على مياه الأمطار الصالحة للشرب، وحماية لحقوق الأجيال القادمة، تحاصرنا الأسئلة التالية: - أليس في مقدور المحطة توفير مياه سقي الشريط الأخضر الممتد على طول الطريق الدائري الرابط بين تطوانوطنجة، وشريط الطريق الرابط بين المضيقوتطوان؟ - تطوان شريط بحري، متى يحين أوان تحلية ماء البحر قصد لتزويد مسابح المركبات الساحية والخاصة على الشريط الساحلي؟ - أليس في مخطط جماعات عمالة تطوان، مشروع محطة معالجة لتوفير مياه النظافة وسقي الحدائق؟ خلال مراحل هذا التحقيق أفادنا مسؤولون موظفون بمكاتب شركة أمانديس لتوزيع الماء والكهرباء، بتدارس فكرة الربط بين سدود هذه الناحية، نحمله سؤالا إلى المعنيين: هل انتقلت إلى مشروع؟ ومتى سيحين أوان تنفيذه؟ 3- المسؤولية فردية وجماعية: مسؤولية الحفاظ على ماء الشرب جماعية: - جماعية نسبة للجماعات المحلية التي تشكل لجنة التتبع، الكونة من رؤساء الجماعات المحلية. فإلى الآن مازال الماء الشروب ضحية الاستهلاك الخارجي في النظافة وسقاية المنتجعات والحدائق العامة. وإلى حدود كتابة هذا التحقيق، ما تزال أكبر منطقة بالناحية، وهي حاضرة تطوان، تسقي أحزمتها وفضاءاتها الخضراء ماء شروبا، باستثناء شريط دائري قصير، بين "الرمانة" والمحطة الطرقية الجديدة. الذي تم ربطه بماء "السكوندو". - والمسؤولية جماعية، يتقاسمها كل شخص يستفيد من ماء الحياة. لذا تنتظر البيئة من الجميع حماية هذا الرزق المنزل من أجل البشر والحيوان والشجر. هعبر أحاديثنا مع أصناف من الساكنة والفاعلين، استخلصنا المقترحات التالية: - عقد اجتماع أو مناظرة محلية حول المستقبل المائي لناحية تطوان، تشارك فيها كل المؤسسات المسؤولة والمتدخلة في تجميع الماء وتصفيته وتوزيعه، ومكونات المجتمع المدني، والباحثون الأكاديميون، ومؤسسات التربية والتعليم والمؤسسات الصناعية والمركبات السياحية... - تكثيف حملات توعية المواطنين بقيمة الماء وبخطورة إهداره. - وينتظر الإعلان عن مشاريع مائية مستدامة. - وعلى المستوى الفردي، ينتظر معاينة سلوكات تجنب إهدار الماء في الحمامات الخاصة والعامة، وأثناء الأشغال المنزلية والمطعمية... أغلب الناس يحفظ الآية الكريمة: {وجعلنا من الماء كل شيء حي}
...................................................................................................... فريق العمل رفقة مهندس محطة طوريطا أعد التحقيق: نادي الصحافة بمؤسسة الأبرار للتربية والتعليم الخصوصي بتطوان. أنجز الحوارات والتقارير والصور: بسمة الخمليشي – فاتن بنصديق- أيمن بن عمر - حمزة بعوش- حكيمة العلوي – معاد موساتن. إشراف: ذ. محمد البالي. نشر بإلكترونية تطوان نيوز يوم الاثنين 13 مارس 2017. فريق التحقيق بمحطة تمودا باي - أمانديس
