يرصد كتاب "السفراء التطوانيون على عهد الأسرة العلوية" لمؤلفه لأستاذ محمد الحبيب الخراز إسهامات مدينة (الحمامة البيضاء) في إشعاع الدبلوماسية المغربية عبر قرون من الزمن على يد العديد من أبنائها الذين برزوا في وظائف سياسية وخدموا بلادهم بإخلاص وعملوا على تحريره من ربقة الاستعمار. ويعالج الجزء الأول من هذا الكتاب، الذي قدمه الأستاذ صلاح الزعيمي السفير السابق ورئيس النادي الدبلوماسي بالرباط في إطار الدورة الرابعة ل"تطوان الأبواب السبعة" (18-25 أكتوبر)، الفترة الممتدة ما بين عهدي السلطان مولاي إسماعيل ومولاي عبد الرحمان بن هشام، فيما تم تخصيص الجزء الثاني للسفراء الذين ينحدرون من مدينة تطوان منذ حكم مولاي الحسن الأول الى اليوم. ويقدم الكتاب مجموعة من المعطيات حول الدبلوماسية المغربية وأهدافها، كما يكشف المناوشات والمؤامرات التي حيكت، طيلة قرون، ضد المغرب الذي كان محط أطماع بعض البلدان المجاورة والاوروبية في ذلك العهد. ويشير مؤلف الكتاب إلى أن السلطان مولاي إسماعيل كان أول من أرسى بنية مكلفة بالشؤون الخارجية وعين في عهده أول وزير للشؤون الخارجية بالمغرب في وقت كانت فيه فرنسا وانجلترا إمبراطوريتين أوروبييتين بقيادة على التوالي الملكين لويس الرابع عشر وتشارلز الثاني. ولهذا السبب، يضيف الكاتب، اختار المولى إسماعيل الحاج محمد تميم كسفير للمغرب في فرنسا ما بين سنتي 1681 و1684 ، وتمثلت أولى مهامه في التوصل إلى اتفاق بخصوص الهجمات التي كانت السفن الفرنسية تتعرض لها من قبل السفن التابعة للأسطول المغربي. وأكد الأستاذ الخراز أن المغرب لم يكن في تلك الفترة قادرا على إحداث تمثيليات دبلوماسية دائمة بسفراء مقيمين، وذلك بسبب قلة الإمكانيات والتجربة الدبلوماسية وعدم ضبط اللغات الأجنبية. وفي الجزء الخاص بالعلاقات المغربية البريطانية، تطرق الكاتب إلى تطور هذه العلاقات عبر قرون من الزمن، وإلى كثافة الاتصالات والمهام الدبلوماسية بين البلدين، مذكرا بتعيين أول سفير وهو محمد بنحدو العطار الذي قدم أوراق اعتماده للملك تشارلز الثاني في سنة 1682 التي شهدت أيضا توقيع أول اتفاق للسلم والتجارة بين البلدين. كما اعتبر المؤلف أن وزير الشؤون الخارجية محمد بنعثمان كان أبرز سفير في عهد السلطان محمد بن عبد الله، حيث تقلد عدة مناصب ديبلوماسية في إسبانيا ومارس مهام سفير للمغرب بمالطا وتركيا قبل تعيينه من جديد كسفير في مدريد في عهد السلطان مولاي اليزيد. ويتطرق الكاتب في الجزء الثاني من الكتاب إلى مسار السفراء التطوانيين الذين خدموا العرش العلوي المجيد، خاصة مولاي الحسن بلمهدي سفير المغرب بالمملكة المتحدة وعبد الخالق الطريس الذي شغل لفترتين منصب سفير المغرب بمصر والأعضاء الثلاثة من عائلة بنونة، وهم على التوالي الطيب وإدريس وأبوبكر وأخيرا محمد الخطيب الذي شغل منصب سفير بكوبا.