احتضنت قاعة ابن بطوطة بنادي التعليم بطنجة أطوار المحاضرة التي كانت من تقديم المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي ومن تسيير الإطار ربيع الخمليشي ومن تنظيم النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية بطنجة يومه الجمعة 14 أكتوبر 2011 . نجيب أقصبي عمل على إعطاء نظرة شمولية للوضع الاقتصادي والمالي العالمي وأثاره السلبية على الاقتصاد المغربي ،حيث تناول الأزمة العالمية في مراحلها المتعددة منذ ظهورها حوالي الخمس سنوات بأمريكا ثم أوروبا على اثر ديون الأبناك في مجال البناء والسكن والتي انتقلت إلى مديونية للعائلات فالابناك الدولية ثم انتقالها إلى القطاع الخاص وشمولها للمالية العمومية لتؤثر سلبا على حياة الملايين من المواطنين،فأرتفع سعر الغذاء مع انهيار الناتج الداخلي الخام لمجموعة من الدول المتضررة بالأزمة وخصوصا أمريكا واغلب دول القارة الاروبية. واعتبر أقصبي أن اغلب التحاليل الاقتصادية تفيد أن الأزمة الحالية قد تعرف ثلاث سيناريوهات، سيناريو L وv وw وهذا يعني أن بعد حدوث الأزمة يقع ركود طويل في السيناريو الأول ،أما الثاني فيعني بعد الأزمة يحدث انتعاش للاقتصاد العالمي ،أما السيناريو الثالث وهو توصيف للحالة الآنية ،أزمة يليها انتعاش ثم تعود الأزمة من جديد ،وهناك مؤشرات اقتصادية حاليا في أوروبا تفيد حدوث هذا السيناريو ،مما يعني انتقال الأزمة إلى الاقتصاديات المرتبطة بالاقتصاد الأوروبي بما في ذلك الاقتصاد المغربي؟ وتطرق نجيب أقصبي إلى أزمة الاقتصاد المغربي واعتبر أن السبيل الوحيد أمام الاقتصاد المغربي للنجاة من الأزمة يكمن في انقاد الاقتصاديات المتعثرة بأوروبا نظرا للارتباط الوثيق للاقتصاد المغربي بدول أوروبا ،وأكد أقصبي أن معدل الأمطار وعجز الاقتصاد المغربي على الاندماج في الاقتصاديات العالمية ، وعدم وجود استثمارات أجنبية كبيرة بالمغرب أدى إلى حفاظ الاقتصاد المغربي على توازنه في المرحلة السابقة ،إلا أن نتائج السياسة الفلاحية للسنوات الماضية أدت إلى خلق تبعية للسوق العالمي في مجال المواد الغذائية الأساسية ،مما سيزيد الضغط على صندوق المقاصة وذلك كل ما ارتفعت أسعار المواد الغذائية عالميا،ومن المعلوم أن الضغط على صندوق المقاصة يرهق المالية العمومية مما سيزيد من حده الأزمة مستقبلا بالمغرب ،وذلك ما سينجم عنه اضطرابات اجتماعية ،حيث أن دعم صندوق المقاصة خلال هذه السنة تجاوز 45 مليار مما يناهز 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام،رغم أن 80 في المائة من هذا المبلغ تستفيد منه الشركات والعائلات الكبرى وليس المواطنين الفقراء . واعتبر أيضا أن السياسة الحكومية كانت خاطئة في مجال الإعفاءات الضريبية على الشركات والتي نزلت من 35الى 30 في المائة وذلك والى جانب الإعفاءات المتعلقة بالضريبة على الدخل ،وهو ماقدر ب16 مليار كخسائر لميزانية الدولة ،فيما أن المستفيد الحقيقي كان الشركات الكبرى من قبيل كوزيمار واتصالات المغرب وامانديس بدل توجيه هذه الإعفاءات إلى المحتاجين من الفقراء، وتوقع أن الاقتصاد المغربي سيدفع الفاتورة غاليا أمام هذه السياسة الحكومية الخاطئة . وفي الأخير تساءل المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي عن مصدر التشريعات المتعلقة بالمجال الاقتصادي بالمغرب ،وعن قدرة الحكومة على تغيير المخططات القطاعية والتوجهات الكبرى ،وعن مدى معقولية صفقات كبرى سترهن المالية العمومية سنوات عديدة في ظل أجواء الأزمة العالمية من قبيل صفقة القطار السريع tgv والذي سيكلفنا 33 مليار،ليختم المحاضرة بنقاش عن مدى مشروعية القرارات التنموية وإشكالية النظام السياسي المغربي الذي أصبح عائقا امام التطور والنمو الاقتصادي.