لا يختلف أحد في الجزائر نفسها قبل غيرها بأن الوضع في البلاد أصبح لا يطاق ، وأنه لا يمكن الاستمرار في تغطية الشمس يالغربال .ومع ذلك هناك من يدعو إلى دعم ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية جديدة ، بل هناك من يتجاوز هذا ويقول يتمديد ولايته من خلال تعديل دستوري . الغريب أن أصحاب هذا الموقف وهم أحزاب في الائتلاف الحاكم يعرفون الحالة الصحية المتدهورة لرئيسهم، والأوضاع المزرية التي تعرفها بلادهم والتي لاشك أنهم كانوا من المساهمين فيها ، ويصرون على تزكية رئيس مريض لم يسمع الشعب الجزائري كلمة واحدة منه منذ عودته من المستشفى الباريسي الذي كان يرقد فيه . ماذا يعني تهافت هؤلاء حول رئيس عاجز عن الحركة وبالتالي غير مؤهل لقيادة البلاد التي توجد الآن في مفترق طرق لا يعرف أحد إلى أين يمكن أن تؤدي؟ إنهم يريدون،أولا ، استمرار الوضع على ما هو عليه ، وثانيا الوقوف في وجه أي تغيير، وثالثا ضمان مصالحهم من خلال النهب والفساد والتسلط واستنزاف موارد البلاد. ألا يعتبر موقفهم القائل بأن الجزائر في حاجة إلى بوتفليقة لاستئناف برنامجه أي برنامج ؟ ضحكا على ذقون الجزائريين واستهتارا بمصير بلد ؟ من قبل ، كان لا يحق للرئيس أن بحكم أكثر من ولايتين ، وعندما جاء بوتفليقة أصبح الحديث عن ولاية ثالثة ورابعة ... والباب مفتوح لولايات أخرى إذا كان في العمر بقية. في تشخيص دقيق للوضع في الجزائر، يقول محمد قيراط ،الإعلامي والمحلل السياسي الجزائري ، أن الجزائر لم تعرف فسادا أكبر من الذي عرفته في عهد بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 1999 إلى اليوم ،حيث "شهدت أسوأ فساد إداري ومالي في تاريخها .. من قضية الخليفة التي تقدر الأموال التي تم تبذيرها بما يزيد عن سبعة ملايير دولار إلى قضية فساد تقدر بضعف كارثة الخليفة ، وهي قضية سونطراك1 وسونطراك2" ، ناهيك عن فضائح أخرى بالجملة كمشروع الطريق السيار شرق غرب الذي ذهبت ملاييره أدراج الرياح ،إلى جانب ملايير أخرى تنهب من أموال الشعب لتصرف على الخواء الخاوي في قضية دعم الانفصال في الصحراء المغربية . أكثر من ذلك تدر مداخيل البترول ملايير الدولارات سنويا ؛ ومخزون العملة الصعبة يقارب 200 مليار دولار، والنتيجة : بطالة متفشية ،غلاء فاحش في المعيشة ، أمراض تنخر المجتمع، أزمة سكن ما زالت تثير المظاهرات والاحتجاجات كل يوم، أزمة تعليم وصحة ،قضاء فاسد بشهادة الجمعية الجزائرية لمحاربة الرشوة ... عوض البحث عن الحل الناجع المتمثل أساسا في تغيير الحكم ،فإن المحيطين بصاحب القصر الحاكم في الجزائر لا هم لهم ،إزاء كل ما تعرف البلاد من تدهور وتوتر، سوى البحث عن تزكية الرئيس لولاية جديدة ترهن الجزائريين لسنوات أخرى عجاف ، والتملق لأصحاب القرار في المؤسسة العسكرية من أجل إحاطة رئيسهم المريض بمزيد من الرعاية والاهتمام ،والوقوف وراءه حتى يتم "انتخابه" لولاية رابعة في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الجزائريين بوقف المهزلة بإدخال التغيير المطلوب والحتمي.