مؤتمر "العدالة والتنمية" بالدار البيضاء.. شعارات كبيرة وواقع حزب مأزوم    عودة الحجاج المكفوفين المنعم عليهم من قبل صاحب الجلالة إلى أرض الوطن    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري "تفند" مزاعم "تدمير الثروة السمكية" بميناء العيون    الفنيدق: إحباط محاولة تهريب 102 ألف قرص مهلوس بمعبر باب سبتة    شيرين تُغضب جمهور موازين: انسحابات وانتقادات لاذعة لأداء باهت    روسيا تشن هجوما هو الأعنف على أوكرانيا منذ اندلاع الحرب    نهائي كأس العرش.. نهضة بركان يواجه أولمبيك آسفي في قمة كروية بملعب فاس    قيوح: المغرب يدعم تعزيز ممرات النقل بين إفريقيا وتركيا    موجة حر قياسية بالمغرب وسط تحذيرات من أمطار عاصفية    أكاديمية الرجاء الرياضي ومؤسسة جون جوريس تحتفيان بتلاميذ الباكالوريا المتفوقين    مدن مغربية ضمن قائمة المناطق الاكثر حرارة في العالم    الدفاع المدني في غزة يعلن استشهاد 23 فلسطينيا الأحد بنيران الجيش الإسرائيلي    في الجلسة الثالثة حول «حقوق الإنسان بين التشريعات والسياسات العمومية والممارسات»    خريبكة.. الفيلم الصومالي "قرية قرب الجنة" يحصد الجائزة الكبرى    مونديال الأندية.. ميسي في مواجهة باريس سان جرمان الذي حمل قميصه و"لم يكن سعيدا" معه    حمد الله يعد لاعبي أولمبيك آسفي بمكافأة مالية في حال الظفر بكأس العرش    معدل البطالة بين السعوديات يتراجع إلى 10.5%    وفد من الدرك الملكي يزور متحف الدرك الوطني الفرنسي في إطار تعزيز التعاون    مشروع قانون إحداث المجلس الوطني للصحافة أمام أنظار المجلس الحكومي يوم الخميس المقبل    إيران تشكك في التزام إسرائيل بالهدنة.. وتتعهد بالرد الفوري    أكادير.. توقيف مواطنين بريطانيين مبحوث عنهما دولياً بناءً على معلومات من "الديستي    وفد سعودي اقتصادي رفيع يحلّ بالمغرب لاستكشاف فرص الاستثمار وتعزيز مستوى الشراكة    هل يطوي المغرب صفحة عبد السلام أحيزون؟ من "اتصالات المغرب" إلى مهرجان موازين وجامعة ألعاب القوى    معهد الموسيقى في تمارة يتوج مساره الدراسي بتنظيم حفل فني    تطوان تستقبل وفد أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة في زيارة لتعزيز التعاون الثقافي    ترامب: اعقدوا صفقة غزة.. أعيدوا المحتجزين    ذكرى استرجاع سيدي إفني، صفحة مشرقة في مسلسل الكفاح البطولي من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية    "فرحتي كانت عارمة".. بودشار يحتفي بحفل جماهيري تاريخي في موازين    ماجدة الرومي تتألق في الرباط وتلتقي جمهورها المغربي ضمن فعاليات مهرجان موازين    كرة القدم.. المنتخب الإنجليزي يتوج بلقب بطولة أمم أوروبا للشباب    حزب متطرف في إسبانيا يقترح إلغاء برنامج تعليمي يستهدف الحفاظ على الهوية المغربية لدى أبناء الجالية    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال شهور    الشرقاوي ينفي عزمه الترشح لرئاسة نادي اتحاد طنجة والإطاحة بالرئيس الحالي كرطيط    زلزال بقوة 5,3 درجات يضرب وسط باكستان    جريمتي كانت تنفيذًا لأمر إلهي لإنقاذ إسرائيل من الشر    عاصفة رعدية وأهداف قاتلة .. تشلسي يعبر إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية    الجامعة تحدد أجل تجديد بطاقة المدرب    مبادرة تستعين بتلاميذ لإقناع "متسرّبين" بالعودة إلى مقاعد الدراسة بالمغرب    المجتمع المدني يُكرم بوجيدة بالناظور    هجوم إعلامي قذر من الجزائر على مالي    سعر صرف الدرهم ينخفض أمام اليورو ويرتفع أمام الدولار    أكثر من 2000 مشارك من 3 قارات في مناظرة الذكاء الاصطناعي بالمغرب    غزة وإسرائيل .. هل يفصلنا أسبوع عن وقف الحرب؟    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    أزيد من 48 بلدا في فعاليات "مراكش عاصمة شباب العالم الإسلامي 2025"    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    مجموعة العمران تطلق جولة "Al Omrane Expo – مغاربة العالم 2025" من بروكسيل    قناة عبرية: مصدر سوري يكشف عن توقيع إسرائيل وسوريا اتفاقية سلام قبل نهاية العام    تقنين جديد لإنتاج وتسويق الخل بالمغرب    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام المدمٍِِر
نشر في أكادير 24 يوم 19 - 12 - 2014

من كان يعرف أننا سنصبح يوما في عالم التكنولوجيا والسرعة، ذاك العالم الذي أصبح فيه الانترنيت أفضل من الكتاب والتلفاز أرقى من المذياع، والهاتف أطور من صندوق الرسائل…، عالم أصبح قرية صغيرة إن صح التعبير.
عالم لم يعد فيه طعم ولا ذوق، اضمحلت في تلك اللهفة التي تدفع ذاك الجد إلى قطع مسافة لا يهم كم هي نحو جاره ليسمع نشرة الأخبار وطعم ذاك الانتظار الذي تستغرقه الرسالة لتصل وذاك التذوق والشوق الذي يحسونه عندما يجدون كتابا ليقرؤوه…، نماذج يحتدى بها كانت في ذاك الزمان، صحيح أنه متعب نوعا ما لكن ما كان يميزه من إرادة وصبر ورغبة ينسي التعب لدى أصحابه، فالانتظار في ذاك الزمان ليس هو نفس انتظار اليوم فذاك له طعم خاص به طعم يضعنا في المعنى الجوهري للانتظار والصبر، أما انتظار اليوم فمليء بالملل والسرعة وقد يتحول إلى حزن واكتئاب لأن تلك الرسالة لم تصل بعد أو عندما تنقطع الشبكة فجأة أو الكهرباء نبدأ فورا في اللوم والشتم لان الشبكة انقطعت ولم ننهي حديثنا بعد على الانترنيت كأنه لا حديث غيره، والمسلسل الذي نتابعه لم نكمله بسبب الكهرباء و..
كنا سنكون محظوظين لو ولدنا في ذاك الزمن، أما اليوم فربما نحن من أتعس الناس بسبب هذه التكنولوجيا أو ربما السبب فينا نحن لأننا لم نتعامل معها بالشكل الصحيح لقد أخذناه و ولفناها لدرجة لا نستطيع فيها العيش من دونها فلا تصور للحياة في غياب هاتف أو تلفاز ولا حتى الكهرباء فهل هذه هي الحياة الحقيقية ؟ اشك فعلا
لأن الحياة الحقيقية كانت مع أولئك الذين سبقونا، أولئك الذين أورثهم الزمان خصالا لا وجود لها في زمننا هذا؟؟
فنحن أكثر ما ورثناه في هذا اليوم هو كله مبادئ لا تشرفنا أبدا لقد ورثنا الكسل حتى أصبحنا عاجزين عن فتح كتاب وربما لو عاد بنا الزمن إلى الوراء وطلب منا زرع الأرض ما كنا سنفعل وان فعلنا لن نكملها ولو طلب منا تسلق جبل ما كنا سنفعل لدرجة أصبح فيها من يتسلق جبلا بسيط من أقوى الرياضيين ، فماذا عن أولئك الذين يتسلقون جبالا كثيرة ليس حبا فيها ولكن الحياة فرضت هذا ومع ذالك هم بألف خير إننا نفتقر إلى الإرادة والقوة وكذا الصبر ليس لأننا لم نولد معهم( الإرادة والصبر…) بل لأنها اضمحلت لسبب بسيط وهو أننا وجدنا كل ما نريد بين أيدينا أما أولئك فلا، وهم قد صنعوه بأنفسهم وبدلوا جهدهم في ذالك وهنا يكمن الفرق.
إنه لمن الجميل أن تكون لدينا التكنولوجيا من وسائل الإعلام والاتصال وغيرها من الأمور، فهي تساعدنا في أمور كثيرة وخاصة أننا في عصر المعرفة لكن ألا تلاحظون أنها ضرتنا أكثر مما نفعتنا؟؟ فأضرارها علينا لا تعد ولا تحصى، ربما أنا لا أراها و لا أنت لكن ذاك نعم، لنأخذ وسائل الإعلام والاتصال من قنواتنا نموذجا بسيطا على ذلك بغض النظر عن بعض القنوات التي لا يزال ضميرها بخير : فهي تنقل لنا أخبار العالم ونكتشف فيها الكثير مما كنا نجهله ذات يوم وهذا فضل لا يجب أن ننساه قد نقول أنها نمت معرفتنا وأخرجتنا من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة والاكتشاف لكنها بالمقابل قلبت حياتنا رأسا على عقب، عندما أصبح الحاسوب يصاحب مائدة الغداء كما لو انه عصير يمرر طعامنا، وأصبحت التلفاز عضو في خلية الأسرة لا ينقصنا سوى أن نضيفها في الحالة المدنية، أو بمعنى أخر أصبحنا نرتبط بالآلة أكثر من الإنسان، لقد محت في داخلنا ذاك الحياء الذي كنا نفتخر به وتلك الملامح البريئة التي نحملها، دمرت فينا كل شيء وجعلتنا نعيش في عزلة لانهاية لها ربما نتساءل كيف ذالك؟ والجواب سنجده في واقعنا المعاش في حينا هذا، أو ذاك الدرب الذي بجوارنا وربما في تلك المدينة التي تبعد عنا بالقليل، حينما يمسك طفل في الثالثة عشر من عمره سكينا و يطعن به صديقه أو أخاه أو ربما أبويه لأنهما لم يجلب له ما طلبه أو ربما لان أبوه يعنف أمه أو العكس أو لان ذاك الفريق خسر، حبا بالله أتتخيلون طفلا صغيرا يقتل؟ لماذا فعلها'؟ لأنه رأى نموذج هاته الجريمة، ومن وجهة نظره هي صحيحة لأنه شاهدها من قبل في مسلسل ما، كيف لا ونحن نتابع مسلسلات من خمسمائة حلقة إن لم يكن أكثر لدرجة أصبح فيه جزء منا كأننا نحن من نصوره داخل بيوتنا ونحن الأبطال، حتى المرأة الناضجة أو الأم التي كان عليه أن تنصح تتابعه بلهفة وقد تنسى لبرهة أن لها عائلتها وأسرتها؟؟ فأين راحت إذن براءة ذاك الطفل؟ لقد تحول إلى مجرم بسبب الإعلام و أين ذهب دور تلك المرأة؟ و أكثر شيء علمه الإعلام للمرأة هو التمرد لدرجة أصبحت فيه تتمرد حتى على نفسها؟ لم نكن لنعرف الخيانة لولا هذا الإعلام، ماذا عسانا نقول حينما يضرم شابا في مقتبل العمر نارا في جسده لسبب لا يستحق حتى التفكير فيه، و ماذا عن تلك الفتاة التي رمت نفسها من سابع طوابق لانها لم تنجح؟ ليس السبب هو الرسوب بل ذاك الاكتئاب والعزلة التي نعيش فيها طوال الوقت بسبب الإعلام وفي أي فرصة فشل قد نؤدي فيها حياتنا، كيف لا والأغاني بأنواعها الكثيرة اكبر مشجع لنا في مثل هذه الأمور السيئة أتساءل أحيانا هل يستطيعون تحمل هذا الذنب على عاتقهم؟ ربما هم لا يعرفون كم بنت انتحرت بسببهم ولا عن كم أزمة اكتئاب سببوها ولا عن حجم الفتنة التي زرعوها فهم يغنون فحسب، استغرب عندما أجد طفلا صغير يحفظ أغنية لا بداية ولا نهاية لها، مع العلم أن الكلمات قاتلة أحيانا و هذا ما كان يجب أن يحرصوا عليه قبل أن يمسكوا الميكرفون؟؟
ذات يوم ليس ببعيد ناداني ابن الجيران عمره عشرة سنوات وسألني عن تلك العروق التي بيده اليسرى، وقال لي وأنا مذهولة هنا قطعت تلك البطلة يدها بقطعة زجاج وسألني لماذا في هذه اليد بالذات وقفت في استغراب لدرجة أنني لم اجبه، طفل في العاشرة من عمره يريد أن يعرف لما هم يقطعون شرايين اليد اليسرى لا اليمنى؟ أهذا هو ما يجب أن يعرفه طفل في هذا العمر؟؟ وماذا لو جربها في يده، احتمال ليس ببعيد أبدا؟؟
أصبح الابن يصرخ على والديه وقد يضربهم حتى، لقد حول الاعلام العقوق إلى حق في التعبير والدفاع عن النفس، فمن كان يتجرأ أن يرفع صوته على عائلته؟؟ لقد أعمانا التقليد في زمن العولمة المدمرة حيث الحرية فاقت الحد بكثير.
لقد توغل فينا الإعلام لدرجة أصبح فيها هو ميسر حياتنا، قد لا ألومه عندما يؤدي الأشخاص الراشدين لأنهم هم أيضا يتحملون المسؤولية فيما يحدث لهم، لكن عندما يتعلق الأمر بطفل لم يعرف بعد ما الحياة نعم أنا ألومه وألومه وأعيد لأقول اغلب ما يحدث لنا بسببه، كان عليه أن يكون هادفا بكثير و أن يستحضروا أن هناك براءة في الوجود عوض الدهس عليها.
أبدا لا تتساءلوا لما المساجد فارغة فمشاغل الدنيا أهم ولا حتى عندما ترى من يجمع الصلاة في واحدة فالمسلسل سيفوت ولا تندهشوا عندما تروا عود كبريت أو سكين بيد طفل صغير فهو تعود على رؤيتها و لا تتفاجؤوا عندما تجد الأطباء النفسانيين يشغلون كل مكان، ما كنا سنكون بحاجة إليهم لو سلكنا طريقا غير هذا الطريق وما كنا سنصادف مئات الكتب حول كيفية العيش… لقد أصبحنا في زمن لم نعد نعرف فيه حتى كيف نعيش تصوروا هذا؟؟؟ لا تستغرب إن اختلط الماء بالزيت يوما فقد يحدث؟؟
يقولون إن لم تكن لك خطة في الحياة ستصير جزءا من خطط الآخرين وهذا بالذات ما نعيشه اليوم فنحن لا نعيش بخططنا بل بخطط غيرنا الغرباء وبخطط أعدائنا، لقد غرسوا قنبلة في بيوتنا وفي داخلنا دون أن نشعر لقد زينوها وقدموها بحلة لا تظهروا ضررها بقدر ما تفتننا، فنحن اليوم لم نعد نحارب ذاك الشيطان الجاهل الذي قرانا عنه وسمعنا به ، لقد فشلت خططه تلك، وعاد ليعود لنا بحلة جديدة : شيطان بغطاء إعلامي.
حنان عيياش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.