في عصرنا الحالي تنكب الدول على بناء أوطانها و التخطيط لمستقبلها باستراتيجيات متقنة، لذلك نسمع بمخططات قصيرة و متوسطة و بعيدة المدى، مخططات ينكب عليها أخصائيون في الميدان؛ من علماء المستقبليات و دارسي مستقبل السوق الدولية في القادم من السنين والأجيال. في الدول المتخلفة، تعيش الدولة كما المواطن على وقع الصدف والمفاجئات فلا هي أعدت للمستقبل ولا هي بقارئة لماضيها من أجل الاعتبار فتكون الدولة بذلك فريسة للمخططين من أمم الكون التي تسود الكون بالاقتصاد و الاعلام و السياسة و الرياضة و القوة العسكرية. المغرب ومنذ الاستقلال من الاستعمارين الفرنسي و الاسباني تحت لواء قادة رفضوا الخنوع أمثال مولاي موحند و عسوا وبسلام و أمغار سعيد، أبطال الذاكرة التاريخية الوطنية، وهو يقوم بالمخططات من ثلاثية و رباعية وخماسية وسداسية، وبما أن الأرقام لم تعطي أكلها فقد لجأ الى الالوان من مغرب أخضر فأزرق … دون أن نرى ما يفيد من هذه المخططات والتي ستحس المواطن البسيط بالتغيير. إن اليابان كقوة اقتصادية تمكنت من الرقي بذاتها دون أن تمد يدها للامبرياليين من أمريكان أو غيرهم، بل كانت ثورة الميجي العلمية كافية لتنتقل باليابان من بلد دمرته القنابل النووية و استوت بنيانه مع الأرض بفعل الطيران الأمريكي الى وطن قائم على قواعد سليمة في مجمل القطاعات من تعليم راقي و بنيات صحية تعتبر الأجود دوليا وصناعات جعلت من هذا الأرخبيل المتناثر محتلا للعالم أجمع، فلا يكاد منزل في العالم يخلوا من منتجات هذه الدولة. ومن غرائب الأمور أن تكون اليابان في ذات الوضعية التي كان عليها المغرب ذات يوم، كما أن الدولتين معا أرسلتا بعثتين من الطلبة من أجل التكوين خارج الديار، فكانت بعثة اليابان ساس تغيير اليابان فيما همشت الكوادر المغربية، وهجر من هجر فيما رضي من بقي بالواقع المر. وبذلك تحولت اليابان الى كوكب عجيب تجاوز العالم بسنوات ضوئية فيما لازلنا نختلف في تسمية الوطن بين قائل بأننا دولة متخلفة وأخر قائل ببلد سائر في طريق التنمية. في ظل هذه المتغيرات التي يشهدها العالم، كيف السبيل لتتطور الوطن لما فيه خير البلاد و العباد، بشكل يحول دون تكرار مشاكل مجتمعية كالظاهرة " إبا إجو " التي كشفت عورة القضاء المغربي، فلم تفلح صرخاتها ولا التضامن الشعبي في تخويلها حقها، وأساتذة اعتصموا بالرباط لأزيد من ثلاثة أشهر في ظروف مناخية و قمعية لا يحسدون عليها في تناف تام مع " كاد أن يكون المعلم رسولا " كما أن الممرضين عماد الصحة الوطنية يعيشون ظروفا مزرية متمثلة في إنسداد الأفق المعرفي و فراغ قانوني يؤدي بملائكة الرحمة الى ردهات السجون لجرم مقترف متمثل في التدخل الخاطئ لانقاد الأرواح البريئة .