ينتظر علماء وباحثون إسبان الترخيص لهم للشروع في عملية حفر أرضية إحدى القبب الموجودة بالمصلى المحاذية لحي بن ذباب، حيث تقام صلاة الأعياد الدينية بمقاطعة المرينيين، وذلك من أجل إخضاع رفاة الجثث المدفونة تحث هذه القبة لعمليات مخبرية بحثا عن رفات محمد أبو عبد الله الصغير آخر سلاطين بني الأحمر بغرناطة. ويأتي هذا البحث العلمي الذي يدخل ضمن الأبحاث والدراسات التي يقوم بها مركز أبو ظبي للتقصي التاريخي عن أحداث ووقائع آخر سلاطين بني الأحمر من تاريخ وجود العرب المسلمين في الأندلس مابين سنة 1470 و1500 م. ويتوقع الباحثون بعد قيامهم بدراسة علمية مشجعة لهذه المنطقة تواجد رفاة 9 أشخاص تحث القبة وبجوارها اعتمادا على ما جاء بكتاب «سلوة الأنفاس» للمقري الذي ذكر فيه أنه دفن بالمصلى بعد موته بفاس. وأبو عبد الله محمد الثاني عشر، الملقب بالملك الصغير أو «التشيكو» بالإسبانية و«أبو عبديل»، ولد في قصر الحمراء بغرناطة سنة 1460م وتوفي 1527م بفاس. أمه عائشة بنت محمد الأحمر، ووالده ابن أبو الحسن بن سعد من بنونصر، وبعدما وقع هذا الأخير في غرام امرأة إسبانية تدعى «إيزيابل ذي سوليس» ابنة قائد قلعة مرتوس، بدأت الخلافات تدب بين الأب وابنه بسبب الزوجة، التي قامت وبدافع إبعاد أبو عبد الله الصغير عن الحكم لأنه الوريث الوحيد المرشح لخلافة والده أبي الحسن بتدبر مكيدة للابن انتهت به بالسجن برفقة والدته عائشة وشقيقته ب«دار الحرة»، بحي البيازين القريب من قصر الحمراء. وبعد فترة قضاها الابن بالسجن تمكن من الفرار وبالاستعانة مع بعض الموالين له والمتذمرين من حكم والده أبي الحسن تمكن أبو عبد الله الصغير بقيادة انقلاب أدى به إلى تولي الحكم بالغرناطة. خلال حكم أبو عبد الله الصغير تمزقت الوحدة مع سلاطين المغرب، وبدأ الصليبيون في توحيد صفوفهم للقضاء على آخر معاقل الإسلام في الأندلس بعد ما تزوج فريناند ملك أراغون من إيزابيلا ملكة قشتالة، واتحدت المملكتان ضد غرناطة. وفي إحدى المعارك على غرناطة وقع أبو عبد الله أسيرا بيد الصليبيين، وأصبحت جل المدن الكبرى في يد الصليبيين مابين 636 و668 م، حيث استولى فرديناند الثالث ملك قشتالة وجايم الأول ملك أراجون على مدن بلنسية وقرطبة ومرسيه وأشبيلية وأصبح حكم المسلمين محصوراً في غرناطة، التي استطاعت مقاومة الصليبيين قرنين ونصف من الزمان من طرف ما تبقى من المسلمين بغرناطة وسلاطين المغرب. وكان آخر سلطان من سلالة الملوك المصريين الذي عاش سقوط غرناطة وسلم بيده مفاتيح المدينة إلى الملكين الكاثوليكيين فرناندو وإليزابيث، عام 1492م، وانتهى بذلك تاريخ حكم المسلمين في الأندلس الذي بدأ عام 711 بعد سقوط دولة بني الأحمر، ورحل أبو عبد الله الصغير إلى المغرب الأقصى عند محمد الشيخ المهدي، واستقر في مدينة غساسة الأثرية الموجودة في إقليم الناضور، ونهايته أتت حين حارب قريب له يحكم فاس، وقُتل في تلك المعركة سنة 1527م.