يوما بعد يوم يكشف التحقيق في قضية وفاة بائع السمك عن أوراق جديدة. فبعد أن تم وضع ثمانية أشخاص رهن الاعتقال الاحتياطي ومتابعة ثلاثة آخرين في حالة سراح تتسارع وتيرة التحقيق لتأخذ منحى آخر بعدما يتعلق بالظروف التي تم فيها شراء وإخراج كمية من السمك غير المرخص من الميناء. فقد راسل وزير الداخلية وزير العدل والحريات من أجل فتح بحث حول عمليات الصيد غير القانونية في منطقة الحسيمة مع ترتيب الآثار القانونية على ضوء نتائج هذه الأبحاث. ويأتي هذا الطلب طبقا للتعليمات التي أصدرها جلالة الملك محمد السادس، لوزير الداخلية لإجراء بحث دقيق ومعمق بخصوص كل القضايا المرتبطة بالحادث. واستنادا إلى ذات المصادر فإن قضية "محسن فكري"، أعادت النقاش مجددا حول الفساد المستشري بميناء الحسيمة، والذي يتخذ أشكالا متعددة بدءا من الصيد غير القانوني، وصولا إلى تفريغ السمك وتهريبه خارج مكتب الصيد، لتخزينه وتصديره دون تسجيله في الكنانيش الرسمية للمكتب الوطني للصيد البحري، مرورا من بوابتي الميناء اللتين يؤكد مصدر أن المراقبة بهما ضعيفة، رغم النداءات المتكررة للبحارة بتشديد الخناق على مهربي الأسماك انطلاقا من البوابتين. الإشكال الذي سيواجه التحقيقات الجارية بشأن السمك المهرب الذي كان بحوزة محسن فكري، هو أن قوارب الصيد التقليدي التي تصطاد سمك «أبوسيف» و«التون»، لا يسمح لها بهذا النوع من الصيد الذي يستعمل شباكا محظورة دوليا، علاوة على أن القطاع ذاته غير مهيكل رغم احتجاجات البحارة منذ سنين لإيجاد الحلول لهذا النوع من القوارب، بالإضافة إلى كونها تمارس نشاطها في صيد سمك «أبو سيف» منذ ما يزيد عن سنتين، وتبيعه في السوق السوداء، لينقل إلى مستودعات التخزين، ثم يُصدر نحو طنجة والناظور، في غياب تام للوزارة الوصية على القطاع والمراقبين الموكول لهم مهام تطبيق القانون. الطامة الكبرى أن قوارب الصيد التقليدي التي تخصصت وطيلة السنتين الأخيرتين في صيد هذا السمك، الغالي الثمن والكثير الجودة والتي تحرم الدولة من مداخيله، لا تبيع منتوجها من الصيد في أسواق المكتب الوطني للصيد البحري، ومعها القوارب التي تقل حمولتها عن 4 أطنان، بل تبيعه في السوق السوداء، كما أن بحارة هذا القطاع محرومون من التغطية الصحية والاجتماعية، ناهيك عن عشرات الخروقات القانونية التي يعرفها القطاع والتي ياما كانت موضوع احتجاجات كثيرة لعمال القطاع.