المغرب يُحدث قفزة تشريعية في مكافحة الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة    وهبي يُدخل تعديلات على تشكيلة "الأشبال" أمام المكسيك    وسيط المملكة يؤكد أن المغرب مستهدف وأن للتطبيقات المستخدمة بين التعبيرات الشبابية رهانات واستراتيجيات    لجنة التعذيب.. الوجه الخفي للنظام العسكري الجزائري الذي يرهب أبناءه    وفاة مواطن خلال الأحداث التي شهدتها منطقة سيدي يوسف بن علي لا أساس له من الصحة (الوكيل العام للملك)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    قصف متواصل وإسرائيل تتحدث عن تقليص عمليتها بغزة تجاوبا مع خطة ترامب                حماس توافق مبدئيًا على خطة ترامب لوقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى    بيتيس يعلن إصابة سفيان أمرابط        العثماني: نعيش مرحلة صعبة... مطالب شباب جيل "Z" مشروعة وجميع وعود "أخنوش" لم تتحقق    باحث فرنسي متخصص في الشأن المغربي: احتجاجات "جيل زد" في المغرب تكشف أزمة ثقة عميقة بين الشارع والمؤسسات    أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    مسرح رياض السلطان يواصل برنامجه لشهر اكتوبر    رسالة اجتماعية وأرقام قياسية.. أغنية "الهيبة" تحقق صدى واسعًا    تجربة إبداعية فريدة تجمع بين الشعر والموسيقى    الاتحاد الإسلامي الوجدي يهدد انطلاقة شباب المحمدية والمغرب التطواني يبحث عن تصحيح الأوضاع    صحيفة إلكترونية أمام لجنة الأخلاقيات بسبب نشر محتوى محرض على العنف    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    لماذا يتجاهل بعض التونسيين أزمتهم الداخلية ويركزون على المغرب؟    ترامب يعلن عن "يوم كبير" ويشيد بدور دول عربية في خطة إطلاق الرهائن    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    رئيس "اليويفا": إستبعاد إسرائيل من مسابقات كرة القدم غير مطروح    أكادير: أرباب مطاعم السمك يحتجون الاثنين تزامناً مع دورة مجلس الجماعة    تعيين محمد فوزي واليا على مراكش وخالد الزروالي واليا على فاس    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدعو إلى إطلاق سراح النشطاء المحتجزين من طرف إسرائيل و تندد بخرق القانون الدولي    آلاف المغاربة يتظاهرون في عشرات المدن للتنديد بقرصنة أسطول الصمود العالمي    البرلمان الهولندي يدعو إلى الإفراج الفوري عن ناصر الزفزافي وباقي السجناء السياسيين في المغرب    جينك يعلن خضوع الواحدي لعملية جراحية في الكتف    الحكم بالسجن أربع سنوات وشهرين على ديدي    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب    الأمين العام يأسف لوقوع أعمال عنف أثناء المظاهرات في المغرب        فيدرالية اليسار تجمع أحزابا ونقابات وجمعيات حقوقية لدعم حراك "جيل زد"                    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نواجه الفتن
نشر في أخبارنا يوم 16 - 12 - 2022

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فكلما ابتعد الناس عن زمان النبوة كلما ابتعدوا عن مصدر النور وسراج الهداية، وكلما اقترب الزمان من نهايته وكان الناس قريبين من الساعة كلما زادت الفتن وظهرت العظائم.. كما روى أحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيأتِي على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ؛ يُصدَّقُ فيها الكاذِبُ، ويُكذَّبُ فيها الصادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ، ويخَوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّويْبِضَةُ. قِيلَ: وما الرُّويْبِضةُ؟ قال: الرجُلُ التّافِهُ يتَكلَّمُ في أمرِ العامةِ).
والله جعل العافية لهذه الأمة في أولها، وستبتلى في آخرها، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن أمتَكم هذه جُعِلَتْ عافيتُها في أولِها، وإن آخرَها سيُصِيبُهم بلاءٌ وأمورٌ يُنْكِرُونها، تَجِيءُ فتنٌ فيُرَقِّقُ بعضُها لبعضٍ، فتَجِيءُ الفتنةُ فيقولُ المؤمنُ: هذه مُهْلِكَتي. ثم تَنْكَشِفُ، ثم تجيءُ فيقولُ: هذه مُهْلِكَتي. ثم تَنْكَشِفُ، فمَن أحبَّ منكم أن يُزَحْزَحَ عن النارِ، ويُدْخَلَ الجنةَ فلتُدْرِكْه موتَتُه، وهو مؤمنٌ باللهِ واليومِ الآخرِ، وليَأْتِ إلى الناسِ ما يُحِبُّ أن يُؤْتَى إليه)[النسائي وابن ماجه].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: (سَتَكُونُ فِتَنٌ القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، ومَن يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعاذًا فَلْيَعُذْ بهِ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمالِ فتَنًا كقطعِ اللَّيلِ المظلمِ، يصبحُ الرَّجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا يبيعُ أحدُهم دينَهُ بعرضٍ منَ الدُّنيا)[رواه مسلم وأحمد والترمذي].
وفي حديث العرباض بن سارية عند الترمذي قال صلوات الله عليه وسلامه: (إنَّه مَن يَعِشْ منكم بعدي، فسيرى اختلافًا كثيرًا...)[رواه أحمد وأبو داود والنسائي].
وإنما جعل الله هذه الفتن يبتلي بها الناس ليعرف الصادق من الكاذب، وليميز الخبيث من الطيب.. {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت:3]، {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[الأنفال:37].
ذلك أن هذه الفتن تعرض (علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ، علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَدُ مُرْبادًّا كالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ)[رواه مسلم].
فتن الشبهات والشهوات:
وهذه الفتن كثيرة جدا، أحيانا تكون في الدين وأحيانا في البدن، وأحيانا في المال أو الزوجة أو في الولد أو في الملذات والشهوات.
لكنها على كثرتها تنقسم إلى قسمين، أو يجمعها أمران: فتن شبهات، أو فتن شهوات.
ففتنة الشبهات: تكون في الدين، في العقائد، والأفكار والتصورات، وثوابت الدين وقواعده وأصوله.
وفتنة الشهوات: هي الملذات والمشتهيات التي يحبها الإنسان وتميل إليها نفسه وهواه، سواء كان شهوة البطن أو الفرج.
وما عرف زمان فتحت فيه أبواب الفتن بنوعيها كما فتح في هذا الزمان:
فأما الشبهات: فقد زادت في هذا الزمان عن أي زمان، وذلك بسبب تسلط الكفار، ومحاربتهم للدين والغزو الثقافي الذي يتعرض له المسلمون، وتمكن المنافقين والفجار والزنادقة من مواقع التأثير، وكثرة الملحدين والعلمانيين وأعداء الدين.. مع ضعف العلم عند كثير من المنتسبين للإسلام؛ فنتج عن هذا كله فتح الباب أمام أهل الأهواء ليطعنوا في الدين، ويحاولوا تشويه الإسلام في عيون أهله ويشككوهم فيه وفي أحكامه وتشريعاته، فعمت الفتن وطمت.
وأما الشهوات: فكذلك حالها من انتشار المنكرات والإعلان بالفواحش، وانتشار الزنا وتسهيله، والدعوة العالمية إلى اللواط والمثلية، وتقنين هذا الوباء والبلاء، ومحاربة من ينكره أو يهاجمه أو لا يرضى به.. مع تسهيل الوصول إلى المعاصي، ونشر الفواحش والتشجيع على نشرها، هدما للقيم والمبادي والأخلاق وتحطيما للأسر.
كيف نواجه هذه الفتن
ومواجهة الفتن وحماية النفس من الوقوع فيها يكون بأمور:
أولا: بالإيمان بالله واليوم الآخر: قال صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفتن وأنها ترقق بعضها بعضا: (... فمَن أحبَّ منكم أن يُزَحْزَحَ عن النارِ، ويُدْخَلَ الجنةَ فلتُدْرِكْه موتَتُه، وهو مؤمنٌ باللهِ واليومِ الآخرِ، وليَأْتِ إلى الناسِ ما يُحِبُّ أن يُؤْتَى إليه).
ثانيا: التمسك بالكتاب والسنة: فالقرآن هو منبع الهداية، ومصدر النور، والعاصم من الفتن كما في حديث علي رضي الله عنه: إنَّها ستكونُ فِتنةٌ، قِيلَ: فما المخْرَجُ مِنْها؟ قال: كِتابُ اللهِ، فيه نَبأُ مَنْ قبلَكُمْ، وخبَرُ مَنْ بعدَكمْ، وحُكمُ ما بينَكمْ، هو الفصْلُ ليْسَ بالهزْلِ، مَنْ ترَكَهُ من جبَّارٍ قصَمَهُ اللهُ، ومَنِ ابْتغَى الهُدَى في غيرِهِ أضلَّهُ اللهُ، وهُوَ حبْلُ اللهِ المتينُ، وهُوَ الذِّكْرُ الحكيمُ، وهُوَ الصِّراطُ المستقيمُ، هو الذي لا تَزيغُ بهِ الأهْواءُ، ولا تَشْبَعُ مِنهُ العُلماءُ، ولا تلْتَبِسُ بهِ الألْسُنُ، ولا يَخْلَقُ عنِ الردّ، ولا تَنْقضِي عجائِبُهُ، هوَ الَّذي لمْ تَنته الجِنُّ إذْ سمِعَتْهُ عن أنْ قالُوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إلى الرُّشْدِ}[الجن:1]، مَنْ قال بهِ صدَقَ، ومَنْ حكَمَ بهِ عدَلَ، ومَنْ عمِلَ بهِ أُجِرَ، ومَنْ دَعا إليه هُدًي إلى صِراطٍ مُستقيمٍ).
وكذا التمسك بالسنة: فقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث العرباض السابق ذكره: (فإنَّه مَن يَعِشْ منكم فسيَرَى اختِلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضَلالةٌ).
ثالثا: اللجوء إلى العلماء: فبهم تضاء الظلمات وتحل المشكلات والمعضلات، وقد أمرنا الله بسؤالهم عما أشكل، فقال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل:43]، وقال: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء:43).
رابعا: البعد من الفتن وعدم التعرض إليها: فكما في حديث الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام عن الفتن: (... ومَن يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعاذًا فَلْيَعُذْ بهِ).
خامسا: الدعاء والتضرع إلى الله بأن يعصمك ويحفظك منها؛ وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من الفِتَنِ، ما ظهَرَ منها، وما بطَنَ)[رواه أحمد وصححه الأرناؤوط]، وكان أيضا من دعائه: (اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ فِعلَ الخيراتِ، وتَركَ المُنكراتِ، وحُبَّ المساكينِ، وأنْ تَغفِرَ لي وتَرْحمَني، وإذا أَردتَ بقومٍ فِتنةً فتَوفَّني إليكَ، وأنا غيرُ مفتونٍ)[الطبراني والحاكم في المستدرك].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.