هلال يفضح السفير الجزائري أمام أعضاء الأمم المتحدة وينتقد تعطيل بلاده للعملية السياسية بخصوص قضية الصحراء    منح جائزة التميز لبرلمان البحر الأبيض المتوسط لوكالة بيت مال القدس الشريف    هذه حجم الأموال التي يكتنزها المغاربة في الأبناك.. ارتفعت بنسبة 4.4%    رئيس الحكومة يحل بالمنامة لتمثيل جلالة الملك في القمة العربية    أندية "البريميرليغ" تجتمع للتصويت على إلغاء تقنية ال"VAR" بداية من الموسم المقبل    ولاية أمن طنجة تتفاعل مع شريط فيديو يظهر شرطي مرور يشهر سلاحه الوظيفي على وجه أحد مستعملي الطريق    ذكرى تأسيس الأمن الوطني.. 68 سنة من الحفاظ على النظام العام وحماية المواطنين    القمة العربية: عباس يتهم حماس ب"توفير ذرائع" لإسرائيل لتهاجم قطاع غزة    وفاة الفنان أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي    ميناء طنجة : تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة.. نزول أمطار ضعيفة ومتفرقة فوق مناطق طنجة واللوكوس    "فيفا" يدرس مقترحا بإقامة مباريات الدوريات المحلية خارج بلدانها    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    باحثون يعددون دور الدبلوماسية الأكاديمية في إسناد مغربية الصحراء    اعتبروا الحوار "فاشلا".. موظفون بالجماعات الترابية يطالبون بإحداث وزارة خاصة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    سفارة المغرب ببانكوك توضح بخصوص وضعية المغاربة المحتجزين بميانمار    انطلاق القافلة الثقافية والرياضية لفائدة نزلاء بعض المؤسسات السجنية بجهة طنجة تطوان الحسيمة من داخل السجن المحلي بواد لاو    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    قافلة GO سياحة تحط رحالها بجهة العيون – الساقية الحمراء    مربو الماشية يؤكدون أن الزيادة في أثمنة الأضاحي حتمية ولا مفر منها    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    رسالة اليمامة لقمة المنامة    صعود أسعار النفط بفضل قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    مطالب لوزارة التربية الوطنية بالتدخل لإنقاذ حياة أستاذ مضرب عن الطعام منذ 10 أيام    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    هنية: إصرار إسرائيل على عملية رفح يضع المفاوضات في مصير مجهول    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    الأمم المتحدة تفتح التحقيق في مقتل أول موظف دولي    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    إلزامية تحرير الجماعات الترابية من « أشرار السياسة »    النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما روى القرضاوي مشهدا نادرا من مناقشة دينية مع الحسن الثاني بالدروس الحسنية
نشر في العمق المغربي يوم 28 - 09 - 2022

بعد وفاته عن سنِّ ال96 عاما بالعاصمة القطرية الدوحة، أول أمس الإثنين، أضحت سيرة العلامة المصري ومؤسس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، محط اهتمام وأنظار العديد من الباحثين الذين أعادوا تسليط الضوء على مسار هذا العالِم الذي يُوصف بكونه أحد أبرز رموز الإسلام الوسطي المعتدل في العصر الحالي.
وعقب وفاته وحجم الحزن الذي خيَّم على الملايين من محبيه ورسائل النعي والرثاء في حقه على مستوى العالم الإسلامي وحتى البلدان الغربية، برز إلى الواجهة كتابه "ابن القرية والكتاب.. ملامح سيرة ومسيرة الدكتور يوسف القرضاوي"، الذي روى فيها أبرز المحطات التي عاشها في حياته وخلاصة أفكاره ومواقفه الشهيرة.
ومن ضمن المحطات التي ظلت راسخة في ذهن الشيخ الراحل، مشاركته في درس من الدروس الحسنية بالمغرب، ودخوله في مناقشة دينية مع الملك الراحل الحسن الثاني حول حديث نبوي، وذلك خلال ثمانينيات القرن الماضي.
ويكشف القرضاوي في كتابه المذكور، أنه دُعي في شهر رمضان سنة 1983، من قبل وزير الأوقاف المغربي الراحل، عبد الكبير العلوي المدغري، عن طريق سفير المغرب بالدوحة، للمشاركة في الدروس الحسنية التي اعتاد ملك المغرب الحسن الثاني أن يقيمها كل رمضان، ويدعو إليها عددًا من العلماء من خارج المغرب، بالإضافة إلى علماء المغرب.
وأوضح أن مشاركته في الدروس الحسنية جاءت بعد سلسلة من الاعتذارات التي قدمها سابقا، حيث كان قد قرر الحضور إلى المغرب قصد المشاركة في الدروس الحسنية سنة 1978، إلا أن دخول الملك إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية تسبب في إلغاء تلك الدروس حينها، قبل أن يقرر المشاركة في دروس سنة 1983.
وأشار إلى أن المبررات التي كانت تدفعه للاعتذار عن المشاركة في الدروس الحسنية، من قبيل أن هذه الدروس تلزم العلماء بطقوس معينة لا تتفق مع طبيعته، مثل الانحناء والمبالغة في الثناء والتعظيم للملك، لم يجد منها شيئا في الواقع، موضحا أن هناك علماء كانوا يسرفون في الثناء والإطراء نثرًا وشعرًا، لكن لم يلزمهم أحد بذلك، وإنما هم الذين التزموا به طوْعًا.
يقول القرضاوي في هذا السياق: "لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أدعي إليها لهذه الدروس، فقد دُعيت إليها من قبل عدّة مرات، ولكني كنت أعتذر عن عدم تلبية الدعوة بأعذار شتّى، فقد حذرني كثيرون: أن هذه الدروس تلزم العلماء بطقوس معينة لا تتفق مع طبيعتي، مثل الانحناء، والمبالغة في الثناء والتعظيم للملك الذي يدعونه عادة بأمير المؤمنين. وقلت: أنا في غنى أن أكلف نفسي ما لا تحبه ولا تحتمله، فالاعتذار أسلم طريق".
وأضاف: "لكن سفراء المملكة في قطر الذين خالطوني وعرفوني ظلوا يلحُّون عليّ أن أستجيب، وقالوا لي: إن أحدًا لا يلزمك بشيء من هذه الطقوس، وكل عالم حر في تصرفه. وأخيرًا استجبت للدعوة في رمضان الموافق 1978م، وسافرت إلى المغرب فعلًا، للمشاركة في هذه الدروس، ولكن قدَّر الله أن يدخل الملك المستشفى لإجراء عملية جراحية، فلم تعقد هذه الدروس في ذلك الموسم".
وفي سنة 1983، قرر القرضاوي المشاركة في الدروس الحسنية، حيث روى تفاصيل تلك المشاركة بالقول: "في الليلة المعهودة، ذهبت إلى قصر الملك، وحيَّيته وسلَّمت عليه من وقوف، ولم أضطر إلى أن أنحني، أو أخرج عن طبيعتي قيد أنملة، كما قد قيل لي من قبل. بل كان الرجل ودودًا بشوشًا مُرحَّبًا بي أكثر من غيري، ممن ألقوا دروسًا قبلي".
وأضاف: "جلست على الكرسي وجلس الجميع -ومنهم الملك نفسه- على الأرض، وقد حضر ولي العهد -وهو الآن الملك محمد السادس- وحضر الوزير الأول والوزراء وكبار رجال الدولة، وقادة الجيش، وسفراء الدول الإسلامية، وكبار العلماء ووجهاء البلد. وكان سفير قطر في ذلك الوقت هو عميد السلك الدبلوماسي، لعراقته في وظيفته هناك، وهو الأستاذ عبد الله الجيدة".
وتابع قوله في الكتاب نفسه: "ابتدأت درسي بقولي: مولانا الملك المُعظم... ثم استرسلت في درسي. وجدت الخطاب بهذا الوصف هو أكثر ما يكون ملاءمة لموقفي، وهو تعبير صادق عن الواقع، وليس فيه ما يؤخذ عليَّ".
وأضاف: "أما كلمة «مولانا» فكر المسلمين موالي بعضهم لبعض، {وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ} [التوبة: 71]، وأما كلمة «الملك» فهذه حقيقة، فهو ملك مبايع من شعبه، وأما كلمة «المُعظم» فهي حقيقة كذلك، بل هو معظَّم جدًّا، ولا سيما من ناحية نسبه الشريف، إذ هو يفخر بأنه ينتمي إلى الحسن السبط أحد سيدي شباب أهل الجنة. فلم أكذب ولم أنافق فيما قلت".
وأوضح أنه اختار درسا مرتجلا ينطلق من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة: من يجدد لها دينها"، معتبرا أن الذي رجّح اختياره لهذا الحديث حينها هو "أننا في أوائل القرن الخامس عشر الهجري، فلم يمض منه إلا سنتان وبعض الثالثة".
وأفاد القرضاوي في سيرته، بأنه شرح هذا الحديث أمام الملك وربطه بالواقع، مُبيِّنًا معنى التجديد وجوانبه المختلفة، وهل المجدَّد فرد أو جماعة أو مدرسة؟، وعرج على قضايا واقعية حية، طيلة 50 دقيقة استغرقها درسه.
وكشف أن الملك الحس الثاني كان يصغي إليه باهتمام، بوجهه وعينيه وأذنيه، وكذلك الحاضرون جميعًا، مضيفا: "كان حديثي يحمل نقدًا للواقع، الذي نعيشه في ديار العرب والإسلام، وهو حديث عالم مشغول بالدعوة والإصلاح والتجديد، فلا يُتصور أن ينفصل عن واقع الأمة وأدوائها وآمالها".
وفي نهاية الدرس، سأل الملك القرضاوي سؤالًا مهمًا على عادته في مناقشة العلماء، حيث قال: "إنَّ الذي نحفظه في رواية هذا الحديث:، أنه بلفظ: «يجدِّد لها أمر دينها»، ليرد القرضاوي: "هذا هو المشهور على الألسنة، ولكن الذي رواه أبو داود في كتاب الملاحم من «سننه»، ورواه الحاكم في «مستدركه»، ورواه البيهقي في «معرفة السنن والآثار»، كلهم متفقون على هذه الصيغة: «يجدد لها دينها»، والتجديد بالمعنى الذي شرحته لا حرج فيه".
واعتبر القرضاوي أن هذا السؤال من الملك والرد عليه بصراحة، كان موضع حديث المغرب كله باعتباره ردد على الملك ولم يُوافقه في الرأي، كما يفعل كثيرون، موضحا: "لا أرى في ذلك بطولة ولا فضلًا، فقد سأل الملك سؤالًا، وبيَّنت له الإجابة حسب علمي. ولن أحرّف العلم من أجل الملك، ولا أحسبه هو يرضى ذلك مني، ويبدو أن الذي تعوده الناس من العلماء: ألا يعقبوا على ما يقوله الملك".
وأوضح القرضاوي أنه نظرا لانشغاله بالدرس أكثر من انشغاله بالملك، لم يفكر في الدعاء له في ختام حديثه، مشيرا إلى أنه ترك نفسه على سجيَّتها، "وكأنما أنا في درس في أحد جوامع الدوحة" وفق تعبيره.
وفي ختام المجلس، يقول القرضاوي: "صافحني الملك بحرارة، وقال لي: نريدك أن تكون معنا في الموسم القادم. وطلب مني أن أبلغ سلامه إلى سمو أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وقد فعلت. كما سلَّم عليّ وليّ العهد وكبار رجال الدولة، وسفير قطر، الأستاذ عبد الله الجيدة، عميد السلك الدبلوماسي في المغرب، وسفير عُمَان، وقد كان ممن يحضرون دروسي في الدوحة، وقد حصل على الثانوية من قطر، وهو من آل الحارثي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.