كينيا تعتبر المخطط المغربي للحكم الذاتي بمثابة المقاربة الوحيدة المستدامة لتسوية قضية الصحراء، وتشيد بالتوافق الدولي المتزايد والدينامية التي يقودها جلالة الملك لفائدة هذا المخطط    السلفادور تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب وتدرس فتح قنصلية لها في مدينة العيون    بعثة تقنية من وزارة الشؤون الخارجية تزور سوريا لتفعيل القرار الملكي بإعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق    العيون: افتتاح مركز لمعالجة طلبات التأشيرة نحو فرنسا    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    حزب الأحرار يبرر لمجلس الحسابات إنجازه 3 دراسات بكلفة تناهز نصف مليار سنتيم من مال الدعم    أخنوش: المغرب هو الثاني إفريقيا بعد تخصيصه ل 2% من ناتجه القومي لتمويل الدعم الاجتماعي المباشر    تشغيل أول خط كهربائي عالي التوتر لتزويد ميناء الناظور غرب المتوسط بالطاقة    بوعياش تبرز تحديات الذكاء الاصطناعي    السعودية: عيد الأضحى الجمعة 6 يونيو    "تمويل أخضر" جديد يعزز التزام مجموعة الفوسفاط بالاستدامة والابتكار    باحث: عيد الأضحى 7 يونيو بالمغرب    مؤسسة محمد السادس تحتفي بتميّز أسرة التعليم في الشعر بعدة لغات    "الكاف" يكشف عن الملاعب المستضيفة لمباريات كأس الأمم الأفريقية للسيدات بالمغرب    حاجيات البنوك من السيولة تتراجع إلى 118,7 مليار درهم خلال أبريل 2025 (مديرية)    أنشطة الموانئ.. رواج بقيمة 60,8 مليون طن في الربع الأول من 2025    أخنوش: أكثر من 5,5 مليون طفل ومليون مسن ضمن المستفيدين من الدعم الشهري    الركراكي يستدعي 27 لاعبا لمواجهتي تونس والبنين    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات ": لمحات من سيرة العلامة المحقق المرحوم عبد الله المرابط الترغي.    كلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال تستضيف الإعلامية حنان رحاب    الحبس شهرين لمتهم تسبب بجروح لسيدة استلزمت 88 غرزة    الركراكي يعلن ثقته في تتويج المغرب بكأس إفريقيا: "حكيمي سيرفع الكأس"        نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية مصحوبة محليا بتساقط للبرد وهبات رياح اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    موجة حر مرتقبة.. طبيب ينبه للمضاعافت الصحية ويدعو لاتخاذ الاحتياطات    الركراكي: تلقينا اتصالات من الأندية من أجل ترك لاعبيهم واخترت فاس لأن المنتخب لم يلعب هناك ل16 سنة    أخيرا مجموعة عمل برلمانية تشرع في الاستماع إلى وزير الفلاحة حول مخطط المغرب الأخضر    يوعابد ل"برلمان.كوم": موجة حر قياسية وغير مستقرة مرتقبة هذه الأيام بالمملكة    تجمع تدريبي للفريق الوطني للريكبي 15 بفرنسا استعدادا لتصفيات كأس العالم    أنشيلوتي يعلن قائمة منتخب البرازيل    توقيف مشتبه في إضرامه للنار عمدا في غابة هوارة    مبيعات "تيسلا" تتراجع إلى النصف في أوروبا    تزامناً مع موجة الحر.. الدكتور حمضي يكشف عن إجراءات مهمّة لتجنب المخاطر الصحية    تراجع أسعار النفط وسط ترقب احتمال زيادة إنتاج "أوبك+"    الصين تعزز حضورها الاقتصادي في سوريا عبر استثمارات ضخمة بالمناطق الحرة    حقيقة صفع ماكرون من طرف زوجته بريجيت..    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    36% من مستفيدات برنامج التمكين الاقتصادي للنساء من العالم القروي    موجات الحرارة: إرشادات ذهبية لسلامتكم وسلامة ذويكم    دراسة: الموز يساعد على خفض ضغط الدم بشكل طبيعي    معرض الصين الدولي للسياحة 2025: المغرب يستكشف أكبر سوق سياحي في العالم    الصين تكشف عن مخطط عمل لسلاسل الإمداد الرقمية والذكية    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    كأس إفريقيا للأمم للسيدات.. المنتخب الوطني النسوي يخوض تجمعا إعداديا بطنجة    لوكوس "فوتسال" يتسلم درع البطولة    الحرب الأوكرانية.. الهوية الدينية مفتاح الحرب والسلام في الدول الأوروبية    منها طنجة.. التلفزيون الأيرلندي يحتفي بالمطبخ المغربي ويجوب عدداً من المدن    حاجة المغرب اليوم إلى رجال دولة صادقين    اختتام فعاليات الدورة الثالثة عشر من المهرجان الدولي لفروسية "ماطا" على وقع النجاح الكبير    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    كلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال تستضيف الدكتور أحمد العاقد    حكيم شملال: توحيد ألوان الناظور تهديد للروح الجمالية للمدينة    جامعة ما قبل الرأسمالية    عرض مسرحية "توغ" بالناظور    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يجوز و ما لا يجوز في الترجمة
نشر في طنجة الأدبية يوم 20 - 11 - 2006

اقتبست هذا العنوان عن كتاب العلامة عبد العزيز بن الصديق «ما يجوز و ما لا يجوز في الحياة الزوجية» لما أثاره من صدمات مبهجة بخصوص الاستمتاع الشرعي والتحرر به.. وأريد أن أبدو مفتيا في ميدان الترجمة من خلال هذا العمود.. فلقد بدر إلى ذهني هذا السؤال حول الحرام والحلال في الترجمة عندما طلب مني بعض الأصدقاء تقديم تقرير مفصل عن محتوى كتاب صدر سنة 2005 بفرنسا تحت عنوان
« traité d'athéolgie » أي ما يمكن ترجمته «مبادئ نفي اللاهوت» أو «كتاب علم الإلحاد»؛ و هو كتاب قد حقق رقم مبيعات مذهل خلال سنة، كما أنه سرعان ما ترجم إلى أكثر من ثمان لغات لصاحبه الفيلسوف المعاصر ميشيل أونفري. يدافع الكتاب عن طرح إلحادي صريح باعتباره لقاء مع الحقيقة ويحاول تشييد بناء فكري متين يهد صرح الديانات السماوية الثلاث... تلخيص الكتاب في هذا المقام يعسر ويستعسر.. لكنه كتاب يناقش بقوة على الساحة الفلسفية الفرنسية، خصوصا وأن كاتبه فيلسوف افتتح أخيرا جامعة شعبية مفتوحة للعموم -بعد استقالته من العمل بالجامعة لعدم موافقته على المناهج الرسمية-. المهم بالنسبة إلينا أنه كتاب يتطرق للإسلام من خلال نصوصه وتاريخه، وكان اكتشافي لذلك موضع سؤال عن إمكان ترجمته نظرا لتأثيره الكبير في صنع فكر الجمهور الفرنسي.. وكنت أبتغي من ذلك نقل ما يطرحه هذا المفكر حول الإسلام حتى يتمكن أهل الاختصاص من محاججته والرد عليه.
تواصلت مع مسؤول عن دار نشر عربية شهيرة بهذا الخصوص، فرحب بالفكرة في بداية الأمر لبلوغ شهرة الكتاب إلى علمه، لكنه سرعان ما اعتذر بعد قراءته لي من خلال رسالة قال فيها: "لا أستطيع أن أتحمل عواقب هذا الكتاب"، وذكرني هذا السؤال حول الحلال والحرام بمشهد تابعته عند باب مركز تعليم ديني بين فقيه سلفي يعتبر مرجعا لأتباعه بشمال المغرب وأحد طلبته -وهو ملتح بلباس «الأفغان»- الذي انحنى عليه وقد بدا أن هاجس الحلال والحرام يمتلك فكره وعقله سائلا عن حكم ألعاب التسلية كالشطرنج والورق وما شابه.. وبينما بدا بينهما ضمنا اتفاق على تحريم مثل تلك الألعاب، فاجئني الشيخ -وبدا لي أكثر تنورا تأصلا وارتباطا بفكر الأسلاف الحقيقي- حين كان رده من خلال قول مأثور مفاده: «أن معرفة الشيء خير من جهله ولو كان حراما»... والمهم في المسألة أن العلم قدم على الحلال بناء على تأصيل شرعي برزت لي معه الرؤية الحقيقية.. احترمت «الشيخ المتطرف» كثيرا لأنه قدم للطالب رسالة أحسست أنها صدمته، لكنها حررته من أمور كثيرة.... أسوق هذه الحكاية لأورد أن مسألة المعرفة بالفكر الآخر-حتى المخالف للعقيدة منه- لا حرج فيه، بل لا خوف منه لأن الحق يمحق الباطل بحكم ناموس الكون.. في إطار هذا التقديس للمعرفة وللعلم ترجم العرب الفكر الإغريقي –الوثني في خلفيته- ولم يزد ذلك الفكر الإسلامي المحاج للأطروحات الناقدة والناقضة له إلا قوة. فقد قادت تلك التراجم إلى ازدهار فكر ديني إيماني محاجج بقوة ولعل كتاب «تهافت الفلاسفة» للغزالي من ثمار ذلك السياق.. إن ترجمة الآخر جزء بناء الرد المؤسس عليه، إذ لا يمكن الرد على نقد الإسلام دون معرفة ما احتوته بناه النقدية الحجاجية.. ومن ناحية ثانية لا ينبغي لنا أن نبني إيمانا هشا وضعيفا يخاف من فكرة مضللة هنا وأخرى زائفة هناك؛ فهذا منطق من لم يقتنع بحق؛ أما من رسخت عقيدته فلن تشككه لا أقوال نيتشه ولا نظرية داروين، ولا إلحادية مشيل أونفراي.... فأمانة الترجمة وإيمان المترجم لا يمكنهما أن يتناقضا أبدا.. و إن تحصين الناس في عقائدهم لا يتأسس من خلال إخفاء الفكر الآخر، بل من خلال بناء إيماني حقيقي وصلب يستطيع مواجهة كل العواصف الفكرية.. فلا يعقل أن تهزم الحقيقة أمام الضلال... كما لا تستقيم دعوة الأقوام الأخرى إلى عقيدة الحق دون المعرفة بطرق فهم تلك الأقوام للكون وللعالم، والتي لن تأتينا إلا من خلال ترجمة مضامين عقائدهم وفكرهم ومبادئهم وحتى عاداتهم (مهما بلغت درجة فسادها)... فلا يعرف الحق إلا بنقيضه ولا يعرف الإيمان إلا بالكفر...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.