كشف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير عن مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مؤكدا أنه فيما يتعلق بمراجعة التدابير المتخذة لتنفيذ هذه الأهداف المتعلقة خاصة بقطاعي الصحة والتعليم، ولم تقم وزارة الصحة بأي تقسيم لحصر الفارق بين الموارد البشرية المتوفرة والتحويلات الضرورية من أجل الوفاء بالتزامات خطة 2030، لأنه من شأن هذا التقييم أن يسمح بتحديد العجز في التمويل في مجال الصحة والتحفيز على تعبئة موارد إضافية للتمويل من لدن مصادر أخرى عمومية كانت أو خاصة أو دولية. وقامت هذه الوزارة بتحديد العديد من الشركاء حسب طبيعة الأهداف والغايات المتصلة بها، كالقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، غير أن تحديد الشركاء لم يواكبه وضع إطار مرجعي للتنسيق والتشاور، من أجل الوصول إلى تدابير تهدف إلى تبني مخططات عمل، وكذا من أجل تحديد الأولويات التي سيتم على أساسها تطوير علاقات وثيقة للشركات والتعاون.
وأدى غياب الالتزام العملي بهذا الموضوع، خصوصا من طرف القطاعات الوزارية والمستويات الحكومية الأخرى، إلى أن الوزارة لم تسجل تقدما ملحوظا في تنفيذ الأهداف، خصوصا فيما يتعلق بالتدابير التي تتطلب مساهمة العديد من القطاعات، ونتج عن ذلك غياب انخراط الأطراف المتدخلة الأخرى في تنفيذ مخطط العمل.
أما ما يتعلق بمنظومة التربية الوطنية، قال تقرير المجلس الأعلى للحسابات إنه بناء على توصيات لجنة التوجيه « التربية 2030» التابعة لمنظمة اليونيسكو، بادرت الوزارة المكلفة بالتعليم إلى تشكيل لجنة وطنية لتنسيق الهدف الرابع.
وتتكون هذه اللجنة من ممثلين عن وزارة التربية الوطنية وغيرها من القطاعات الوزارية والهيئات العمومية وهيئات الدعم والتنسيق المعنية بالهدف الرابع، فضلا عن مكتب اليونيسكو بالرباط واللجنة الوطنية للتعليم والعلوم والثقافة، غير أن تأثير المبادرات المتخذة من طرف لجنة التنسيق الوطنية منذ إنشائها ظل ضعيفا بسبب الافتقار إلى مأسستها.
ولا تتوفر لجنة التنسيق الوطنية على إطار مؤسساتي يحدد صلاحيتها وتكوينها، ولسد هذه الفجوة وضعت الوزارة الإطار المرجعي لتحديد دورها.
وفي هذا الصدد عقدت لجنة التنسيق الوطنية عدة اجتماعات، إلا أن مبادراتها تواجه عدة صعوبات نظرا لعدم توفرها على صلاحيات القيادة. وخاصة لضمان ملاءمة السياسات القطاعية مع مقاصد الهدف الرابع، وكذا ترجمة هذا التوافق إلى مخططات عمل تتضمن التدابير اللازمة المسندة لكل طرف، والقيام بمتابعة التقدم المنجز في هذا المجال، علاوة على ذلك تجد لجنة التنسيق صعوبة في عقد اجتماعاتها بانتظام من حيث المبدأ كل ثلاثة أشهر وفقا للشروط المرجعية، بسبب غياب المقتضيات القانونية التي تلزم الجهات المتدخلة بالامتثال لإطار العمل المحدد سابقا، ووفقا لمحاضر اجتماعات هذه اللجنة، فإن عدد الأعضاء وصفتهم تختلف من قطاع لآخر، ومن اجتماع إلى آخر بسبب عدم تعينهم بصفة رسمية، وعلى مستوى الانخراط في الأهداف تظل الأنشطة المنجزة من طرف وزارة التربية الوطنية محدودة التأثير، إذ اقتصرت عمليات التوعية ودعم الانخراط على الاجتماعات التي عقدتها لجنة التنسيق الوطني، والوزارة لم تقم بالإجراءات اللازمة لتوعية موظفيها وشركائها، بما في ذلك الجماعات الترابية والقطاع الخاص والجمعيات والمواطنين، رغم اعتبارهم بمثابة فاعلين أساسيين.