النقد هو وصف للتصرفات السلبية والإيجابية بطريقة سلسة ترمي إلى التصحيح والتصويب في حال ثبوت الخطأ، وهو فن تمييز جيد الكلام من رديئه وصحيحه من فاسده وإظهار ما فيه من الحسن والقبيح، أما الإنتقاد فهو تصيّد مقصود للأخطاء هدفه إظهار السلبيات والتشويه، والناقد إن أثقل على إخوانه ولم يتوقف فما هو بناقد، بل هو باحث عن ذاته تحت ركام العجز، والناقد مصلح لطيف وما لا يبلغه بلطفه لن يبلغه بخشونته، وليس الناقد بمعصوم فإن ألح ولم يرض إلا بقبول رأيه أو الفتنة، فهو مريض لا يصلح له رأي ولا يؤخذ منه… على المرء أن يحْذر من تحليلاته وظنونه تجاه الآخرين، فالحقائق ترتبط بالأدلة والإستنتاجات المنطقية، وليست متعلقة بالترجيحات والإضافات التي تملأ فيها فراغاً، فالبعض يتهم رفاقه أو أقرباءه أو الناس بالغرور والمبالغة والتزيّد، وهي تُهم محبطة، تُهم عند تعميمها توحي بفرط ثقة هؤلاء بأنفسهم وكبرهم، وقد يكون هذا التشخيص مريضاً قاتلاً فلا تغتالوهم بحشو ظنونكم، فقد تكون هذه المبالغات ماهي إلا حقائق مكتسبة عندهم… هدف النقد بعد النية السليمة هو تقويم الخطأ وإصلاحه، فإن تحول النقد إلى النيل من الآخرين والترصد لهم، يصبح فلسفة فارغة ونشر غسيل، فلا يتقن النقد إلا صاحب بصيرة، والنقد وسيلة لتغيير واقع، ومن المتوقع أن يجد له آذاناً صاغية في حال كان المنتقَد حصيفاً ولماحاً وغير مكابر، والناقد يرى من زاوية والمنتقَد يرى من زاوية أخرى، وسيأتي ناقد آخر ينتقد الناقد والمنتقَد، فما الضير في النقد ما دامت المقاصد مخلصة للوصول إلى الصواب ولدى الناس من الحكمة ما يميزون بها بين الغث والسمين والكمال لله وحده… قال عمر رضي الله عنه: "رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي"