هل يكون ال “كورونا” هو نبي العصر في هذا العصر المتوحش ؟

في ظل هذه التطورات الدراماتيكية المتسارعة في محاربة الكورونا، وفي ظل هذا الظرف الحالك التي تمر منه جميع الأمم، أجبرنا “كورونا” على استراحة قسرية، منحتنا فرصة للغور في دراسة الظواهر الجديدة والغور أيضا في فلسفة ومكنونات هذا العالم المادي.
نعم هي محنة حقيقية نمر بها، محنة لا تميز بين عرق وآخر، بين مجتمع وآخر، فيروس كرس العدالة الاجتماعية الكونية التي ينشدها الأخيار، ولسخرية القدر يجلبها لنا الكورونا.
ليست جمهورية أفلاطون ما ننشد بل إن كورونا هو الجمهورية الاشتراكية العالمية الأوحد الناجحة، و للأسف على ما يبدو فعلى مر العصور إلى حاضرنا هذا مع كل ما يحمله كورونا للبشرية من تبعات و مضاعفات إن على الصعيد الصحي أو الاجتماعي من خوف و تعاسة ورهبة، تطرح أسئلة حقيقية: هل سيذكر العالم لكورونا إيجابياته بعدما أجبر كل المجتمعات البدائية منها أو المتحضرة على تغيير سلوكيات و أدبيات اجتماعية ؟ على سبيل المثال لا الحصر في ما يتعلق بالسلوكيات الاجتماعية نجد نظافة الجسد و المأكل والمشرب، و هي الأمور التي تفتقر إليها معظم المجتمعات الغربية منها خاصة.
وهل الفلسفة الغربية المادية البحتة ستتغير بعد أن أجبر كورونا استنهاض العالم وتوحيده لمحاربة هذا العدو اللامرئي ؟ و إن كان فيروس كورونا ليس بالشدة التي نتصور، فكيف لنا في المستقبل أن نتعامل مع فيروس أشد فتكا ؟ هذا ما ينبغي مناقشته إذا ما قدر لنا الخروج من نفق كورونا المظلم ! إلى عدنا إلى الماضي القريب نجد أن الغرب طور الكثير من العلوم و الأبحاث ووصل إلى درجة الاستنساخ، بداية بالنعجة “دولي”، ولذلك نتساءل: كيف وقف العالم الغربي اليوم عاجزا أمام فيروس الكورونا ؟ أمام كل هذه الأمور التي ذكرناها نستطيع اليوم القول أن كورونا هو الملجأ الذي سيخلص الأرض من انبعاث الغازات السامة لأنه أجبر العديد من المصانع على التوقف، كما أن أميركا انسحبت من معاهدة الحد من التلوث !! فهل يكون كورونا المنقذ ويساهم بشكل غير مباشر في ترميم طبقة الأوزون ؟ حيث تشير الإحصاءات إلى أن نسبة ممن يموتون من التلوث في كبريات المدن الصناعية يفوق أضعاف من يموتون بمرض الكورونا ؟ و هل يكون الكورونا هو نبي العصر اللامرئي في هذا العالم المادي المتوحش الذي تحكمه القوة الاقتصادية والمادية البحتة؟ سنرى !
بقلم: عماد نايف سجد، طبيب لبناني في ستراسبورغ – خريج كلية الطب بالرباط