افتتح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يوم الجمعة، مؤتمره الوطني الثاني عشر بمدينة بوزنيقة، في محطة تنظيمية يتوقع أن تكرّس ولاية رابعة للكاتب الأول إدريس لشكر، وسط انتقادات داخلية واسعة وتراجع في الحضور السياسي للحزب خلال السنوات الأخيرة. ينعقد المؤتمر، المنظم تحت شعار "مغرب صاعد: اقتصاديا… اجتماعيا… مؤسساتيا"، بمشاركة نحو 1700 مؤتمر من مختلف جهات المملكة، وبحضور شخصيات سياسية ونقابية وممثلين عن منظمات اشتراكية دولية. ويتضمن جدول أعماله تقديم التقريرين الأدبي والمالي وانتخاب أعضاء المجلس الوطني، في وقت يسود فيه جدل داخلي حول القيادة ومسار الحزب.
تزامن المؤتمر مع سياق سياسي متوتر في المغرب، حيث تتواصل احتجاجات "جيل زد" الشبابية التي عبّرت عن فقدان الثقة في الأحزاب التقليدية، بما فيها الاتحاد الاشتراكي الذي كان يوما أحد أبرز القوى الإصلاحية في البلاد. وفي هذا المناخ، برز داخل الحزب تيار شبابي جديد يحمل اسم "جيل زد شباب الاتحاد الاشتراكي"، يطالب برحيل لشكر وفتح الباب أمام قيادات شابة وتجديد الخطاب السياسي والتنظيمي للحزب. ورغم أن لشكر لم يأت صراحة على ذكر هذه الحركة في كلمته الافتتاحية، إلا أنه ألمح إلى أن الاحتجاجات الأخيرة في المغرب "ليست مجرد صرخة عابرة من الشباب"، معتبراً أنها "تعبّر في العمق عن قلق المجتمع برمّته". ودعا إلى "قراءة نقدية جريئة للواقع المغربي" بدل الاكتفاء بالتحليلات التقنية أو الخطابات التبريرية. وأوضح لشكر أن القلق الشعبي الذي تجسده احتجاجات الشباب"يطرح تساؤلات حول آليات اشتغال الدولة، ومعضلة تمركز القرار والثروة في يد أقلية"، مشيراً إلى أن هذه الأزمة "تمتد أيضاً إلى تعثر قنوات الوساطة السياسية والاجتماعية، وإلى المعيقات التي تحدّ من الدور الوظيفي للأحزاب والنخب والمجتمع المدني". ودعا لشكر إلى "إعادة بناء المشروع السياسي والاقتصادي على أساس ارتباط عضوي مع المجتمع، لا على توافقات نخب معزولة"، مشددا على ضرورة الاستفادة من الثورة الرقمية لتجديد أساليب التنظيم والتواصل. وقال: "النموذج الهرمي لم يعد كافيا لمواكبة ديناميات المجتمع… ينبغي الانتقال نحو شبكات أفقية تضم جمعيات ومبادرات مدنية تشاركية". ورغم محاولته تقديم رؤية إصلاحية، اعتبر مراقبون أن المؤتمر الثاني عشر للحزب يجري في ظروف صعبة تعكس أزمة داخلية مزمنة، مع تراجع الوزن الانتخابي والتنظيمي للاتحاد خلال العقد الأخير، وتكرار الانتقادات الموجهة لقيادته بشأن غياب التداول واحتكار القرار. وبينما يسعى المؤتمر إلى إعادة تعريف موقع الحزب في المشهد السياسي الوطني، يرى محللون أن أكبر اختبار أمام الاتحاد الاشتراكي يتمثل في استعادة ثقة الأجيال الجديدة، في وقت تتنامى فيه الحركات الشبابية المستقلة، وعلى رأسها حركة "جيل زد"، التي وضعت الأحزاب كلها أمام مساءلة غير مسبوقة حول جدوى وجودها وقدرتها على التغيير. ومن المنتظر أن تُختتم أشغال المؤتمر الأحد، وسط توقعات بتجديد الثقة في إدريس لشكر على رأس الحزب، رغم الدعوات المتصاعدة للتغيير من داخل قواعده.