تمر الدبلوماسية المغربية من مرحلة حساسة منذ نيل الاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على كامل تراب صحرائها، وبدا واضحا تغير الأسلوب الذي تدبر به الرباط علاقاتها مع الدول خاصة منها الأوروبية وآخرها فتح جبهتين اثنتين، الأولى مع ألمانيا بسبب ملفات لم يُكشف عنها إلا بعد أسابيع عن قطع العلاقات مع السفارة، والثانية مع اسبانيا التي أدخلت ابراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو في عملية سرية للاستشفاء على أراضيها. وقد مهّدت لهذه الأزمة مع دولتين في الاتحاد الأوروبي، حسب خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية، "أشكال من التنافر والعداوة في المواقف والتوجهات والتصورات تجاه المغرب بكثير من الاستعلاء وبمنظومة تنتمي إلى مثالية طافحة في ما يتعلق باحترام المبادئ القائمة في القانون الدولي والعلاقات الدولية، مثل ادعاء احترام حق الشعوب في تقرير المصير".
ويرى شيات في تصريح ل"الأيام24″ أن هذه الأمور كان المغرب "يعاني منها بشكل كبير جدا، ولكنها تعكس ببساطة عدم التوافق وعداوة مباشرة، وألمانيا تشكل من خلال ممارساتها الفعلية موقفا معاديا، وإذا رجعنا إلى مسارات أي دولة من هذه الدول الأوروبية، يمكن أن نقول إنها منافقة وهذه كلمة مستوحاة من الفعل الانساني ولكن يمكن أن تنطبق على الدول، مثل مبادئ حقوق الانسان والقانون الدولي التي تطبقها حسب مصالحها"
وعن هذا التحول يقول أستاذ العلاقات الدولية، خالد شيات ل"الأيام24″ إن المغرب كان في السابق "مؤمنا بتحول قناعات ومواقف مجموعة من الدول مثل إسبانيا وفرنسا وألمانيا، وبالتالي كان يتعامل معها بشكل مصلحي، لكن الآن أصبحت الأولوية لقضية الصحراء على كل القضايا الأخرى فبدأ المغرب يتعامل مع هذه الدول انطلاقا من احترامه كدولة وشعب ومنظومة واحترام هذه القضية الأساسية التي تعتبر حيوية ووجودية بالنسبة إليه".
ثم أضاف شيات أن "دولا تفهم هذه الأمور وتتموقع في المنطقة الرمادية وتصرح بأنها تؤيد الحلول التي تقترحها الأممالمتحدة، ودول أخرى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية عبرت عمليا بأنها مع المملكة ووحدتها الترابية، إذن يمكن أن نقول إن هنالك مجالا للتعاون مع هذه الدول، أما التي تقابلك بالعداء لا يمكن أن تتعامل معها".
ويعتقد الأستاذ الجامعي "أن تحولات استراتيجية كبرى وعميقة شهدها العالم، ومنظومة القوى والمصالح التي كانت تدور في زمن معين تتحول الآن، وبالتالي هذه الدول لم تعد تتحكم في منظومة العلاقات الدولية ولا في أن توجه مسارات المنظمات الدولية، والمغرب يتكيف الآن مع هذه التحولات على المستوى الاستراتيجي العام، إذ لم يعد يتعامل مع الفضاء العربي كفضاء حيوي وأصبح يتعامل مع اسرائيل كدولة وواقع…إضافة إلى تحولات أخرى في العلاقة مع الولاياتالمتحدة وأفق مع الصين وروسيا واليابان وهي دول يمكن أن تغني عن أوروبا التي أكبر مشاكل المملكة المغربية معها على المستوى الاجتماعي في ما يتعلق بالجالية وهذا أمر ليس مهما واستراتيجيا بالنسبة للرباط التي يمكن أن تتعامل معه بأشكال أخرى".
ويؤكد خالد شيات أن "حيوية القضية الوطنية ترتبط بتحولات حقيقية على مستوى المشهد الدولي وعلى مستوى مسارات القوة، والدول التي لا تزال تعتقد أنها تمتلك مفاتيح هذه العلاقات مثل اسبانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، لم تعد مؤثرة، وبالنسبة للمغرب بقاؤها كعدمه".
وعن تخلي المغرب عن التحالفات الكلاسيكية، يقول شيات إن "الزمن تجاوز هذه المرحلة والواقع يقول ذلك، فألمانيا قوية اقتصاديا إضافة إلى اسبانيا لكنها منخورة على المستوى السياسي الداخلي بمبادئ مشوهة، لو تتبعنا مسارها في احترام حقوق الانسان سنجدها متناقضة، تتعامل مع دولة بشكل معين بينما تتعامل عكس ذلك مع دولة أخرى ترتبط معها بمصالح مشتركة ".