ثلاثة أسابيع انقضت على ما جاءت به مجلة "جون أفريك" الفرنسية من مفاجآت سياسية مدوية، تتجلى في اتجاه قرب إجراء تعديل حكومي بالمغرب، بيد أن الوضع ما تزال تسيطر عليه حالة من الغموض، خاصة وأن تقارير إعلامية كشفت أن الإعلان سيكون مباشرة نهاية الشهر الماضي ومباشرة بعد عودة الوزراء من عطلهم السنوية، وهو ما لم يحصل إلى اليوم. وزراء حكومة عزيز أخنوش الذين عادوا إلى شغل مناصبهم ومهامهم، يوجد بعضهم في فوهة الانتقادات اللاذعة، حتى أن أسماءهم طُرحت في لائحة المغادرين لسفينة الحكومة على غرار وزيري العدل والتعليم العالي، مقابل أن يتسع التعديل ليضم مناصب وزارية أخرى لم تذكر تفاصيل عنها.
لا حكومة محصنة عن التعديل
وتعليقا عن الموضوع، قال باسين أشلواط الباحث في القانون الدستوري، إن التعديل الحكومي يرتبط أساسا بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام، والذي يجب وضعه في سياقه الدولي، مؤكدا أن جميع الحكومة التي تعاقب على تدبير شؤون المغرب أو تلك التي ستأتي مستقبلا لن تكون محصنة ضد قرار التعديل الذي تفرضه الوقائع، وهذا نقاش ليس مختص بحكومة أخنوش وحدها.
وتابع في حديثه ل"الأيام 24″ أن خيار التعديل الحكومي طالما طُرح للنقاش والتداول السياسي، وقراره ليس بالمفاجئ، معتبرا أن حكومة عزيز أخنوش صادفت أزمات اقتصادية كبيرة تتجلى في مرحلة الغلاء غير المسبوق الذي غذته التوترات الدولية، أو تلك المرتبط بعوامل المناخ وقلة التساقطات المطرية التي أثرت على القطاع الفلاحي، كل هذه الظروف تشي أن إجراء تعديل حكومي يظل قائما.
واستبعد المحلل السياسي، إجراء تعديل حكومي في السياق الراهن خاصة وأن الحكومة لم تكمل عامها الأول بعد، ما يصعب بحسبه تقييم الأداء الحكومي أو الوزاري على نحو أدق لاتخاذ القرار، إلا في حالات الإعفاء المقرونة بالخطأ أو التقصير في أداء الواجب الوزراي. لكن نقاش التعديل من الوارد أن يهم إضافة كتاب دولة لعدد من القطاعات الحكومية وذلك لتخفيف العبء عن الوزراء.
التعديل..خطوة للتخفيف
من جانبه، يعتبر أن المغرب يعيش على وقع تحديات اقتصادية واجتماعية ضاغطة غير مسبوقة، إذ بعد أن كان هناك أمل في تفعيل مخطط النموذج التنموي الجديد والعودة التدريجية للحياة الطبيعية جراء تخفيف القيود الصحية، برزت على العكس خيبة أمل اقتصادية وسياسية ودخول اضطراري إلى مرحلة من اللايقين والفوضى بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
التحدي الاقتصادي والسياسي الضاغط يقتضي بالفعل إجراء تعديل حكومي، والدفع بجرعة التجديد ونفس ساسي آخرللحكومة خاصة وأنها تتعرض لانتقادات بسبب عجزها في تقويم الأزمة وحيلولتها، وبالتالي ضرورة التعديل أمر أسياسي في العملية السياسية على اعتبار أنها ستساهم في تخفيف توتر المجتمع في خضم تصاعد الاحتجاجات والانتقادات جراء الغلاء وتأثيرات الجفاف والأزمة الروسية – الأوكرانية، من خلال استبدال عدد من الوزراء.
ومن المتوقع بحسبه أن يمس التعديل الحكومي عدداً من القطاعات، لا سيما الوزراء الذين لم يقدموا القيمة المضافة في خضم رفع سقف الوعود التي قدمها حزب "الأحرار" الذي يقود سفينة الحكومة، مبيناً أن الغاية تكمن في العمل على إعطاء دفعة للعمل الحكومي وتجاوز عدد من نقائص الأداء.