استأنفت غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، جلسات الاستماع للمتهمين في ملف "إسكوبار الصحراء"، الذي يتابع فيه عدد من الأسماء البارزة، من بينهم القياديان السابقان بحزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي البعيوي، إلى جانب متهمين آخرين. وشهدت الجلسة الأخيرة مواصلة المحكمة الاستماع إلى أقوال المتهم بلقاسم، الذي واجهته الهيئة القضائية بعدد من الأسئلة حول أنشطته التجارية، ومعاملاته المالية، وعلاقته ببعض الأسماء المتورطة في قضايا التهريب.
وأوضح بلقاسم في رده على استفسارات القاضي بخصوص بعض صفقات البيع المشبوهة، ليؤكد أنها صفقات فلاحية كانت تشمل رؤوسا من الغنم، والأراضي الزراعية وأنه يعمل كذلك منعشا عقاريا وتاجرا، ويلجأ أحيانا إلى البيع، عندما يكون في ضائقة مالية، وتابع أن عائدات البيع كانت تُستخدم لسداد أقساط القروض البنكية وتغطية مصاريف شركاته.
وبخصوص إقامة بنبراهيم وزوجته بفيلا مملوكة له، أوضح المتهم أنه سمح لبنبراهيم بالسكن فيها مؤقتا رفقة زوجته السابقة، الفنانة لطيفة رأفت، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تستطيع تأكيد الواقعة، غير أن القاضي استفسره عن تصريح لطيفة رأفت التي قالت فيه إنها منعت لاحقا من دخول الفيلا مع زوجها بأوامر من سعيد الناصري، ليرد بلقاسم بأنه لا علم له بذلك.
وعن أسباب عدم استرجاعه مفاتيح الفيلا بعد مرور ستة أشهر، أجاب بأنه حاول مرات عدة التواصل مع بنبراهيم بعد طلاقه من لطيفة، لاسترجاع المفاتيح لكنه لم يستطع وبعدها سافر إلى الدارالبيضاء لتغيير الأقفال لاحقا.
وتمت مواجهة المتهم بتصريحات كل من أحمد ح وعلال ح، اللذين أكدا معرفتهما ببنبراهيم وبلقاسم، وزعما أنه كان يشتغل في مجال التهريب الدولي للمخدرات، وأن عبد النبي البعيوي كان يعتمد على بلقاسم كمساعد رئيسي في عمليات تهريب الذهب، مستفيدا من نفوذه ومراكزه التجارية لتمويه الأنشطة غير المشروعة.
وأكدا أن بلقاسم كان يدفع مبالغ مالية ضخمة لاقتناء كميات كبيرة من المخدرات، ويتولى عمليات التهريب بمعية صهر البعيوي، وسبق أن التقياه في ملاهٍ ليلية وفيلا بمدينة الدارالبيضاء، غير أن بلقاسم نفى معرفته بهذين الشخصين، وطالب بمواجهتهما بشكل مباشر، مشيرا إلى أن الوسائل التكنولوجية الحديثة قادرة على إثبات موقعه في تلك الفترات.
وتطرق القاضي أيضا إلى مشروع لبيع السيارات بالتعاون مع شخص يدعى ميلود ح، حيث تبين من المحاضر أن اسم بلقاسم ورد كوكيل تجاري لشاحنات مستوردة من الصين، في مشروع أُقيم بمحل أسفل مقر شركته، وكان من المنتظر أن يُحوّل إلى معرض لسيارات من نوع Go.now، وهو ما نفاه المتهم، معتبراً أنه مجرد محل تجاري وليس معرضًا.
وفي سياق متصل، وُجهت للمتهم أسئلة حول تورطه في تهريب المخدرات والذهب عبر مناطق الريش وراس الخنفرة والراشيدية سنة 2006، غير أنه نفى كل التهم، مشددا على أنه كان يقيم بفرنسا خلال تلك الفترة، رفقة والده.
وفي سياق المواجهة، أبرز القاضي وثائق تشير إلى أن فواتير الماء والكهرباء للفيلا كانت تُرسل باسم بنبراهيم، وهو ما يتناقض مع تصريحات بلقاسم بأنه لم يمنحه أي تفويض قانوني للسكن فيها، فاعتبر المتهم الأمر "تزويرًا محتملاً" من طرف بنبراهيم، مطالبًا بفتح تحقيق حول مصدر هذه الفواتير.
وظل المتهم، ينكر بشكل قاطع جميع ما نُسب إليه، مشددًا على أنه لم يسبق له التعامل مع الذهب أو الاتجار فيه، سواء داخل المغرب أو خارجه، مؤكدا للمحكمة أنه في سنة 2006، وهي السنة التي أشارت إليها المحاضر، كان يقيم بفرنسا رفقة والده، وليس له أي صلة بمنطقة الريش أو غيرها من النقاط الحدودية التي يُشتبه في استخدامها لتمرير الذهب والمخدرات.
وأضاف أن نشاطه المهني معروف بالمدينة وان قيسارية الذهب بوجدة صغيرة، ومعروفة بين التجار، ويمكن التحقق بسهولة من طبيعة عمله هناك، نافيًا وجود أي تعاملات مالية مشبوهة مسجلة باسمه، سواء في وجدة أو في مالي أو النيجر أو عبر الحدود الشرقية للمملكة.
كما طلب بلقاسم من المحكمة إجراء تحقيق تقني لتحديد تحركاته خلال الفترات الزمنية المثارة في الاتهامات، مشيرًا إلى أن الوسائل التكنولوجية الحديثة، من تتبع المواقع واتصالات الهاتف، كفيلة بإثبات براءته أو العكس، داعيًا إلى مواجهته بهؤلاء إن كانوا قادرين على التعرف عليه بشكل مباشر.