منظمة حقوقية تدخل على خط ملف "الأساتذة الموقوفين"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الجيش الملكي ومولودية وجدة يواجهان الدشيرة وأولمبيك خريبكة للحاق بركب المتأهلين إلى المربع الذهبي    بلاغ جديد وهم من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة    الجديدة: حجز 20 طنا من الملابس المستعملة    لطيفة لبصير ضيفة على الإيسيسكو ب SIEL عن روايتها "طيف التوحد"    تقدم أشغال تأهيل المنطقة الصناعية سيدي غانم بمراكش على مساحة 200 هكتار    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    احتدام المعارك في غزة وصفقة أسلحة أمريكية جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار    علي بونغو يحتج على التعذيب في الغابون    تكلفة المشروع تقدر ب 25 مليار دولار.. تأجيل القرار الاستثماري النهائي بشأن أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    حملة للنظافة يتزعمها تلاميذ وتلميذات مؤسسة عمومية بالمضيق    مشروع "طنجة تيك" يخرج إلى النور.. التوقيع على اتفاقيات استثمارات صينية بقيمة 910 مليون دولار    عملاق الدوري الإنجليزي يرغب في ضم نجم المنتخب المغربي    رسالتي الأخيرة    الرئيس الروسي يزور الصين يومي 16 و17 ماي    بلينكن في كييف والمساعدات العسكرية الأمريكية "في طريقها إلى أوكرانيا"    كيف يعيش اللاجئون في مخيم نور شمس شرق طولكرم؟    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    دعوات لإلغاء ترخيص "أوبر" في مصر بعد محاولة اغتصاب جديدة    شبيبة البيجدي ترفض "استفزازات" ميراوي وتحذر تأجيج الاحتجاجات    المنتخب المغربي يستقبل زامبيا في 7 يونيو    هل يتجه المغرب إلى تصميم المدن الذكية ؟    توصيات بمواكبة تطور الذكاء الاصطناعي    زنيبر.. رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمه في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها    ميراوي يجدد دعوته لطلبة الطب بالعودة إلى الدراسة والابتعاد عن ممارسة السياسة    إسرائيل تقول إنه يتعين على مصر إعادة فتح معبر رفح مع قطاع غزة، والقاهرة تستنكر محاولات تحميلها الأزمة الإنسانية    رفع أسطول الطائرات والترخيص ل52 شركة.. الحكومة تكشف خطتها لتحسين النقل الجوي قبل المونديال        توقيع عقد للتنزيل الجهوي لخارطة طريق السياحة بجة الشمال    الأمثال العامية بتطوان... (598)    رئيس "الليغا" يؤكد انضمام مبابي لريال مدريد بعقد مدته 5 سنوات    تاريخها يعود ل400 مليون سنة.. الشيلي تعيد للمغرب 117 قطعة أحفورية مهربة    وزير التجهيز: 3000 كلم طرق سيّارة ستواكب تنظيم المغرب لكأس العالم    القضاء يتابع مُقتحم مباراة نهضة بركان والزمالك    الجامعة تعين مساعدا جديدا لطارق السكتيوي    الاتحاد الأوروبي يمنح الضوء الأخضر النهائي لميثاق الهجرة واللجوء الجديد    "الطابع" لرشيد الوالي يكشف عن مأساة مهاجر مغربي في رحلة بحث عن الهوية    قيمة منتجات الصيد الساحلي والتقليدي المسوقة ارتفعت لأزيد من 3,5 مليار درهم    دار الشعر بمراكش تواصل الانفتاح على التعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي    هذا الجدل في المغرب… قوة التعيين وقوة الانتخاب    "أكديطال" تفتتح مستشفى ابن النفيس    بسبب إياب نهائي الكونفدرالية.. تأجيل مواجهة نهضة بركان والرجاء إلى يوم 23 ماي القادم    "أطلنطا سند" تطلق التأمين المتعدد المخاطر منتوج "برو + المكتب"    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« جزيرة ليلى» و» دموع لإبليس» في أول عروضهما السينمائية في الدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 01 - 03 - 2016

عرف اليوم الثاني من الدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة التي تستمر فعالياته إلى غاية الخامس من شهر مارس الجاري عرض الفيلمين السينمائيين المغربيين الجديدين « جزيرة ليلى» للمخرج نجيب السالمي، و « دوموع إبليس» للمخرج هشام الجباري، بعدما عرض بعد زوال يوم السبت الماضي ومسائه كل من الفيلمين المغربيين « أوركسترا منتصف الليل» للمخرج جيروم أوليفار كوهين، و ، و»إحباط» لمحمد اسماعيل. ، الذين يشاركان بدورهما في الماسبقة الرسمية للمهرجان في خانة الافلام الطويلة
وتضم قائمة الأفلام الطويلة ، بجانب هذه الأفلام الأربعة كلا من «البحر من ورائكم» لهشام العسري، و»رجال من طين» لمراد بوسيف، و»أفراح صغيرة» لمحمد الشريف اطريبق، و»مسافة ميل بحذائي» لسعيد خلاف، و»فداء» لادريس شويكة، كما تشمل القائمة فيلم «المتمردة» لجواد غالب، الذي مثل المغرب في الدورة المنصرمة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم، و»ميلوديا المورفين» لهشام أمل، و»المسيرة» ليوسف بريطل، و»ثقل الظل» لحكيم بلعباس و»رجاء بنت الملاح» لعبد الإله الجوهري.
"جزيرة المعدنوس" لأحمد بولان.
ما معنى التخييل التاريخي في السينما؟
يطرح فيلم "جزيرة المعدنوس" للمخرج أحمد بولان على نحو واضح إشكالية المادة التاريخية والنسق التخييلي. فالفيلم يتعرض من قريب للنزاع الذي وقع بين المغرب وإسبانيا حول جزيرة "ليلى"، وذلك من خلال قصة جندي من القوات المساعدة تم إرساله إلى جزيرة من أجل مراقبة المهربين والمهاجرين غير الشرعيين. غير أن تطورات الأحداث ستضعه هو ورفيقه مامادو في قلب أزمة قادت إلى تدخل عسكري..
فهل نجح بولان في إضاءة الماضي وتقوية الصلة به؟ وهل تمكن فعلا من إعادة بنائه سرديا وتخييليا، حتى وإن لم يحتكم كلية إلى الطابع التسجيلي أو "الوثائقي"؟
في هذا الفيلم، من الصعب الحديث عن هندسة سردية تحتكم إلى التاريخ وتعيد تركيبه. كما أن التاريخ يحضر هنا ليس كقناع لقراءة الحاضر، بل لقراءته من زاوية معينة ترتبط، كما ذهب إلى ذلك متدخل في النقاش الذي أعقب الفيلم، بالمال الذي قدمه التلفزيون الإسباني بسخاء من أجل إنجاز هذا الفيلم. بل لقد ذهب المتدخل إلى حد نعت الفيلم ب"الاستعماري" ما دام يحتفل بوجهة النظر الإسبانية التي يقدمها بشكل جيد على حساب وجهة النظر المغربية التي تكاد تكون غائبة.
ولتوضيح هذا المعالجة السينمائية من خلال الاعتناء بالفضاء الإسباني في الفيلم، لم يجد أحمد بولان غضاضة من القول إن الجانب الإسباني أبدى تعاونا كبيرا وغير مشروط لإخراج هذا الفيلم، على مستوى التمويل، وعلى مستوى توفير البينيات، بينما لم يبد الجانب المغربي أي استعداد للتعاون، والأدهى من ذلك- يقول المخرج- اضطررنا إلى تشويه مجموعة من الحقائق حتى يتمكن الفيلم من الخروج إلى الوجود، من قبيل تعويض رجال الدرك الذين احتجزهم الجيش الإسباني في الجزيرة وتعويضهم بعنصر من القوات المساعدة. وأكد بولان، رغم اعترافه بأن الفيلم سياسي، أنه مجرد حكاء قصص عبر السينما، وأن قصة الفيلم كتبها شيئا فشيئا، ولما كانت بحاجة إلى معالجة سياسية وتاريخية استعان بكارلوس دومينكز الذي حل بالمغرب وشرعا في كتابتها باللغة الإنجليزية قبل أن يقوم بترجمتها إلى اللغة الفرنسية. كما أكد أنه استعان بمجلة "زمان" من أجل التأكد من بعض الوقائع التاريخية.
وأضاف بولان أنه خرج من هذه التجربة باستنتاج أن "الإخراج السينمائي هو عبارة عن تحراق الراس"، وأنه يتمنى أن يتوقف نهائيا عن ممارسة السينما، مستعرضا الصعوبات التي واجهته حيث اضطر إلى إخراج هذا الفيلم على طريقة "تركيب قطع البوزل"، وقال إنها تجربة معقدة وحملت معها ضجيجا كبيرا، لكنها اتسمت بالاحترافية. وقال إن المخرجين المغاربة لا يتمتعون بحرية التعبير لصنع أفلامهم.
وعن سؤال حول سبب استدعاء التناص كممارسة دالة في فعل الكتابة، وذلك من خلال المراهنة على فيلم "الفروج" وعلى ممثله عبد الله فركوس، الذي حقق رقم مبيعات جد مهم، أجاب بولان أنه كتب "فروجه" قبل سنوات من "فروج فركوس"، وأن ليس في الأمر أي تناص أو مراهنة على نجاح فيلم آخر.
ورفض أحمد بولان الاتهام القائل بأنه أساء إلى الراية المغربية من خلال إظهارها بلون برتقالي بعد تصبينها من سحل طيور النورس. وقال إنه كان يود لو يحول هذا اللون البرتقالي إلى اللون الأصفر، لأن الأمر يرتبط بمعالجة سينمائية هزلية.
ومهما يكن تصور مخرج "جزيرة المعدنوس" للتاريخ والتخييل، فإن الفيلم لم يتفاعل مع منطق التوثيق رغم أنه يوهمنا بأنه يتكئ على نصوص وإحالات من مصادر تاريخية. كما أن الحكاية لم تقم بتخصيب المكونات السردية، ولم تثر النسق السينمائي، بل على العكس تماما لم تتحول إلى مادة تتحرك في خضم الأشياء والحياة، مما جعلها تكتفي بالنهوض على الهزل، وعلى حكاية "المخزني" الذي تربطه على صداقة بالديك في لحظة أولى، ثم بالإفريقي المسلم مامادو الذي عثر عليه مرميا بشاطئ الجزيرة فقام بإنقاذه وتكبيله ثم مصاحبته واقتسام الطعام والماء معه، ثم بالعنزة التي اصطادها.. بينما عمق الفيلم يتم في "مكان آخر" يرتبط بتلك الأزمة الديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، والتي كادت أن تتحول إلى حرب عسكرية..
ومن المؤاخذات التي أثارها بعض النقاد حول الفيلم استعمال المخرج لبعض العناصر "الخارج فيلمية" التي بإمكان حضورها في الفيلم أن يضمن له الإقبال الجماهيري (فركوس والفروج، اللغة المفارقة في الحوار، المناخ الحربي، قضية جزيرة ليلى.. إلخ)، فضلا عن الطابع الخطي للسرد الذي يراهن على نوع معين من مرتادي القاعات.
وما دام بولان يصر على إدراج فيلمه في إطار التخييل، فالتخييل التاريخي في السينما- وهذا ما عليه أن يدركه جيدا- هو تشكيل سردي منفتح على المرجع التاريخي، يوازيه دون أن يحاكيه، يتحول إلى ثوب، وليس إلى جلد، مما يسمح للمخرج أن يقف أمام اختيارات ورؤى وحساسيات إخراجية متعددة. وهذا ما لم يستوعبه جيدا أحمد بولان..
"دموع إبليس" لهشام الجباري
المصالحة مع الذاكرة- المصالحة مع السينما
تنتظم كل العناصر المشكلة لقصة فيلم "دموع إبليس"، حتى وإن كان يعوزها منطق متماسك للحكي، لخدمة رغبة السجين السياسي (رشيد الوالي)، الذي تم الإفراج عنه من المعتقل السري أكدز بعد 18 عاما، في الانتقام من جلاده (إسماعيل أبو القناطر) الذي تم إعفاؤه من الجيش.
الخطاطة التي يقترحها علينا هذا الفيلم مستهلكة ويعوزها الخيال: (السجين السياسي الذي يتم اقتياده من القسم أمام أنظار تلاميذه نحو وجهة مجهولة، الزوجة التي تسقط حملها بسبب الصدمة، الأسرة التي تُتْرك للمجهول..)، وفي المقابل هناك (الجلاد الذي يعيش أزمة نفسية بسبب إعفائه من مهامه، الزوجة التي تريد أن تستعيد أمانا ضائعا مع رجل لم يكن قربها دائما لتربية الأولاد، الابن المريض الذي تلزمه رعاية خاصة، الابنة المراهقة المتمردة على الجميع)، ثم هناك الحكاية الجزئية التي تقعر العلاقة بين الطرفين، بل تذهب إلى حد تكثيف المواجهة مع الذاكرة، وذلك من خلال حكاية الطبيب الذي كان أسيرا لدى البوليساريو، وعاد إلى أسرته من تندوف معطوبا بعد 14 عاما من الغياب.. ولم يبحث عن الانتقام، بل رحل إلى الجنوب من أجل بناء روابط جديدة بزوجته وأمه، وأيضا بالمكان الذي تم تشييده سرديا داخل الفيلم ارتباطا بالمسارات الحكائية جميعها، مما أضفى عليه خصوصية جمالية قياسا إلى الأمكنة الحقيقية.
سعى المخرج، كما لا يخفي الفيلم، إلى صنع فيلم حول المصالحة الوطنية، واقترح حكائيا خيارين اثنين: الصفح الذي يسمح بالاتجاه نحو الأمام (حالة الطبيب)، ثم الانتقام الذي يؤدي إلى مزيد من الخسارات (موت الابن، انتحار الزوجة، تشرد الابنة..). هذا هو الخطاب الذي يقترحه الفيلم. غير أن الفيلم على مستوى الكتابة السينمائية كان يفتقد إلى التحكم في بنيته الدرامية والسردية. وهذا ما أساء إلى الفيلم الذي انساق في الكثير من اللحظات نحو "الأكشن" المجاني خارج أي منطق للأحداث، بل إنه جعلنا، كما أوضح متتبعون آخرون، نشعر بالافتعال على امتداد زمن العرض، مما يدل على الانشغال الأساس، الذي حظي باهتمام المخرج، هو "الإخراج التقني" وليس الكتابة السينمائية أو الرؤية الفنية والفلسفية والسيميولوجية التي ينبغي لكل كتابة سينمائية أن تمتلئ بها.
فيلم "دموع إبليس"، كما عبر عن ذلك سينفيليون مستاؤون، فيلم ينبغي نسيانه بسرعة، لأنه يحتاج إلى تحقيق المصالحة مع السينما، ولأن السينما المغربية بعد كل التراكم الذي حققته ليست بحاجة إلى هذا النوع من الأفلام، بحاجة إلى أفلام تخضع لكتابة سينمائية ناضجة وصارمة، وتتوفر على الحد الأدنى من منطق الحكي، لا إلى أفلام مليئة بالضجيج والجري واللهاث والرصاص الذي لا يعرف أي أحد من أين يأتي.. وباختصار، يقول هؤلاء، نحتاج إلى مخرجين يتمتعون بالجدية وينظرون إلى السيبنما بمنطق الإبداع والمسؤولية والاتجاه نحو اللامطروق..
متتبعون آخرون ذهبوا إلى أن مشكلة هذا الفيلم، لا تكمن فقط في السيناريو(وهذا مرتبط بضمور الوعي بأهمية الكتابة السينمائية التي يرتبط بها السيناريو والعملية الإخراجية برمتها) بل أيضا في الإيقاع.. حتى ليبدو للمشاهد أن المشاهد تتداخل في ما بينها كيفما اتفق..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.