انطلقت في حقبة الاستقلالات العربية، وعاشت زمن الآمال الكبيرة وجمعت بين الالتزام والحداثة، مشكّلةً منبراً عروبيّاً حراً ومنفتحاً على العالم، تماماً كما أرادها الراحل سهيل ادريس وابنه من بعده. على مدى ستين عاماً، واكبت الجولات والمعارك الكبرى، وخرّجت كتاباً وشعراءَ وفنانين... لكن ها هي اليوم مضطرة إلى الترجل والتسليم بخسارة المعركة مع الزمن ومع قرّاء هذا الزمن. في عددها الأخير (خريف 2012)، تغيب »الآداب« على أمل أن تعود في صيغة جديدة في المستقبل القريب. ليس المال وراء هذا الاحتجاب على ما يقول سماح في افتتاحية المجلة التي ننشرها ضمن هذا الملف أيضاً، بل لأنّ عدد القرّاء في تراجع مخيف، فما الجدوى من البقاء؟ وهل من مستقبل للمجلات الثقافية العربية في عصر الإنترنت؟ والأهم كيف تصدر مجلة ثقافية حرة ومشاكسة من دون تواجهها أنظمة الاستبداد؟ أسئلة كثيرة يطرحها غياب أحد أبرز المنابر الثقافية الذي يعدنا بالعودة، ولو بصيغ أخرى. لكن هذا الوعد لا يلغي الإحساس بمرارة الفقدان وكان رئيس تحريرها السابق سهيل إدريس ورئيس تحريرها الحالي سماح إدريس قد وجّها نوعا من نداء استغاثة إلى كل محبي الثقافة العربية الجادة وكل الساعين إلى تعزيز الحرية في الوطن العربي, كي يبادروا إلى دعم «الآداب» ماديا، وإلا اضطرت المجلة التي مضى على صدورها ثمانية واربعون عاما، إلى الاحتجاب المؤقت أوالنهائي. وقد ورد في نداء الآداب» ما يلي: «لم يعد سرا ان مجلة الآداب تواجه مشكلات مادية حقيقية تهددها بالتوقف النهائي أو الاحتجاب المؤقت أو الصدور غير المنتظم, حتى قبل ان تبلغ عامها الخمسين. ولم تعد دار الآداب قادرة وحدها على القيام بكامل مصاريفها في المستقبل, ولم تنجح إدارة المجلة حتى الآن في اقناع الدول العربية بالاشتراك المباشر فيها, أو بطلب كميات محددة منها كي لا تتلف النسخ غير المبيعة أو تذهب بشكل غير شرعي إلى التجار الذين يجمعون الأعداد الافرادية ليبيعوها لاحقا إلى مؤسسات على شكل مجموعات. وفشلت المجلة حتى الآن في كسر الرقابات العربية عليها, التي قلصت سوق «الآداب» إلى بضع أسواق عربية. ورفضت «الآداب», وستواصل رفضها «ان استمرت على قيد الحياة», الانضواء تحت جناح أي سلطة عربية في مقابل استمرارها المادي».