رصاص الأمن يوقف مروج مخدرات هاجم شرطيًا بسلاح أبيض    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    القرار ‬2797 ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬يعلو ‬فوق ‬كل ‬تفسير ‬ولا ‬يعلى ‬عليه    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي يربط بين الدار البيضاء والسمارة    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    تحيين الحكم الذاتي إنتقال من التفاوض إلى مشروع سيادي مغربي نمودجي مكتمل الأركان    تارودانت.. إصابة 17 عاملاً زراعياً في انقلاب سيارة "بيكوب" بأولوز    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    حموشي يتباحث مع سفيرة الصين بالمغرب سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    الدبلوماسي الأمريكي السابق كريستوفر روس: قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء "تراجع إلى الوراء"    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى نقد الفكر الديني

يشهد التاريخ على أن من بين الأسس التي قام عليها تقدم الأمم، نقد الفكر الديني. ويكفي لتبيّن ذلك أن نتصفح تاريخ أوربا، بدءا من فرنسا «عصر الأنوار» إلى ألمانيا «اليسار الهيغلي» (نسبة إلى الفيلسوف الشهير F.W.Hegel) مرورا بحركات «الإصلاح الديني» ومقومات الفكر السياسي الحديث. وهو نقد مهما اختلفت توجهاته وتباينت مرجعياته، سعى بالأساس إلى تقويض الركائز العتيقة التي يقوم عليها النظام القديم، وإحلال مبدأ العقل وحكم التجربة وسلطة التاريخ .
لقد صبّ فولتير Voltaire، منذ مدة لا تقل عن قرنين ونصف جمّ غضبه على التعصب الديني، ونادى بالتمييز بين رجال الدين «الكذبة» والدين «الطبيعي» الذي يرى في نظام العالم مرآة تعكس روح الله. وتحمّس معاصره هلفسيوس Helvetius لتأسيس «أخلاق جديدة» تتجاوز الأسس الغيبية وترتكز على مقومات دنيوية تحقق منفعة الفرد وسعادته دون تعارض مع المنفعة العامة. وكان دولباخ Dholbach صاحب كتاب «المسيحية المكشوفة « Le christianisme d?voil? أكثرهم جرأة، وهو القائل أن الجهل والخوف هما الأساس الذي يبني عليه رجال الدين الكذبة قوتهم الموهومة، ويعطي للحكام حرية لا حدود لها في اضطهاد رعاياهم باسم الله والمقدس.
غير أن نقد الدين، والفكر الديني بشكل أكثر عمقا هو ما شهدته ألمانيا في النصف الأول من القرن التاسع عشر، كما تدل على ذلك كتابات فويرباخ Feuerbach وستراوس Strauss وباور Bauer وماركس Marx أو ما يعرف عموما ب «اليسار الهيغلي». فلقد قام شتراوس في كتابه عن «حياة المسيح» بنقد تاريخي لنصوص الإنجيل مبرزا تناقضاتها العديدة ومنبّها لطابعها «الأسطوري». وكان معاصره «فويرباخ»، باعتراف أغلب مؤرخي الفكر الفلسفي، أكبر ناقد للدين والفكر الديني بوضعه اليد على مفهوم مركزي هو: «الاستلاب الديني» lali?nation religieuse ، وهو المفهوم الذي سيجد امتدادا له عند مفكرين آخرين وخاصة منهم كارل ماركس. فالدين لا يعدو أن يكون تعبيرا عن عجز الإنسان على تحقيق إنسانيته في الحياة الدنيا، ولا خيار له أمام هذا العجز سوى القيام بعملية «تصعيد» لكل صوره الجميلة و»إسقاط» ماهيته نفسها على كائن كامل ومكتمل. ولا سبيل إلى تجاوز هذا الاستلاب المركزي إلا باسترجاع الإنسان إنسانيته التي سلبها هو من نفسه وأودعها لغيره، وتلك قصة سوف تجد صدى في كتابات أخرى مثل «مخطوطات 1844» أو «الإيديولوجيا الألمانية» لكاتبهما كارل ماركس.
وفيما عدا هاتين الحركتين الثقافيتين، الفرنسية والألمانية، اللتين وضعتا أساس الإنسان الحديث، يمكن القول إن «نقد الدين» فكرا ورجالا ومؤسسات، يوجد في عمق الفكر السياسي الحديث منذ نشأته مع ماكيافلي Machiavel ومساره الصاعد مع بودان Bodin وهويز Hobbes ولوك Locke وروسو Rousseau ومن تلاهم...
فقد تضمن «أمير» ماكيافلي نقدا لاذعا للكنيسة التي رأى فيها سبب خراب إيطاليا، كما ميّز بين مسيحية «جبانة» ترتزق على التجزئة والفُرقة الوطنية بإذكائها للنعرات، ومسيحية «حقيقية» لا تتعارض مع مقومات الدولة الحديثة التي كان ماكيافلي يناضل من أجلها، والتي جعل منها «قيمة» أعلى من كلّ القيم.
ومن جهته أقام المفكر السياسي ج. «بودان» J Bodin تصوره للدولة على أساس مفهوم للسيادة Souveraint? يجعل منها كائنا مطلقا لا يحدّه لاهوت، ولا يؤثر فيه انتماء ديني، وكان بذلك يرى أن وحدة الأمة تقتضي وضع الاعتبار «السياسي» فوق كل اعتبار، و خاصة الاعتبارات الدينية، كما كان يرى أن «وحدة الأمة» هي في نهاية المطاف أهم من « وحدة الدين»، ومن تمّ كان «بودان» من الأوائل الذين كانوا ينادون بضرورة الاعتراف بالاختلاف الديني، واعتباره أمرا واقعا يتطلب التسامح مع الآخر بدل التطاحن الذي لا ينتهي.
كما شكلت نظريات «العقد الاجتماعي» Le contrat social بمختلف أشكالها عند هوبز Hobbes أو لوك Locke نقدا حاسما لكل خلط بين مجالي الدين والسياسة بسحبها البساط عن كل تنظير لاهوتي لمسألة الدولة التي أصبحت نتيجة «العقد الاجتماعي» كائنا اصطناعيا ومخلوقا بشريا..
لا داعي هنا للاسترسال في استشهادات يمكن الاطلاع على تفاصيلها بالرجوع إلى تاريخ الفكر الأوربي الحديث. وإذا كنا أشرنا إلى بعضها على سبيل الاستئناس، فلنبيّن بالمقابل مدى الضعف، إن لم يكن غياب المفكّرين العرب أمام سؤال الدين، وإن كنت على خطأ، فلتذكّروني بأسمائهم !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.