نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    إدارة الدفاع الوطني تحذر من ثغرات أمنية خطيرة في متصفح للأنترنيت    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    الجزائر.. نظام العسكر يعتقل المؤرخ محمد الأمين بلغيث بسبب تصريحات إعلامية ويوجه له تهما خطيرة    أخنوش : السياسة بالنسبة إلينا هي العمل والجدية والوفاء بالالتزامات المقدمة للمواطنين    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    انتحار مراهق يهز حي حومة الشوك بطنجة صباح اليوم السبت    الملك محمد السادس يواسي أسرة الفنان محمد الشوبي: ممثل مقتدر خلّد اسمه بتشخيص متقن لأدوار متنوعة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    تير شتيغن يعود لحراسة مرمى برشلونة بعد غياب 7 أشهر بسبب الإصابة    دار الطالب بأولاد حمدان تحتضن بطولة مؤسسات الرعاية الاجتماعية    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    الأزمي: لم تحترم إرادة الشعب في 2021 وحكومة أخنوش تدعم الكبار وتحتقر "الصغار"    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    أكادير… توقيف شخص يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات وحجز أربعة أطنان و328 كيلوغراما من مخدر الشيرا    "هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى نقد الفكر الديني

يشهد التاريخ على أن من بين الأسس التي قام عليها تقدم الأمم، نقد الفكر الديني. ويكفي لتبيّن ذلك أن نتصفح تاريخ أوربا، بدءا من فرنسا «عصر الأنوار» إلى ألمانيا «اليسار الهيغلي» (نسبة إلى الفيلسوف الشهير F.W.Hegel) مرورا بحركات «الإصلاح الديني» ومقومات الفكر السياسي الحديث. وهو نقد مهما اختلفت توجهاته وتباينت مرجعياته، سعى بالأساس إلى تقويض الركائز العتيقة التي يقوم عليها النظام القديم، وإحلال مبدأ العقل وحكم التجربة وسلطة التاريخ .
لقد صبّ فولتير Voltaire، منذ مدة لا تقل عن قرنين ونصف جمّ غضبه على التعصب الديني، ونادى بالتمييز بين رجال الدين «الكذبة» والدين «الطبيعي» الذي يرى في نظام العالم مرآة تعكس روح الله. وتحمّس معاصره هلفسيوس Helvetius لتأسيس «أخلاق جديدة» تتجاوز الأسس الغيبية وترتكز على مقومات دنيوية تحقق منفعة الفرد وسعادته دون تعارض مع المنفعة العامة. وكان دولباخ Dholbach صاحب كتاب «المسيحية المكشوفة « Le christianisme d?voil? أكثرهم جرأة، وهو القائل أن الجهل والخوف هما الأساس الذي يبني عليه رجال الدين الكذبة قوتهم الموهومة، ويعطي للحكام حرية لا حدود لها في اضطهاد رعاياهم باسم الله والمقدس.
غير أن نقد الدين، والفكر الديني بشكل أكثر عمقا هو ما شهدته ألمانيا في النصف الأول من القرن التاسع عشر، كما تدل على ذلك كتابات فويرباخ Feuerbach وستراوس Strauss وباور Bauer وماركس Marx أو ما يعرف عموما ب «اليسار الهيغلي». فلقد قام شتراوس في كتابه عن «حياة المسيح» بنقد تاريخي لنصوص الإنجيل مبرزا تناقضاتها العديدة ومنبّها لطابعها «الأسطوري». وكان معاصره «فويرباخ»، باعتراف أغلب مؤرخي الفكر الفلسفي، أكبر ناقد للدين والفكر الديني بوضعه اليد على مفهوم مركزي هو: «الاستلاب الديني» lali?nation religieuse ، وهو المفهوم الذي سيجد امتدادا له عند مفكرين آخرين وخاصة منهم كارل ماركس. فالدين لا يعدو أن يكون تعبيرا عن عجز الإنسان على تحقيق إنسانيته في الحياة الدنيا، ولا خيار له أمام هذا العجز سوى القيام بعملية «تصعيد» لكل صوره الجميلة و»إسقاط» ماهيته نفسها على كائن كامل ومكتمل. ولا سبيل إلى تجاوز هذا الاستلاب المركزي إلا باسترجاع الإنسان إنسانيته التي سلبها هو من نفسه وأودعها لغيره، وتلك قصة سوف تجد صدى في كتابات أخرى مثل «مخطوطات 1844» أو «الإيديولوجيا الألمانية» لكاتبهما كارل ماركس.
وفيما عدا هاتين الحركتين الثقافيتين، الفرنسية والألمانية، اللتين وضعتا أساس الإنسان الحديث، يمكن القول إن «نقد الدين» فكرا ورجالا ومؤسسات، يوجد في عمق الفكر السياسي الحديث منذ نشأته مع ماكيافلي Machiavel ومساره الصاعد مع بودان Bodin وهويز Hobbes ولوك Locke وروسو Rousseau ومن تلاهم...
فقد تضمن «أمير» ماكيافلي نقدا لاذعا للكنيسة التي رأى فيها سبب خراب إيطاليا، كما ميّز بين مسيحية «جبانة» ترتزق على التجزئة والفُرقة الوطنية بإذكائها للنعرات، ومسيحية «حقيقية» لا تتعارض مع مقومات الدولة الحديثة التي كان ماكيافلي يناضل من أجلها، والتي جعل منها «قيمة» أعلى من كلّ القيم.
ومن جهته أقام المفكر السياسي ج. «بودان» J Bodin تصوره للدولة على أساس مفهوم للسيادة Souveraint? يجعل منها كائنا مطلقا لا يحدّه لاهوت، ولا يؤثر فيه انتماء ديني، وكان بذلك يرى أن وحدة الأمة تقتضي وضع الاعتبار «السياسي» فوق كل اعتبار، و خاصة الاعتبارات الدينية، كما كان يرى أن «وحدة الأمة» هي في نهاية المطاف أهم من « وحدة الدين»، ومن تمّ كان «بودان» من الأوائل الذين كانوا ينادون بضرورة الاعتراف بالاختلاف الديني، واعتباره أمرا واقعا يتطلب التسامح مع الآخر بدل التطاحن الذي لا ينتهي.
كما شكلت نظريات «العقد الاجتماعي» Le contrat social بمختلف أشكالها عند هوبز Hobbes أو لوك Locke نقدا حاسما لكل خلط بين مجالي الدين والسياسة بسحبها البساط عن كل تنظير لاهوتي لمسألة الدولة التي أصبحت نتيجة «العقد الاجتماعي» كائنا اصطناعيا ومخلوقا بشريا..
لا داعي هنا للاسترسال في استشهادات يمكن الاطلاع على تفاصيلها بالرجوع إلى تاريخ الفكر الأوربي الحديث. وإذا كنا أشرنا إلى بعضها على سبيل الاستئناس، فلنبيّن بالمقابل مدى الضعف، إن لم يكن غياب المفكّرين العرب أمام سؤال الدين، وإن كنت على خطأ، فلتذكّروني بأسمائهم !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.