من الواضح أن شبكات التواصل الاجتماعي، أخذت تطرح اليوم إشكالات خطيرة على المواطنين في مختلف البلدان، خاصة الفضيحة التي تفجرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث تم الكشف عن استعمال 87 مليون حساب في الفيسبوك، من طرف إحدى الوكالات، لدراسة ملامح شخصياتها واتجاهاتها، واستغلالها في الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما دفع بالكونغرس إلى استدعاء صاحب الفيسبوك، مارك زوكربرغ، للاستماع إليه، حيث قدم اعتذاره عما حصل. وليست هذه هي المرة الأولى التي تثار فيها إشكالات حقيقية في استعمال التكنولوجيات الحديثة، فمازال العالم يواجه مشكلة الأخبار الكاذبة «fake news «، دون أن يجد لها حلا، بالإضافة إلى مسألة عدم حماية المعطيات الشخصية، الأمر الذي دفع إلى تنظيم حملة لحذف الحساب في الفيسبوك، باعتباره الوسيلة التي تتسرب منها هذه المعطيات وتستعمل لأغراض تجارية وسياسية. غير أن المعضلة التي مازالت تواجهها أيضا وسائل التواصل الحديثة، وخاصة الشبكات الاجتماعية، هي الاستعمال السيء لها من طرف العديد من الناس، لتصريف الأحقاد وممارسة السب والقذف والتهجمات الشخصية، بشكل مكشوف، وفي الكثير من الحالات، بهويات غير مكشوفة، إلى أن يصبح الفيسبوك أحيانا، مزبلة حقيقية، ترمى فيها النفايات النفسية والسياسية والثقافية. ويمكن القول إن مدرسة الكتائب الإلكترونية، وهي التسمية التي شاعت في المغرب، لمجموعات تتخصص في مهاجمة خصوم سياسيين، أصبحت تتطور وتحتاج إلى مواجهة حقيقية وموقف جماعي، من طرف الذين لا يقبلون الاستعمال السيء للتكنولوجيات الحديثة، في انتظار أن يعمل أصحاب الشبكات الاجتماعية على تصحيح هذا الوضع، بابتكار وسائل للكشف عن الهويات ومحاربة الممارسات التي يجرمها القانون، من سب وقذف وحملات التشويه والمس بكرامة الناس، وكذا الأخبار المضللة، وغيرها من نفايات الفيسبوك، على الخصوص. وقد وجه العديد من نواب الكونغرس، أسئلة لمارك زوكربرغ، حول مختلف هذه السلبيات، غير أن وعوده ظلت غير واضحة في مواجهة هذه الاستعمالات السيئة، الأمر الذي يؤكد أن الموضوع ينبغي أن يحسم في كل بلد، خاصة على المستوى الأخلاقي، من طرف النخب السياسية والثقافية والإعلامية والاجتماعية، للتوصل إلى اتفاق مبدئي من أجل التصدي لتحويل وسيلة حديثة، يمكن استعمالها بشكل جيد في التواصل وحرية التعبير، إلى وسيلة لتصريف السوء.