يتابع الرأي العام الوطني قضية وفاة الشاب المغربي ابن مدينة البيضاء وإصابة فتاتين معه بجروح خطيرة كانوا جميعا على متن دراجة نارية . القضية أخذت أبعادا قانونية ومتابعة في حق رجل أمن متابع في حالة اعتقال على خلفية أن هذا الشرطي الدراج قام بمطاردة للشاب في الشارع العام فكانت الواقعة الأليمة لتعلن النيابة العامة أنها أمرت باعتقال الشرطي بسجن عكاشة بالبيضاء . بيان ولاية الأمن بالبيضاء تحدث عن إجراء تحقيق في النازلة لم تعلن بعد نتائجه للجمهور، وأشدد على الجمهور لأن القضية في غاية الحساسية ولأن المخولين بإنفاذ القانون من رجال ونساء الأمن وجب حماية ظهورهم وهم يغامرون بأرواحهم وأرواحهن لحماية الجمهور . لست بصدد التدخل أو محاولة الدفاع عن الشرطي المتهم والمعتقل ولست ضد الضحية، رحمه الله، ولكن وجب الاحتياط وحتى لا يساهم الصمت في تبليغ رسائل إلى الخارجين عن القانون المفترضين، ولا أقصد الشاب الراحل بل المجرمين من كل الأصناف والأنواع، والذين نحتاج جميعا كمجتمع لوقف عنفهم ووضع حد لكل من يهدد أمننا العام والخاص . في جميع الحالات هذا الشرطي الذي تدخل لا علاقة له بالضحية وليس بينهما غير مخالفات وقعت بالشارع العام يؤطرها القانون الساري في البلاد ترتبت عن تدخله حادثة ووفاة، وهذا لا يعني أن نجرم التدخل الأمني إرضاء لأي ضغوطات، وبعض المتقولين منهم وصف الشرطي السجين بالقاتل وغيرها من النعوت والأحكام غير المقبولة حتى قبل أن يبت القضاء في النازلة . الأمر يتعدى شرطيا وحادثة بل يصل مداه إلى كل المخولين بإنفاذ القانون والسهر على تطبيقه من مختلف التخصصات والرتب، ولعل ما سمعته شخصيا من عدد من المواطنين، ومن حتى فاعلين مدنيين وقانونيين، هو شل حركة رجال تنفيذ القانون في مواجهة الجريمة مخافة أن يكون مصيرهم ومصيرهن أسوار السجن بجريمة غير العمد وغياب النية الإجرامية، ولعمري هذا باب يقتضي الوضوح والشجاعة، نعم لإجراء وإعمال القانون، ولكن وجب، وبكل حزم، سد باب الذرائع ووجب منح الحماية للمغامرين بحياتهم والساهرين على القانون، مهما تكن من ملاحظات على الأداء الفردي لبعضهم وبعضهن مما لا يكتسي طابعا منهجيا، فليس أداء الواجب المهني أن تأكل الإدارة أبناءها ولو بالصمت . فتحية لرجال الأمن ولمنطق الأمن بمفهومه وهو أمر لا يعالج من طرف المجتمعات الواعية بالحقد والحسابات الشخصية ولكن بالمنفعة العامة. الشرطي، في الواقع، كان يزاول مهامه في حفظ الأمن والنظام ومراقبة السير، والشاب المتوفي كان يركب دراجة نارية بدون خوذة برفقة فتاتين بدون خوذات واقية أيضا، ولم يمتثلوا للشرطي ولاذوا بالفرار مما اضطره لملاحقتهم فوقعت الحادثة المميتة بعد أن سقط الشاب في حفرة للصرف الصحي بدون غطاء، مما تسبب في وفاته، وخلاصة القول إن التهور وخرق القانون هما السبب في الحادثة فلا داعي لإلقاء اللوم على الشرطي، الذي كان يقوم بواجبه، فهو كذلك مسؤول وله أسرته وذويه ولم تكن الأمور لتصل لتلك النهاية المأساوية لو احتُرم القانون. إذن فمن ترك الحفرة غير مغطاة يتحمل مسؤولية الحادثة والموت الرهيب..فلا تجعلوا الشرطة شماعة!