حين قرر الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية – تفعيل مقتضيات الفصل 105 من الدستور، لم يكن الهدف مجرد تسجيل موقف في الزمن البرلماني، بل كان ذلك إعلانًا صريحًا عن عودة الوعي الديمقراطي إلى جوهره: أن الحكومة ليست فوق المحاسبة، وأن السياسات العمومية لا تكتسب شرعيتها من الصناديق فقط، بل من قدرتها على تجسيد إرادة الأمة وخدمة المصلحة العامة. لقد منح المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الشرعية السياسية الكاملة لهذا الملتمس، عبر مصادقة جماعية واعية، حولته من مبادرة نيابية إلى فعل سياسي شعبي مؤسّس ومسؤول، ومن رقابة دستورية إلى نداء مفتوح للمغاربة كي يُعيدوا النظر في أداء حكومة تمددت في القرارات، وانكمشت عن الاستماع، وفشلت في تملك المفاتيح الاجتماعية والتنموية الضرورية لبناء التوازن المؤسساتي. هذا الملتمس، إذن، ليس بيروقراطية دستورية أو مجرد مسطرة إجرائية، بل هو جوهر وظيفة المعارضة الوطنية كما اختارها الاتحاد: رقابة بمسؤولية، ومساءلة بشجاعة، ومبادرة بأفق شعبي. فالإضافة إلى تجسيد الأثر داخل البرلمان، تمارس رقابة مزدوجة: سياسية من داخل المؤسسات، وشعبية من خارجها، حيث تبدأ الشرعية وتنتهي. إن اختلالات السياسات العمومية لا تُصلح فقط بالتنبيه، بل بالتعبئة الهادئة واليقظة، وبإعادة بناء الجسور بين المؤسسات والمجتمع. ومن هنا، فهذا التمرين الديمقراطي ليس موجهًا ضد الحكومة كشخوص، بل ضد قصور تدخلاتها عن الإجابة عن أولويات المغاربة، وضد اختزالها للتدبير في منطق تقني جامد، خالٍ من البعد الاجتماعي الملموس والالتزام الوطني. حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو يخوض هذه المعركة النبيلة، لا يسائل الحكومة فقط، بل يُعيد صياغة سؤال المشروعية: كيف تسهر الحكومة على أولويات المغاربة؟ وبأي أفق؟ ووفق اية آليات؟ وهي أسئلة لا تجيب عنها البرامج أو البيانات، بل يُجيب عنها الفعل السياسي حين يستعيد روح الالتزام الديمقراطي في بعده الأصيل: خدمة المواطن أولًا، وكرامته دائمًا. (*) عضو المجلس الوطني