قبل عقد من الزمن، كانت كرة القدم الإفريقية تعاني من التهميش، وسوء التدبير، وانعدام الشفافية، وتغيب عنها مشاريع التطوير الحقيقية. لكن منذ أن بدأ فوزي لقجع، الرجل القوي في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، بفرض بصمته داخل دواليب القرار القاري، بدأت خريطة كرة القدم الإفريقية تتغير بشكل ملموس، ليس فقط على مستوى النتائج، بل أيضا على مستوى البنيات، والحوكمة، والرؤية المستقبلية. من المغرب إلى القارة: مشروع كروي بقلب إفريقي منذ توليه رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عام 2014، أطلق فوزي لقجع مشروعا طموحا لإعادة هيكلة كرة القدم الوطنية، استند إلى عنصرين رئيسيين: التكوين والبنية التحتية. لم يتأخر صدى هذا النموذج المغربي في الوصول إلى ردهات "الكاف"، حيث أصبح لقجع صوتا مسموعا في دوائر القرار، ثم نائبا للرئيس، فعضوا بلجنة الطوارئ، وصولا إلى لعب أدوار مفصلية في القرارات الكبرى التي أعادت ترتيب البيت الإفريقي. احترافية التدبير بدل منطق الولاءات ما ميز تدخلات لقجع داخل الاتحاد الإفريقي هو إصراره على إبعاد منطق الولاءات السياسية والجهوية عن إدارة كرة القدم، وتعويضها بمنطق التدبير الاحترافي القائم على النتائج. وهكذا، أصبح الحديث داخل "الكاف" يدور حول الملاعب المطابقة للمعايير، ونظام تراخيص الأندية، ودفاتر التحملات، بدل الاجتماعات العبثية التي كانت تطغى عليها المجاملات والتوازنات الهشة. ثورة على مستوى البنية التحتية ساهم لقجع، بشكل مباشر أو غير مباشر، في إطلاق ثورة البنيات التحتية في القارة، حيث أصبحت العديد من الدول تسعى لمحاكاة التجربة المغربية، بفضل برنامج طموح لتجديد الملاعب، وإنشاء أكاديميات التكوين، وتحديث مراكز التحكيم والتدريب. وقد ساعدت هذه الدينامية على رفع سقف المنافسة، واحتضان القارة لبطولات بمعايير عالمية، مثل كأس العالم للأندية، وكأس إفريقيا للاعبين المحليين. دبلوماسية كروية تخدم القارة لم يتوقف دور لقجع عند حدود تطوير اللعبة، بل تجاوزها إلى خدمة صورة القارة في المحافل الدولية. فقد لعب دورا محوريا في كسب المغرب لثقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والمساهمة في ملف تنظيم مونديال 2030، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، ما يعني دخول إفريقيا مرحلة جديدة من الاعتراف العالمي. وداخل أروقة "الكاف"، نسج علاقات استراتيجية مع دول من مختلف القارات، مستثمرا في شبكة دبلوماسية رياضية ذكية تخدم مصالح الكرة الإفريقية. إفريقيا الجديدة في مرآة الكرة اليوم، حين نتحدث عن نهضة الكرة الإفريقية، لا يمكن إغفال اسم فوزي لقجع، لأنه كان من بين القلائل الذين آمنوا بأن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل أداة للتنمية، والاعتراف، وبناء الهوية القارية. لقد أعاد الرجل رسم الخريطة، لا فقط بإزاحة بعض القوى التقليدية، بل بخلق مراكز جديدة للإشعاع الكروي، تقوم على الكفاءة لا على التاريخ فقط.