إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". الحلقة 20 ولد محمد حمادي سنة 1952 بمدينة مراكش، موطن الفن والفرجة، التي كان يقدمها فطاحلة الفن الشعبي بساحة جامع الفنا، حيث انبثق ولعه بالموسيقى والفن، فكان من الطبيعي أن تعشق أذنه كما هائلا من الألوان الموسيقية، ليكبر وسط هاجس الارتباط بالفن والموسيقى. بدأ محمد حمادي مساره الفني بالانخراط في العمل الجمعوي، حيث مارس الغناء والتمثيل. في تلك الفترة وتحديدا سنة 1971، أحدث ظهور مجموعة ناس الغيوان بالدارالبيضاء ثورة عارمة في الحياة الفنية المغربية، بتكسيرها قاعدة المغني الوحيد، من خلال الأداء الجماعي، إضافة إلى استعمال الأدوات الموسيقية التراثية المغربية الموغلة في القدم، من قبيل السنتير، والبندير. ولعل النجاح الذي لقيته هذه المجموعة، كان هو الدافع الرئيسي الذي جعل شبابا آخرين يفكرون في تأسيس مجموعات أخرى تحذو حذوها، فكان ظهور مجموعة جيل جيلالة بمراكش، التي حظيت بدورها بإعجاب الجمهور المغربي، بفضل الأسلوب الجديد الذي أطلت به على الشباب المغربي آنذاك. في تلك الفترة، التحق محمد حمادي بمجموعة "نواس الحمرا" المراكشية، التي أسسها رفقة عبد الكريم القسبجي، الذي التحق في ما بعد بمجموعة جيل جيلالة، بعد فشل تجربة المجموعة التي لم تستطع الاستمرار، ليقرر حمادي السفر إلى الدارالبيضاء والاستقرار فيها، بعدما التحق معظم أعضاء المجموعة بالفرق الأخرى. أثناء إقامته بالدارالبيضاء، سنة 1974، كان حمادي يتردد بين الفينة والأخرى، على مقهى "لاكوميدي" المحاذي للمسرح البلدي، الذي كان في ذلك الوقت قبلة للفنانين من كافة أنحاء المغرب، وذات مرة أخبر أحد أصدقاء المجموعة الشريف، الذي كان جالسا بالمقهى ذاته، بأن محمد حمادي هو أحد أعضاء فرقة "نواس الحمراء"، التي تفككت أخيرا، وأن له صوتا جميلا، فتوجه إليه لمراني وعبر له عن حاجة المجموعة إلى صوت مثل صوته، فلم يتردد حمادي في تلبية دعوته بقبول الانضمام إلى المجموعة. كان صوت حمادي، من أروع الأصوات في مجال المجموعات الغنائية، بشهادة الجميع، إذ سيضيف انضمامه إلى لمشاهب الكثير.