أمين احرشيون برشلونة ما حدث مؤخرًا في مدينة طوري باشيكو، جهة مورسيا جنوب شرق إسبانيا، لم يكن مفاجئًا، بل هو حلقة جديدة من مسلسل ممنهج يُغذيه اليمين المتطرف في محاولاته المتكررة لخلق الفتنة وبث التوتر داخل المجتمع الإسباني. حزب فوكس، الذي لا يخفي عداءه للمهاجرين وخاصة المغاربة، يحاول إعادة إنتاج خطاب كراهية شبيه بما شهدته أوروبا في فترات مظلمة من تاريخها. الحزب يسعى جاهدًا لصناعة "عدو وهمي" يرمي عليه كل مشاكل البلد، والمغرب دائمًا في صلب هذا الخطاب التحريضي. ورغم كل هذه المحاولات، إلا أن الشعب الإسباني، بمختلف مكوناته، أصبح أكثر وعيًا. ما عُرض في القنوات الرسمية الإسبانية من آراء وتحليلات أبرز أن الأغلبية ترفض هذا الخطاب العنصري وتؤمن بأن التعايش السلمي هو أساس بناء مجتمع قوي ومتماسك. الجميل في كل ما جرى هو موقف الإسبان من أصول مغربية، الذين أظهروا وعيًا كبيرًا، ودافعوا عن استقرار البلد ومصالحه، مؤكدين أن اندماجهم ليس مجرد شعار بل واقع يعيشونه في حياتهم اليومية. لقد كانوا نموذجًا في المواطنة الفعالة، ومثالًا على أن الانتماء لا تحدده العرقية أو اللغة، بل الالتزام بقيم المواطنة والعمل من أجل الصالح العام. في المقابل، يثير الغياب الدبلوماسي المغربي تساؤلات عديدة، خصوصًا في ظل تزايد الحملات الإعلامية والسياسية التي تستهدف أبناء الجالية. فالمغاربة المقيمون في إسبانيا ليسوا فقط مهاجرين، بل هم جزء من النسيج المجتمعي الإسباني، ويستحقون الدعم والحماية من كلا الدولتين. العلاقات المغربية الإسبانية ليست علاقة عابرة، بل هي علاقة جيران تجمعهم الجغرافيا والتاريخ والمصالح المشتركة. ومن المنتظر أن تُشكل تظاهرة عالمية مثل مونديال 2030، التي ستحتضنها كل من إسبانيا والمغرب والبرتغال، مناسبة لتعزيز هذه الشراكة وتقوية جسور التعاون. في النهاية، يعي المواطن الإسباني ذو الأصول المغربية أن مستقبله ومستقبل أبنائه مرتبط بثقافة الحوار والتعايش والاحترام المتبادل. إسبانيا والمغرب ليسا فقط جارين، بل بوابتان نحو مستقبل مشترك لشعوب ضفتي المتوسط.