حينما نتحدث عن اللاعب الأسطورة «بيتشو»، نتحدث عن مسار رياضي امتزج لديه الحب ل»الوداد» والانتماء إلى «الرجاء»، إنه الاسم الذي جمع حب الجمهورين. شكل مساره الرياضي في السبعينيات مادة تناقلتها الألسن البيضاوية، بسبب هذا التنقل بين ناديي الوداد والرجاء، إلا أن الجميع كان يكنون الحب للاعب ويتقاسمون الاعتراف بموهبته، التي ظلت في أذهان البيضاويين، رغم مرور ثلاثة عقود على وفاته «الغريبة» والملتبسة. وقد شكل شهر يناير من سنة 1980 لحظة فاصلة في حياة الرياضة المغربية بعدما أعلن وفاة اللاعب الدولي المغربي مصطفى شكري، الشهير بلقب «بيتشو»، والذي لم يكن سنه يتجاوز 32 سنة، وكان يلعب حينها بنادي الوحدة السعودي. وشاءت الأقدار أن يسلم اللاعب الودادي-الرجاوي الروح إلى باريها بأحد مستشفيات مكةالمكرمة، بعد أن انتقل إلى الديار السعودية من أجل طي صفحة الهواية وإنهاء مشواره في عالم الاحتراف، إلى جانب لاعب «الرجاء»، عبد اللطيف بكار، الذي خاض التجربة إلى جانب «بيتشو» في نفس الموسم الرياضي، وبإشراف من المدرب المغربي أحمد صبري. وفي هذا الإطار، قال شقيق «بيتشو»، كمال شكري، في تصريح سابق ل«المساء»، إن مصطفى قرر الانتقال إلى السعودية، بعد أن ضاق ذرعا بملاحظات أفراد الأسرة، الذين طالما عاتبوه لعدم تمكنه من توفير المال الكافي لشراء شقة وسيارة والعيش في رفاه، على غرار لاعبين أقل منه مستوى: «حين توصل بالدفعة الأولى من منحة التوقيع، سلمها لجدته التي كان يعيش معها وسافر دون أن يعود أبدا من ذلك السفر» لكنْ، ما هي أسباب ودواعي الوفاة المفاجئة للاعب كان الجميع يشهدون له بالقوة وبالحضور البدني، بل إن لقب «العاودْ»، الذي كان لصيقا به، اعتُبر كناية على لياقته البدنية. وأضاف شقيق «بيتشو»، في تصريحه الصحافي السابق: «حين انضم «بيتشو» إلى نادي «الوحدة»، خاض أول مباراة ودية ضد نادي «الهلال السعودي» وأبان عن مستوى جيد، بل إنه سرق الأنظار والشهرة من اللاعب البرازيلي الشهير ريفيلينو، الذي كان يخوض أولى مبارياته بقميص «الهلال»، وبعد مباراتين، غاب ،فجأة، عن «الوحدة».. وقد توجهتُ، على نفقة أسرتي، إلى جدة، حيث كان يقيم شقيقي «بيتشو» في إحدى المصحات، وأكد لي المسؤولون عن نادي «الوحدة» أن الوفاة ناتجة عن مرض السرطان وأطلعوني على وثيقة تؤكد ذلك، كما طلبوا مني التوقيع على وثيقة أخرى كُتِب عليها أن الوفاة تمت «بدون عنف».. لم أفهم مغزى هذه العبارة.. أزحت غطاء أبيض كان يغطي جسده ولم يتبيّنْ لي أي أثر للجروح أو عملية جراحية فوقعتُ، رغم أنهم قالوا إن العملية أجريت، ثم إنهم منعوني من دخول المصحة وبقيت في صالة الانتظار. كما أجري التشريح الطبي دون أن أوقع على وثيقة الموافقة»... وأكد شقيق مصطفى أنه لم يتمكن من معرفة ما يحدث حوله، فقد وجد أمامه جثة هامدة وصمتا غريبا، حاول طرح مجموعة من الأسئلة، لكنه مُنِع من ولوج المصحة. ورغم ما أثير حول الأسباب الحقيقية لوفاة اللاعب الدولي «بيتشو» وبداية الإشارة إلى تورط جهات رسمية في الرحيل المفاجئ لهذا اللاعب الأسطورة، فإن الأسرة اختارت عدم طرح الأسئلة التي لن تجد لها جوابا شافيا، إلا ن مقربين من بيتشو يؤكدون أنه كان يتمتع بصحة عالية. وقال العليم بينيني، الصديق الحميم ل»بيتشو»، والذي قرر اعتزال الكرة فور انتقال شكري إلى صفوف «الوداد»، في تصريح سابق ل»المساء»: «كان مرض اللوزتين هو الذي ينتاب «بيتشو»، وآخر بطاقة بريدية توصلتُ بها منه جاءت من تونس، حين رافق فريقه إلى هذا البلد من أجل إجراء معسكر تدريبي، وأكد أنه في صحة جيدة، قبل أن تحمل الأخبار وفاة قيل إنها نتيجة لسرطان الأمعاء». تتعدد الاحتمالات والأسئلة حول هذا الرحيل المفجع ل«بيتشو»، إلا أن الراحل رحل عنا، ورحل معه السر الحقيقي في هذه الوفاة التي فاجأت البيضاويين والمغاربة، على حد سواء...