صرف منحة استثنائية لفائدة أرامل ومتقاعدي الأمن الوطني        أفضل يونيو سياحي في تاريخ المغرب    الدولار يتراجع        اقتصاد هش وسياسات قاصرة.. مدون مغربي يبرز ورطة الجزائر بعد قرار ترامب الجمركي    تنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك إعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق    المنتخب المغربي يحافظ على مركزه في الترتيب العالمي للفيفا            آيت بوكماز تنتفض .. مسيرة على الأقدام نحو بني ملال رفضًا للتهميش    غياب لطيفة رأفت عن جلسة استماع ملف "إسكوبار الصحراء" يؤجل شهادتها في الملف        الحكومة تصادق على قانون لحماية الحيوانات الضالة ومواجهة أخطارها    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    غالي: الحكومة الحالية تسعى جاهدة لخلق بيئة مواتية لانتشار الفساد    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    عمر بلمير يكشف موعد طرح "ديالي"    الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة: الفساد يهدر الحقوق ويجهز على كرامة الإنسان    إنريكي: الظفر بكأس العالم للأندية هدفنا وديمبيلي الأحق بالكرة الذهبية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    نجاة الوافي: "سيوف العرب" يعيد إحياء أمجاد التاريخ العربي برؤية فنية احترافية    بنموسى يحذر من استغلال القضايا الديموغرافية ويدعو لتجريب "سياسات الغد"    د.الحسن عبيابة: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بدون عنوان للمرحلة المقبلة    لبلايلي تنفي "بلوكاج" إصلاح المدونة    جمعية الناشرين: المشروع يحصن المهنة    23 قتيلاً في قطاع غزة بينهم 8 أطفال    أكثر من 90 % من "ملاحظات المجتمع" على منصة إكس لا تُنشر    مقتل رجل دين شيعي بارز في سوريا    "ريمالد" تعتني بزراعة القنب الهندي    "أوكسفام": أربعة أثرياء في إفريقيا أغنى من نصف سكان القارة    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    المتصرفون بجهة فاس مكناس يطالبون بإنصافهم الإداري ورد الاعتبار لمهامهم داخل قطاع التعليم    الخطوط الملكية المغربية تجري محادثات لشراء طائرات من "إمبراير"    حسن الزيتوني.. عامل الحسيمة الذي بصم المرحلة بأداء ميداني وتنموي متميز    أشرف حكيمي: الرحيل عن ريال مدريد لم يكن قراري    مجلس ‬المستشارين ‬يصادق ‬على ‬قوانين ‬مهمة    هل ‬هو ‬الظلام ‬الذي ‬ينبثق ‬عنه ‬الفجر ‬الصادق ‬؟    بعد ‬الإعلان ‬عن ‬نمو ‬اقتصادي ‬بنسبة ‬4.‬8 % ‬وتراجع ‬التضخم ‬    خورخي فيلدا: الانتصار على الكونغو أعاد الثقة ل"لبؤات الأطلس" قبل مواجهة السنغال    سقوط سيارة في وادٍ قرب مدرسة أجدير بسبب السرعة المفرطة    استفحال ظاهرة الاعتداء على أعوان السلطة ببرشيد وسلطات الأمن تتحرك بحزم    الإيطالي سينر والصربي ديوكوفيتش يتأهلان لنصف نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب    محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق    تحطم مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي ومصرع طياريها    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    المدرسة الدولية بالجديدة تميز وتألق مستمر في الباكالوريا المغربية وباكالوريا البعثة الفرنسية    مجزرة كروية في أمريكا .. الملكي يتهاوى أمام إعصار باريس    "غي -تا" تكشف عن ملامح عملها الفني الجديد "كروا غوج"    في سابقة طبية إفريقية.. المغرب يشهد أول عملية جراحية بتقنية "v-NOTES" لاستئصال الرحم    مازغان يطلق المطعم الموسمي الجديد    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مائة عام على مشروع دستور 1908..
في الحاجة إلى وعي سياسي تاريخي
نشر في المساء يوم 23 - 09 - 2008


تقديم
مضت مائة سنة على مشروع دستور 1908 الذي كان وراء إعداده نخبة من دعاة الإصلاح في بداية القرن.
مجموعة من العلماء الوطنيين من خريجي جامعة القرويين الذين كانوا يعيشون واقعهم ويتفاعلون معه، نجحوا إلى حد بعيد في فهم المعوقات المؤسساتية التي كانت وراء تراجع هيبة الدولة وموقعها على المستوى الدولي والإقليمي، وتقدموا بمشروع دستور يحاول تقنين ممارسة السلطة في المغرب، منطلقين من فهمهم الصحيح للإسلام الذي لا يقبل توظيف الدين لبناء شرعية سياسية، ومنفتحين على ما توصلت إليه البشرية من آليات لمحاصرة الاستبداد ومنطق الاستفراد بالسلطة.
مشروع دستور 1908 كان امتدادا للبيعة المشروطة للسلطان عبد الحفيظ، حيث كان العلماء لا يتصورون البيعة كتفويض مطلق للسلطة كما يحاول أن «يجتهد» البعض اليوم، وإنما هي تعاقد حقيقي بين الحاكم والمحكوم يحدد حقوق وواجبات كل واحد منهما.
حاجتنا اليوم إلى إعادة قراءة المشاريع الدستورية لبداية القرن، وخاصة مشروع 1908، في محاولة لامتلاك وعي سياسي تاريخي حول قضية حساسة مازالت تحتفظ براهنيتها إلى اليوم: إشكالية السلطة والحرية.
جماعة لسان المغرب
النص عبارة عن مشروع دستوري نشر في جريدة لسان المغرب التي كانت تصدر بطنجة تحت إدارة الأخوين اللبنانيين فرج الله وأرتور نمور، وذلك في أربعة أعداد متتابعة من 11 أكتوبر إلى 1 نونبر 1908، و«كانت الغاية من نشره هي مطالبة السلطان عبد الحفيظ بإقراره بعد أن مرت على بيعته أربعة أشهر».
ومشروع الدستور هذا لم يشكل فقط أداة لتنظيم وضبط السلطة، بل إنه تضمن برنامجا متكاملا لمواجهة الوضعية السائدة آنذاك. فعلاوة على الفصول المتعلقة بالمؤسسات السلطوية، فقد خصص واضعو المشروع عدة بنود للحديث عن أهمية التعليم، أو ما يسميه المشروع بالمدرسة الوطنية، والتأكيد على إجباريته ومجانيته، وضرورة فتح مدارس صناعية وزراعية، وكذلك تنظيم الإدارة، وكيفية تعيين الموظفين، ومالية الدولة ومراقبتها.
ولم ينشر من هذا المشروع إلا ما يمكن تسميته بالقانون الأساسي، في الوقت الذي لم يتم إدراج ملاحق مهمة من المشروع تهم القانون الداخلي لمنتدى الشورى، وقانون الانتخابات، وقانون الجزاء.
ولا يعرف بالضبط من هم محررو هذا المشروع أو الذين كانوا وراء إعداده، بحيث عرف هذا الدستور باسم الجريدة التي نشرته، وظل يحمل منذ ذلك التاريخ إلى اليوم اسم: «دستور جماعة لسان المغرب».
وإذا كان علال الفاسي يرجع عدم العثور على أسماء من حرروا هذه الوثيقة، إلى ما مني به تاريخ المغرب من ضياع، فإن البعض يميل إلى القول بأن الأمر يرتبط بتستر مقصود لهذه الجماعة، بحيث ذهب عبد الكريم غلاب إلى القول بأن «الملك الجديد (عبد الحفيظ) لم تعرف بعد نواياه نحو الحريات العامة، التي لم تكن لها ضمانات قانونية أو غير قانونية... وكانت الجماعة الوطنية مضطرة إلى الاختفاء وراء فرج الله نمور لأن له جنسية قد تحميه وتحمي «لسان المغرب» من أن تمتد يد الحكومة إليها.
لكن ما يهمنا بالدرجة الأولى في هذه الحلقات هو المرجعية الثقافية والسياسية التي يصدر عنها هذا المشروع، والمضامين الفكرية والقانونية التي يحملها بغض النظر عن الأشخاص الذين يقفون وراءه. ويبدو أن الموضوع يتعلق باقتباسات منقحة للدستور العثماني المكتوب بتاريخ 23 دجنبر 1876 (...) مع الاستفادة من موجة القانون الدستوري التي برزت بأوربا (...) وهو ما يحمل على الاعتقاد بأن واضعه غير مغربي، كما يذهب إلى ذلك عبد الله العروي.
ولكن من المؤكد أن هنالك علاقة واضحة بين واضعي مشروع دستور 1908 المتسترين وراء أعمدة لسان المغرب، وتلك النخبة المثقفة التي تحملت المسؤولية في تحرير البيعة المشروطة للسلطان الجديد المولى عبد الحفيظ.
إذ جاء في إحدى المقالات المنشورة على أعمدة هذه الجريدة «نحن لا نألو جهدا في المناداة بطلبه (أي الدستور) على صفحات الجرائد من جلالته، وهو يعلم أننا ما قلدناه بيعتنا واخترناه لأمانتنا إلا أملا في أن ينقذنا من وهدة السقوط... وعليه فلامناص ولا محيد لجلالته في أن يمنح أمته نعمة الدستور ومجلس النواب».
وربما يكون من دوافع تستر الجماعة، شعورها منذ تاريخ عقد البيعة المشروطة بعدم ارتياح السلطان، وتضايقه مما تضمنته من شروط، رغم أن محتواها العام لا يخرج عما كان متعارفا عليه ضمنيا في إطار المفهوم التقليدي للبيعة، فبالأحرى أن تعلن الجماعة عن نفسها وهي تطالب السلطان بإقرار تنظيم دستوري غير مألوف، يرسم مجالات سلطان الدولة، ويقننها ويضيف إلى جانبها سلطة ممثلي الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.