إصلاح ‬المنظومة ‬القانونية ‬متواصل    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    جنيف: المغرب يحقق تقدما لافتا في مؤشر الابتكار العالمي 2025 بصعود 9 مراتب    مجلة أمريكية: المغرب يفرض نفسه كإحدى أبرز الوجهات السياحية العالمية    تحقيق للأمم المتحدة يخلص إلى تحريض مسؤولين إسرائيليين كبار على الإبادة في غزة    غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وروبيو يعطي "مهلة قصيرة" لحماس لقبول اتفاق    احتجاجات أكادير.. "صرخة الغضب" من أجل إنقاذ المنظومة الصحية        مراكز ‬مكتظة ‬وصدى ‬في ‬الرأي ‬العام ‬الإسباني‮...‬    مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    تيزنيت:منتخب عن "الحمامة" يحوّل الإنعاش الوطني إلى أجور لعمال شركته    غزة تنعى 38 قتيلا بنيران إسرائيل    تقرير للأرصاد الجوية يعلن تقلص ثقب الأوزون    صبي ينتحر بعد إنفاق أموال الأب على الإنترنت    أمرابط: رفضت عروضا من السعودية    دراسة: الأرق المزمن يعجل بشيخوخة الدماغ    صحافة النظام الجزائري.. هجوم على الصحفيين بدل مواجهة الحقائق    "عن أي دولة إجتماعية تتحدثون!"    "البيجيدي" يطالب بعفو شامل عن معتقلي الحراكات ويكذّب أرقام أخنوش حول زلزال الحوز        ارتفاع ثمن الدجاج والبيض بشكل غير مسبوق يلهب جيوب المغاربة    إلى متى ستظل عاصمة الغرب تتنفس هواء ملوثا؟    البنك الدولي يستعرض نموذج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تقريره لسنة 2025    الذهب يسجل ارتفاعا قياسيا مع تراجع الدولار قبيل اجتماع المركزي الأمريكي    القمة العربية الإسلامية الطارئة تجدد التضامن مع الدوحة وتدين الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر    قناة الجزيرة القطرية.. إعلام يعبث بالسيادة المغربية    فيدرالية اليسار الديمقراطي تنخرط في الإضراب العالمي عن الطعام تضامناً مع غزة                منظمة النساء الاتحاديات تدعو إلى تخصيص الثلث للنساء في مجلس النواب في أفق تحقيق المناصفة    افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية            بنعبد الله بترشح مايسة سلامة الناجي ضمن صفوف التقدم والاشتراكية    في ذكرى الرحيل الثلاثين.. فعاليات أمازيغية تستحضر مسار قاضي قدور    موسكو تعزز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع المغرب        المغرب يستضيف كأس العرب لكرة القدم النسوية في شتنبر 2027    بوصوف يكتب.. رسالة ملكية لإحياء خمسة عشر قرنًا من الهدي    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    مونديال طوكيو… البقالي على موعد مع الذهب في مواجهة شرسة أمام حامل الرقم القياسي    منظمة الصحة العالمية تتجه لدعم تناول أدوية إنقاص الوزن لعلاج السمنة    غياب أكرد عن مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    «أصابع الاتهام» اتجهت في البداية ل «البنج» وتجاوزته إلى «مسبّبات» أخرى … الرأي العام المحلي والوطني ينتظر الإعلان عن نتائج التحقيق لتحديد أسباب ارتفاع الوفيات بالمستشفى الجهوي لأكادير    الحُسيمة.. أو الخُزَامىَ مَدِينَة العِطْر حيثُ تآخَت الشّهَامَةُ والتّارِيخَ    طنجة تستعد لتنظيم مهرجانها السينمائي الدولي في نسخته 14        رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية        "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما المغربية.. من النبل الإبداعيّ إلى حرفة ل«الشّْنّاقة»
تم استسهال عملية الإبداع الفيلمي بعد انمحاء الحياء وصار الإخراج أسهل الطرق إلى تحقيق نزوات صغيرة
نشر في المساء يوم 03 - 10 - 2012


حميد اتباتو
كانت السينما عند الكبار دوما مجالا للفكر العميق والإبداع الرفيع، ولكل صيغ البهاء التي تطهر الذات المبدعة والمتلفي.. بهذا المعنى حضرت السينما عند كبارنا، فاحترقوا
من أجلها وصنعوا لنا لحظات باذخة جرفت الكثيرين للانشغال في السينما عشقا ومواكبة ونقدا وإبداعا وبحثا وممارسة جمعوية.. غاب من غاب من صناع هذه اللحظات واستمر من استمر، إلا أن الأساسي هو أنه ورغم بروز أسماء على نفس الدرب فهم قلة يغطي على إسهامهم الطنين المدوي لجحافل «الشنّاقة»، الذين قدِمواإلى السينما من كل فج عميق، بحثا عما يسقط من فتات المجال، وتغطية لإحساسات غير سوية سببها الفقر المعرفي الذي يؤدي بفئة من المتهافتين إلى الخلط بين شغل مبدع السينما وبين شغل «الشناق».. هكذا، يصير كل شيء مباحا في المجال، خاصة الادعاء والتملق والمساومة والوشاية والانتفاع الشخصي غير المشروع، والأسوأ استسهال الطريق والقدرة على الإسهام فيه، مع وعيهم المسبق بعدم أهليتهم لذلك.
يلتبس الوضع كثيرا في حقلنا السينمائي، وتطمس حقائق المجال بصيغ عديدة بعد انجراف الكثيرين نحو خطاب التمجيد والتعمية أو الاحتماء بالصمت، وهو صيغة لمدح الهزيمة. وما يحتاج للمساءلة هو أشياء عديدة يهمّ أن نشير إليها، من بينها إفراغ السينما من معاني النبل الإبداعيّ بعد أن صيّرها البعض مهنة ل«الشنّاقة».. والدليل على ذلك هو حماس فئة من محترفي الحقل لمراكمة الهزالة والقبح والرؤى البئيسة، وهو ما نستدل عليه ببعض الأفلام التي بدأت تعرَض مؤخرا في القاعات ويتم الحديث عن أرقام هامة للذين شاهدوها، مثل فيلم «الطريق إلى كابول».. وهوس مجموعة من المبتدئين بالقفز فوق كل المعابرالضرورية والطبيعية التي من المفترض أن يمر منها المبتدئ والهاوي قبل إلصاق صفة «مُخرج» أو «مبدع».. إلخ. بذاته، وخواء نسبة هامة، مما يعد حصيلة السينما المغربية في السنوات الأخيرة على المستوى الفكري والجمالي، خاصة أن أغلب نماذجها تنحاز إلى الخيارات السهلة على مستوى التصور الإخراجي، والاختيارات الفنية، والموقف المعرفي وحتى موضوع المحكيّ الفيلمي. إلى جانب كل هذا، هناك السياسة الرسمية في المجال، التي زكت الكثير من السلبيات بل وولدتها، خاصة ما ترتب عن شعار «الكم أولا»، الذي أريد له أن يكون مقدَّس المجال بامتياز، وتثبيت العداوة والنبذ مع الرافضين لمنطق المهيمن.
تؤكد تحويلَ الارتباط بالسينما إلى مهنة ل«الشنّاقة» وقائعُ أخرى، من قبيل التهافت على تنظيم مهرجانات وملتقيات للسينما ليس خدمة للسينما والثقافة والمساهمة في تجديد الوعي، ولكنْ من أجل مصالح ذاتية ليس من بينها ما سبق، وتأسيس إطارات أو السعي إلى تجديدها وضمان مواقع في مكاتبها ليس صونا لهذه الإطارات أو تجديدا لتصوراتها أو خدمة لأهداف نبيلة ما، بل لغايات جد عادية، كالحضور في المهرجانات أو تبادل الشتائم مع الآخرين.. ينضاف إلى ما سبق كون فئة لا بأس بها من المشتغلين بالسينما أصبحت معنية بالتماهي مع التصورات الرسمية ليس في السينما فقط، بل في السياسة كذلك، وهو ما حوّل الممارسة السينمائية إلى آلية للتدجين وتسخيف الوعي الفني.
ونستدل بأمر آخر على تحويل السينما إلى حرفة «الشناقة»، وهو هذا التهافت على الارتباط بالحقل، حيث يهاجر إليه الجميع، سواء لإخراج أفلام أو لتأسيس شركات ووكلات إنتاج شكلية أو للتمثيل إلخ... هكذا، تجد المسرحيَّ يقطع مع الممارسة وينتقل إلى السينما، والناقد يغلق كتبه وكناشاته ويلحق بالكوكبة، ومن لا مهنة له يريد أن يكون اسما لامعا في السينما.. لهذا يتحدث للجميع عن إخراجه فيلما وعن مشاركته في هذه المسابقة أو تلك ودعوته إلى الحضور هنا أو هناك ويقطع الطريق أمام من يشككون في الأمر بتوزيع نسخ أفلامه الملحمية، التي يحملها حيثما ارتحل علي كل من يصادفه..
لقد تم استسهال عملية الإبداع الفيلمي، بعد أن انمحى الحياء وصار الإخراج أسهلَ الطرق لتحقيق نزوات صغيرة، بل بلا معنى، هذه بالضبط صفة «الشناقة» وليست صفة الفاعلين السينمائيين والثقافيين. حين نقول هذا الرأي نقصد فئة الجهَلة الذين ليس لهم أي تاريخ في مشاهدة الأفلام، ولا أي تاريخ في الأفكار السينمائية، ولا أي قدرة على ضبط اللغات الفيلمية مشاهدة وإبداعا.. هؤلاء الذين هم هنا في هذا الحقل للتضييق على الصادفين والفاعلين والجديين فيه، أكانوا روادا ومؤسسين، أو من الأجيال الجديدة واللاحقة، التي أثْرتْ ملامح مشروعنا السينمائي الوطني، أو حتى من المبتدئين الذين أفضت بهم حرقتهم الثقافية والفنية الصادقة إلى هذا الفن وأجبرتهم مسؤوليتهم الثقافية وقناعاتهم الفكرية ومسارات تكوينهم وعملهم، سواء في أندية السينما أو في مؤسسات أكاديمية أو في أماكن أخرى، على أن يعملوا في حقل السينما خدمة لها وللثقافة والمجتمع ولمواجهة «الشناقة»، الذين نحيلهم على درس المخرج البنغالي الكبير ساتياجيت راي، الذي يقول فيه «أحد الدروس التي تعلمتها، والتي يؤلمني ألا أخفيها أنّ الإخراج هو النشاط الأقسى.. من كل النشاطات التي تتصف بصفة الإبداعية، ذلك أن عملية الإخراج في حاجة إلى القدرة الإبداعية.. وتستدعي كامل قدرات المرء... والمخرج الذي يحمل أثناء العمل أي امتثال للمفهوم الشائع عن الفنان إنما هو مخرج فاشل.. وعليه أن يبتعد أميالا عن الكاميرا السينمائية».. و الذين عليهم أن يبحثوا لهم عن شغل آخر بعيدا عن السينما هم جحافل «الشناقة»ن الذين يسيئون، بطنينهم ووضاعة إسهامهم، إلي البهاء الأصيل للسينما وإلى كل ما يرتبط بها.!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.