أصدر المجلس الدستوري قرارا بإلغاء المقعد النيابي الذي حصل عليه حزب الاستقلال في الانتخابات الجزئية بمولاي يعقوب في فاس. وبغض النظر عن التشويق والإثارة اللذين خلفهما القرار، على اعتبار أنه ثاني إلغاء في أقل من خمسة أشهر، مما يعني أن المنطقة ستشهد رابع عملية انتخابية منذ الانتخابات التشريعية العادية لسنة 2011، فإن قرار الإلغاء تضمن رسالة قوية إلى كافة الفاعلين السياسيين في البلاد. إن التعليل الذي بنى عليه المجلس الدستوري قراره يعد «درسا بليغا» لمختلف التلوينات السياسية، من أغلبية ومعارضة، التي أصبحت تتخذ من التراشق الكلامي وتبادل الاتهامات وسيلة لاسترعاء انتباه المواطنين وكسب ود الناخبين، أو بالأحرى أصواتهم، ولو كانت «الشعبوية» والابتذال هي المطية التي تركبها من أجل بلوغ هذه الغاية؛ فعبارات «التحقير والسب والشتم» التي أسس عليها المجلس الدستوري قراره بإلغاء مقعد مولاي يعقوب النيابي، لا يقتصر استعمالها على جماعة «عين الشقف» بمولاي يعقوب، بل أصبحت «عادة ذميمة» يسير عليها قادة الأغلبية والمعارضة على حد سواء، متناسين أن «استعمال عبارات التحقير سلوك يجافي مهمة تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية»، كما جاء في قرار المجلس الدستوري. لتكون المحصلة، للأسف، هي أن ممارسات نخبتنا السياسية حادت عن مهمتها الأساسية التي هي «التأطير»، لتنهج مسلكا مخالفا هو «التنفير».. تنفير المواطنين من كل ما يمت إلى السياسة بصلة.