انطلقت التسخينات الانتخابية بالعاصمة الرباط مبكرا، بعد أن أعلنت هيئات سياسية تبرأها من المشاركة في تدبير البلدية، واصطفافها في المعارضة، فيما تم توظيف ورقة الإقالات والملفات والفضائح، في لعبة كسر عظام سياسية، جعلت أشغال الدورة التي عقدت أول أمس، تستغرق أزيد من سبع ساعات، دون أن يتم الحسم في أي نقطة ، وكانت أكثرها حساسية تلك المتعلقة بإقالة القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد السلام بلاجي. وفي إطار ما بدا أنه تنسيق مسبق، عمد مستشارو العدالة والتنمية إلى تعويم النقاش من خلال نقط نظام، استمرت لأزيد من ساعتين ونصف، في محاولة لتفادي مناقشة جدول الأعمال، مع بعث رسائل واضحة بضرورة احتواء الخلافات التي تهدد المجلس بالانهيار، والتلويح أحيانا بالضغط في اتجاه كشف بعض ملفات الفساد. وتناوب أعضاء حزب «المصباح» على طرح نقط نظام، لمحوا فيها بالغمز واللمز إلى عدد من الفضائح، ومنها فضيحة مدوية تتعلق بترقية تمت قبل توظيف استفاد منه أحد المقربين من مسؤول حزبي بارز بالبلدية، إضافة إلى فضيحة استفادة مستشارين من صفقات البلدية، كما قدمت استفسارات حول مآل التحقيق الذي تم التعهد به في ملف الموظفين الأشباح مع نشر لائحتهم. وهاجم بلاجي بشكل عنيف خصومه بعد اتهامه باستغلال النفوذ لتشغيل ابنه، وارتكابه لخطأ جسيم بتوقيع شراكات مع عدد من الجمعيات دون عرضها على المجلس، وقال «نحن نخاف من الله وحده»، و»قلت للبعض سلاحف، لأن وصفها بالتماسيح كبير عليها، وتحتاج لمدة طويلة لتتطور حسب نظرية داروين التي لا نؤمن بها»، قبل أن يضيف بأنه «لا يدخل المعارك الوسخة إلا السلاحف»، وأن»ما يحدث هو تشويش بقضايا تافهة، ونحن في الطريق سائرون ولا تخيفنا الإقالات والاستقالات». ولم يتأخر رد حكيم بنشماس القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة كثيرا، وهو يفاجئ الجميع ويعلن أن موقع حزبه الذي يسير ثلاث مقاطعات، هو في «المعارضة»، وأن فريقه يتبنى نقطة الإقالة، وأن مستشاري البجيدي يحاولون التهرب من المسؤولية بعد فشلهم في التسيير. وعقب بنشماس على ما ورد في دعوة مستشاري العدالة والتنمية بضرورة العمل سويا لما فيه مصلحة الرباط، بالقول، إن هذا الكلام «لا يمكن أن يكون حجة للسكوت على أي تجاوز، خصوصا إذا كان هذا التجاوز فاضحا»، و»كيثقب العين». وواصل بنشماس هجومه وقال «سكوتنا يجعلنا شركاء، وما نملكه من وثائق حول أخطاء وتجاوزات ارتكبها بلاجي هي أدلة قاطعة تثبت أن الأمر يتعلق بخطأ جسيم»، وانتقد بنشماس لجوء العدالة والتنمية لما وصفه بالتهييج و»التجييش»، في إشارة إلى امتلاء القاعة بالمتابعين لأشغال الدورة من أنصار حزب المصباح، ومن بينهم نائبان برلمانيان، كما حاول استفزاز بلاجي بعد أن قال «أظن أن سكوتنا على هذا الأمر لن يقبل به حتى الأخ، وهو فقيه محترم يؤم بالناس». وطالب بنشماس بصفة رسمية من ولعلو مراسلة وزارة الداخلية لإيفاد لجنة تفتيش للتحقيق في سلامة الوثائق، مع مراسلة المجلس الجهوي للحسابات، ونبه إلى أن حزبه لن ينطوي عليه «اللف والدوران» وقال «احترموا غباءنا، ولا تعتقدوا أننا مغفلون لينطوي علينا الكلام الوارد في المداخلات» علما أن إدريس الرازي رئيس مقاطعة حسان أعلن أنه بعث بعدد من الملفات، ومن ضمنها ملف بلاجي إلى وزارة الداخلية. وبدا واضحا أن حرب الإقالات دفعت عددا من المستشارين الأشباح إلى الظهور، ومنهم أسماء سياسية بارزة غابت لسنين طويلة، قبل أن تتخذ لها مكانا بالمقاعد الأمامية للمجلس الذي أصبح يعيش حالة من العبث، جعلت أشغاله تتحول إلى سيرك حقيقي، خاصة بعد أن قدم إبراهيم الجماني رئيس مقاطعة اليوسفية اعتذاره للنائب السابع للعمدة لحسن بنعدي، وأعلن سحبه للنقطة الهادفة لإقالته في محاولة لمحاصرة بلاجي، وجعل مشنقة الإقالة تطوق عنقه بشكل فردي، علما أن النائب السابع بنعدي سبق وأن هدد بفضح تورط الجماني في ملفات فساد، ووصفه أمام المجلس ب»أكبر مفسد»بعد تقدمه بطلب لإقالته.