الإلتحاق بالزوجة حين رافقت بعثة الوداد إلى تونس لخوض مباراة الإياب برسم نهائي عصبة الأبطال الإفريقية، حصل موقف يدعو إلى الإستغراب في مطار قرطاج، إذ مباشرة بعد وصول الوفد الودادي إلى البهو تقدم مسؤول تونسي، وهنأ الجميع على سلامة الرحلة، قبل أن يصافح بحرارة المدرب ميشيل دوكاسطيل ويمنحه بطاقة تعبئة هاتفية برقم تونسي تسهل للمدرب السويسري عملية التواصل بشكل سلس، لم يكن ميشيل، حسب اعتقادي، في حاجة إلى رقم هاتفي جديد لأن الوداد يؤدي فاتورة هاتفه الدولي، إلا إذا حوله إلى رقم معاملات. مرت العملية في لمح البصر، واستغرب مسؤولا الوداد نور الدين بنكيران وادريس مرباح من الإختراق اللاسلكي الذي قام به مسؤولو الترجي في غفلة من الجميع، قبل دوكاسطيل الهدية بحبور ومكن الخصم من التواصل الميسر مع مدرب الوداد بعيدا عن مخاوف التجسس الهاتفي التي كانت تسكن أشقاءنا التوانسة من زمن زين القاهرين بنعلي. كتم مسؤلا الوداد الغيظ، وباسم التماسك والتركيز صرفا النظر عن القضية واعتبراها فعلا لا تستحق الهرج والمرج، بينما كان اللاعبون منشغلون بالبحث عن محل لتعبئة هواتفهم في بهو المطار، في الوقت الذي كان فيه سيدريك مدرب اللياقة البدنية يقوم بعملية إحماء استعدادا لاستقبال زوجته التونسية التي كانت القرعة رحيمة بها عسيرة على الوداد. مناسبة هذا «الفلاش باك» هو ما يتداوله اليوم بعض الوداديين حول وثيقة تثبت وجود عقد مبدئي بين دوكاسطيل ورئيس الترجي التونسي، يرجع تاريخه إلى ما قبل موقعة رادس، خاصة وأن المدرب السويسري لم يعمر طويلا في شارع العاطلين، إذ كان يحمل في جيبه وعدا بالتعاقد قبل انتهاء مباراة فريقه أمام المغرب الفاسي. في الندوة الصحفية التي عقدها مسؤولو الترجي لتقديم المدرب دوكاسطيل إلى صحافيين يعرفونه، قال ميشيل ردا على سؤال مفخخ لأحد الزملاء عما إذا كان يعتزم تغيير أفراد طاقمه التقني، إنه بصدد دراسة الأمر وأنه لا يستبعد إحداث تعديلات على جهازه التقني، في إشارة واضحة إلى ملتمس تقدم به المعد البدني للوداد الفرنسي سيدريك إلى دوكاسطيل يدعوه إلى مضاعفة الجهد لضمه إلى طاقمه ولو كمساعد لمدرب اللياقة ما دام الترجي يملك معدين بدنيين وليس معدا واحدا، وهو الإنتقال الذي سيمكن مدرب اللياقة بالوداد إلى إنهاء حياة العزوبية والإلتحاق بالزوجة التونسية. القضية تحتاج إلى تحقيق، وهذا دور الصحافة ودور ودادية المدربين التي عليها التصدي لمثل هذه الممارسات، ولو ببلاغ يدين هذا الفعل، وذلك أضعف الإيمان، لأنه في حالة ثبوت علاقة تفاوضية مع نادي آخر قبل انتهاء العدة فإن إسم المدرب يجب أن يوضع في اللائحة السوداء بعد أن ضرب عرض الحائط بميثاق شرف المهنة. إلا أنه يجب الإعتراف بالخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه مسؤولو الوداد حين منحوا دوكاسطيل مهلة ثلاث مباريات لتصحيح سلوكه التقني والتكتيكي قبل إقالته، وهي مقاربة غير مقبولة لأن المدرب ليس طفلا يشتغل عند ميكانيكي مطلوب منه تحسين سلوكه في مدة معينة قبل تسريحه ليشتغل عند نجار أو بائع ساندويتشات، فالمهلة مكنت دوكاسطيل من مناقشة عروضه والبحث مع محاميه عن الثغرات الناتجة عن تصريح متسرع، لكن للأمانة فإن كثيرا من المدربين يجدون متعة في التفاوض مع أندية أخرى، ولا يترددون أثناء حواراتهم الصحفية، في الكشف عن العروض المغرية التي تطرق بابهم وهاتفهم، ومن المدربين العاطلين من حول المباريات إلى «موقف»، حيث يختار مكانا غير بعيد من المسيرين ويشرع في الكشف عن العورات التكتيكية لزميله في مهنة المصاعب كمحلل مجاني، وحين يحصل الإستعصاء وتتعالى أصوات الإحتجاج يهمس في إذن مسؤول قائلا: «هاد الفرقة مزيانة خاص غير اللي يعرف يوقف اللاعبين»، ويقصد هنا ضرورة الإسراع بانتداب مدرب قادر على نشر اللاعبين بشكل جيد فوق رقعة الملعب، المسألة مسألة انتشار ليس إلا، ونشر للنميمة الكروية ونشر لغسيل أيضا. الشخص الوحيد الذي لا يتمنى أحد من المتفرجين الإستيلاء على منصبه هو الحكم، فغالبا ما يتابع الحكام مباريات زملائهم وهم يشكرون الله الذي جنبهم سخط المدرجات وأعفاهم من شتائم عشوائية تتجاوز حدود الإحتجاج على ضربة جزاء إلى الضرب تحت الحزام.