“المشوشون”، هي العبارة التي حاول سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، أن يستخدمها كي يصف خصوم حزبه، كما بعض حلفائه في حكومته. ففي لقاء بفاس، عقد أول أمس الأحد، شن العثماني على غير عادته، هجوما على مناهضي حزبه، وأيضا، على حلفائه الحكوميين الذين رأى في هوسهم بانتخابات 2021، شيئا مستغربا. العثماني، الذي أشرف على دورة الجامعة الصيفية لمنتخبي حزبه بجهة فاس-مكناس، بمعية كل من عبدالعزيز الرباح، وعبدالقادر اعمارة، خاطب “المشوشين” قائلا: “نحن حزب يبني انتصاراته السياسية بالتعويل على الله وكفاح ونضال مناضلينا، نحن لا نعول، على مال أو جهة من الجهات، أو تدخلات من الداخل أو من الخارج، كما أننا لا نعول على الإدارة، ركيزتنا هي ثقة الشعب المغربي، فالإرادة الشعبية هي التي اختارتنا، وإليها ستعود الكلمة، إما بإعادتنا إلى المسؤولية أو طردنا منها”. وانتقد العثماني بقوة، ما وصفه “بالسلوكيات السياسية الناقصة”، والتي تصدر من بعض حلفائه داخل الحكومة، حيث قال: “إن بعض حلفائنا يسيئون إلينا دائما، ونحن نتجاوز دائما هذه الإساءات، ليس خوفا، وإنما وفاء للشراكة السياسية التي تجمعنا بهم لخدمة الوطن والشعب”. وفي هذا الصدد توقف العثماني عند موقف صدر من حلفائه يبدو أنه مسه بشكل كبير، وهو حصيلة حكومته “2017-2019″، والتي قدمها مؤخرا أمام البرلمان، موضحا “أن الحصيلة وضعناها في إطار تشاركي مع جميع أطراف الحكومة في جلسة خاصة، حتى تكون معبرة عن الجميع، حاملة لكل الرسائل السياسية التي تريد الحكومة إيصالها إلى خصومها، لكن في الوقت الذي خرجنا نقول للمغاربة هذه حصيلتها المشرفة، اعترض البعض من حلفائنا بالحكومة، وقالوا إن ما يلزمهم هو ما حققه وزراؤهم في قطاعاتهم، وهذا مشكل كبير”، يقول العثماني: “إنه سلوك سياسي ناقص، لأن الهدف من كل نجاحات الحكومة بمكوناتها، هو نجاح للمغرب ورفع لشأنه، أما رئيس الحكومة ووزرائه فهم زائلون”، يُورد رئيس الحكومة مخاطبا حلفائه بالحكومة. الكلام نفسه، ردده الوزير والقيادي عبدالقادر اعمارة، في كلمته حين قال إن “البيجدي هو الوحيد الذي نزل للمغاربة للدفاع عن منجزات حصيلة الحكومة، بإكراهاتها المالية والمؤسساتية والقانونية، فيما صام عن ذلك حلفاؤنا”، حيث اعتبر عمارة ذلك من مساوئ الحكومات الائتلافية. واشتكى العثماني من الهجمات التي تستهدف حزبه وقيادييه ومنتخبيه، خصوصا الذين يدبرون المدن الكبرى مثل فاس والدار البيضاء وطنجة والقنيطرة، حيث قال: “هناك آلة رهيبة تصنع الأكاذيب، والتي توجه الإساءات لحزب العدالة والتنمية، بغرض ضرب قيادييه ومناضليه، وتبخيس منجزاتهم، والغريب، يردف العثماني، أن “البيجدي وحده تم وضعه في فواهة الهجوم المنظم علينا، ولكننا لن نسكت، فأي هجوم ظالم على حزبنا وأعضائه، سنتصدى له بكل الطرق القانونية والسياسية المناسبة”. واستحضر العثماني، كما قال، الأساليب التي استعملها من سمّاه ب”الوافد القديم”، خلال محطة 2016، في إشارة منه إلى حزب الأصالة والمعاصرة، لضرب وكسر شوكة “البيجيدي”، لكن حزبنا، يقول العثماني، ظل صامدا في وجه كتائب “البام” وأمواله وعلاقاته، بحسب تعبيره، فيما استغرب رئيس الحكومة، من هوس البعض، كما قال، باستحقاقات 2021، حيث علق قائلا إن” “البعض تركوا مصالح الوطن، وذهبوا يهرولون لمحطة 2021، فيما “البيجيدي” لا يفكر فيها الآن، لأنها مازالت بعيدة، ولما يحين موعد هذه الانتخابات، أكيد ستكون الكلمة الفصل للمواطنات والمواطنين، قبل أن يختم العثماني رسائله القوية لحلفائه وخصومه، “اعلموا أن حزب العدالة والتنمية، مهما فعلتم لإسقاطه وتخويف الناس من انتصاراته السياسية، فهو اليوم، في طليعة الأحزاب السياسية، وهو مصر على النجاح في أي امتحان”، فيما طلب العثماني، في مقابل ذلك من مناضليه شد أحزمتهم بإتقان، كما قال، والمضي في رفع درجات النزاهة والشفافية في تدبير الشأن العام، والإنصات للمواطنين. من جهته، بعث عبدالعزيز الرباح، وهو يلقي كلمته بصفته رئيسا لمؤسسة منتخبي العدالة والتنمية، رسائل مشفرة لخصوم حزبه، حيث قال إن عليهم أن يعلموا أن “البيجيدي “سيواجه كل الصعاب بالتصديق على تجربته ونجاحاته السياسية، لأن المغاربة لن يجدوا أحسن من حزب العدالة والتنمية”، فيما وجه الرباح رسائل ثانية لحلفاء حزبه بحكومة العثماني، الأولى منها أرسلها لمحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، ورئيس جهة فاس- مكناس، حيث خاطبه قائلا: “السي العنصر وفرقاء سياسيون آخرون، يبدون سعداء ومسرورون بمساهمة إخواننا من “البيجيدي” في جهة فاس- مكناس، وهذا دليل إن كان الأمر يحتاج إلى دليل آخر، على وفائنا لحلفائنا، وعلى وفائنا لعهودنا، وعلى وفائنا لالتزاماتنا السياسية والأخلاقية”، مضيفا: “حنا ملي كنعطيو الكلمة مكنتراجعوش”، ومكنقلبوش كفاش نديرو باش نتخلصوا منها”. ويضيف الرباح، مادام حزب العدالة والتنمية، “ملي كيعطي العهد” يلتزم به، فهو لا يقبل من أي طرف، “عندما نعاهده أو نتحالف معه، أن يكون حجرا في حذائنا أو أن يكون شوكة في مسيرتنا أو أن يكون سببا في تعطل مشاريعنا”.