في هذه الدراسة، يقارب الدكتور منصف اليازغي مجال الحق في الوصول إلى المعلومة من وجهة تطور تأطيره القانوني، وأيضا من جانب فعاليته خلال التنفيذ. على أربع حلقات، يستعرض اليازغي الجهد المبذول من لدنه، لتكوين رأي حصيف بخصوص موضوع شاق كهذا. @ د. منصف اليازغي باحث جامعي في القانون الدستوري والعلوم السياسية تعاطي العالم الغربي مع المبدأ بارتباط مع مسلسل الانتقال الديمقراطي، ويمكن تقسيم مراحل التعاطي مع هذا الحق في العالم الغربي إلى أربع مراحل؛ تضم الأولى 10 دول كانت سباقة إلى إدراج حق المواطن في الوصول إلى المعلومة في دساتيرها أو قوانينها التنظيمية. والملاحظ أنه إذا كانت أول دولة كرست هذا المبدأ هي السويد سنة 1766، من خلال مرسوم متعلق بحرية الصحافة والكتابة، فإن تأثيرات ذلك لم تمس ثاني دولة في العالم بشكل صريح إلا سنة 1952 رفقة فنلندا. ولأن دول شمال أوربا حملت السبق في تكريس العديد من التقاليد الديمقراطية، فإن دولتي الدانمارك والنرويج اعتمدتا بدورهما في العقدين المواليين قوانين تتيح الحصول على المعلومة سنة 1970، قبل أن تلحق بهما هولندا سنة 1978. ورغم أن الولاياتالمتحدة منحت العالم منذ تأسيسها اجتهادات قانونية بشقيها المكتوب والعرفي، ونماذج للحكم الديمقراطي وتجارب حية في مجال الصحافة، فإن تبنيها مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة لم يُكرس إلا سنة 1966 من خلال ميثاق حرية المعلومة (Freedom of Information Act) الذي تعزز سنة 1974 بمقتضيات على خلفية قضية واترغيت. وجاءت بعدها فرنسا سنة 1978، متبوعة ببريطانيا وأستراليا وزيلندا الجديدة سنة 1982، وكندا سنة 1983. أما المرحلة الثانية، فتضم 29 دولة بمناسبة انتقالها الديمقراطي ووضعها دساتير جديدة بعد انهيار أنظمة مستبدة، كما هو الحال بالنسبة إلى دول الاتحاد السوفياتي وأوربا الشرقية، علما أن بعض هذه الدول، خصوصا دول البلطيق ورومانيا، قننت هذا المبدأ، فقط، استجابة لشروط سياسية سبقت قبول عضويتها في الاتحاد الأوربي. بالنسبة إلى المرحلة الثالثة، فتهم 13 دولة قوية في الساحة العالمية، ولها تقاليد عريقة في الديمقراطية، وخطوتها في هذا المجال جاءت في إطار تحديث دواليبها الإدارية بحكم أن قوانينها في مجال حرية تداول المعلومة كانت أقل تقدما من الدول المذكورة آنفا. أما المرحلة الرابعة، فقد تابع من خلالها المهتمون انفجارا في القوانين الخاصة بالوصول إلى المعلومة حتى في الدول النامية التي لم تشهد انتقالا ديمقراطيا، ف13 دولة ديمقراطية ليبرالية كانت تتوفر سنة 1990 على قانون منظم لهذا المجال، وفي سنة 2008، انضافت 90 دولة أخرى، في حين كانت 30 دولة أخرى في مرحلة إعداد قوانينها، بل إنه في نونبر 2013، صادقت 96 دولة على مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة. والملاحظة الأساسية أن قوانين هذه الدول كانت أفضل مما هو موجود في الديمقراطيات العتيقة، بحكم أنها كانت متلائمة مع المعايير الدولية الحديثة. على الصعيد الأوربي، لم يكن يتجاوز عدد الدول المنضوية تحت لواء المجلس الأوربي، والتي ضمَّنت قوانينها حق المواطن في الوصول إلى المعلومة، أزيد من 8 دول من أصل 47 سنة 1989، قبل أن تصل إلى 40 دولة سنة 2012. وكانت دولة جنوب إفريقيا أولى دول القارة السمراء التي أسست انتقالها الديمقراطي على مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة (Promotion of Access to information Act) سنة 2000 من خلال تضمينه في دستورها الجديد، وذلك ردا على 40 سنة من السرية التي كرسها نظام الأبارتايد في الحياة العامة بالبلاد. أما في أمريكاالجنوبية، فقد شكلت الحركات الاحتجاجية ضد الفساد، الذي طبع سياسة حكومة فوجي موري بالبيرو، عاملا مهما وراء وضع قانون الحق في الوصول إلى المعلومة (Leg de transparencia y acceso a la informacion publica) سنة 2002، والأمر نفسه بالنسبة إلى إندونيسيا سنة 2008، والتي توجت انتقالها الديمقراطي، إثر سقوط نظام سوهارتو، بقانون يضمن للمواطن الولوج إلى المعلومة الموجودة بحوزة السلطات العمومية. والمثير أن النقاش حول إعمال قانون الحق في الوصول إلى المعلومة أصبح متجاوزا في بعض الدول التي بدأت في تثبيت مفهوم آخر ينبني على الحق في إعادة استخدام المعلومة (La réutilisation de l'information)، إذ خلصت إلى أن الإدارات العمومية ليست مجبرة فقط على الاستجابة للطلبات الموجهة إليها من المواطنين، أو نشر المعلومات والوثائق التي بحوزتهم، بل إن ذلك يمتد حد نشر تلك الوثائق والمعلومات بطريقة وشكل يتيح إعادة استخدامها في وقت لاحق. وتبرز ملاحظة أخرى بخصوص تعاطي بعض الدول مع قوانين الحق في الوصول إلى المعلومة، إذ نجد الأخيرة في غالب الأحيان مرتبطة، أو متعايشة، مع القوانين المنظمة للأرشيف تفاديا للصعوبات التي قد يطرحها هذا التعارض بين المجالين، فبالولاياتالمتحدة جرى إلحاق قانون حق الوصول إلى المعلومة بالأرشيف العمومي ضمن ميثاق حرية المعلومة (FOIA)، والأمر نفسه في المملكة المتحدة التي ألغت قانون 1958 المتعلق بالأرشيف العمومي ((Public Records Act بعدما أدرجت مقتضياته سنة 2000 ضمن قانون الحق في المعلومة (Freedom of Information Act).6 بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة.