بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى، ورؤساء شرطة من الدول ال 196 الأعضاء في المنظمة .. افتتاح أشغال الدورة ال 93 للجمعية العامة للأنتربول بمراكش    أول رد رسمي على "تسريبات المهداوي".. بنسعيد يرفض الإساءة للأخلاق التدبيرية    سلا .. بنعليلو يدعو إلى ترسيخ ثقافة تقييم أثر سياسات مكافحة الفساد    تداولات إيجابية لبورصة الدار البيضاء    وزارة السياحة: بنك المشاريع يضم 900 مشروع باستثمارات تبدأ من 150 ألف درهم    سيدي بنور.. رفع الحظر عن جمع وتسويق الصدفيات بمنطقة سيدي داوود    "لبؤات القاعة" يحصدن أول إنتصار في المونديال أمام الفلبين    عقد أولى جلسات محاكمة المتهم في قضية مقتل الفنان "سوليت" بالحسيمة    منشور لأخنوش يقر منحة للتشغيل تبلغ 17% من الدخل السنوي في قطاع ترحيل الخدمات    معركة الاستراتيجيات والطموحات – هل يستطيع برشلونة اختراق دفاع تشيلسي؟    حكيمي يطمئن المغاربة: عدت أقوى... والكان هدف أمامي    العلم تطلق زاوية "يوميات الكان" لمواكبة كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025    بنعلي : إفريقيا مطالبة بحماية مواردها وتحويل ثرواتها الجيولوجية لتنمية مستدامة        الرّمادُ والفَارسُ    محمد صلى الله عليه وسلم في زمن الإنترنت    " الاتحاد الوطني للشغل": تسريبات لجنة الأخلاقيات تكشف خطيرة وتضرب في عمق التنظيم الذاتي للمهنة    الحافظ يترأس اشغال الدورة العادية للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بسيدي قاسم    ميناء الحسيمة : انخفاض نسبة كمية مفرغات الصيد البحري    اتحاد حماية المستهلكين: منتوج زيت الزيتون المغربي سليم وآمن للاستهلاك    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين            اعتداء على أستاذة حامل يشعل غضب الجامعة الحرة للتعليم بأولاد فرج والتنظيم النقابي يحمّل المديرية الإقليمية المسؤولية    وقفة احتجاجية بتطوان تضامنا مع فلسطين والسودان ورفضا للتطبيع    ألونسو: هذه هي الكرة حققنا بداية جيدة والآن النتائج لا تسير كما نتمنى    الجيش السوداني يرفض اقتراح اللجنة الرباعية لوقف إطلاق النار ويصفها ب"غير محايدة"    واشنطن ‬تكثف ‬حضورها ‬بالداخلة ‬تمهيداً ‬لافتتاح ‬القنصلية ‬الأمريكية    المغرب ‬قطب ‬للإشعاع ‬الإفريقي ‬ولبناء ‬المستقبل ‬الواعد ‬للقارة ‬السمراء    بغلاف ‬مالي ‬يصل ‬إلى ‬6.‬4 ‬مليون ‬درهم.. ‬إطلاق ‬خطة ‬استراتيجية ‬لمواجهة ‬‮«‬ضغط ‬السكن‮»‬    إجراءات ‬مشددة ‬تواكب ‬انطلاق ‬اختبارات ‬ولوج ‬مهن ‬التدريس ‬بالمغرب ‬    إسرائيل ترفع تأهب الدفاع الجوي غداة اغتيالها قياديا ب"حزب الله".. وتستعد لردود فعل    سيناتور يمينية متطرفة ترتدي "البرقع" بمجلس الشيوخ الأسترالي وتثير ضجة بالبرلمان    إقالة وتوبيخ ضباط إسرائيليين كبار بسبب الفشل في توقع هجوم 7 أكتوبر    تسوية قضائية تُعيد لحمزة الفيلالي حريته    وفاة الممثل الألماني وأيقونة هوليوود أودو كير عن 81 عاماً    احتجاجات صامتة في الملاعب الألمانية ضد خطط حكومية مقيدة للجماهير    من الديون التقنية إلى سيادة البيانات.. أين تتجه مخاطر الذكاء الاصطناعي؟        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    إطلاق دفعة جديدة من أقمار ستارلينك الأمريكية    تتويج أبطال وبطلات المغرب للدراجات الجبلية في أجواء ساحرة بلالة تكركوست    مملكة القصب " بمهرجان الدوحة السينمائي في أول عرض له بشمال إفريقيا والشرق الأوسط    المخرج ياسر عاشور في مهرجان الدوحة السينمائي يتحدث عن فيلم "قصتي" حول الفنان جمال سليمان:    لجنة الأفلام في مدينة الإعلام – قطر تُبرم شراكة مع Parrot Analytics لتعزيز استراتيجية الاستثمار في المحتوى    جمعية التحدي تدق ناقوس الخطر بشأن تفاقم العنف ضد النساء وتجدد مطالبتها بإصلاح تشريعي شامل    تحديد ساعات التدريس من منظور مقارن    العثور على ستيني جثة هامدة داخل منزله بالمدينة العتيقة لطنجة        دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بوكرن يكتب: فلسفة القربان
نشر في اليوم 24 يوم 06 - 08 - 2020

يبدأ النقاش العمومي حول عيد الأضحى، قبل موعده بأيام، وينتهي ليلة العيد، ولا يتجدد إلا بعد سنة في الأيام عينها. والأفضل، أن هذه الشعيرة الدينية، يجب أن تحظى بنقاش، تتداخل فيه مقاربات متعددة، بحثا عن المعنى المفقود، الذي سلبته "ثقافة استهلاكية"، تُعزز لحظة لذة مختصرة في "الهنا، والآن".
يركز الخطاب الديني المتداول – في خطب الجمعة، والمواعظ المسجدية، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية -على حكم الأضحية، وسِنُّها المعتبر، وكيفية الذبح، ووقت الذبح، وأفضل ما يضحى به، والعيوب التي تمنع الإجزاء في الأضحية، وحكم ادخار اللحوم. كما يذكر الوعاظ بحكم أداء صلاة العيد، والخروج إلى الصلاة وصفتها، ووقت الخطبة، والحكمة من تشريع العيد. وتروى قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ويُستنبط منها الدروس المستفادة. ويتم التذكير بشعيرة الحج، ومناسك اليوم العاشر، وما يرافق ذلك، من تهليل وتكبير.
هذا الخطاب يتكرر كل سنة، قبل أيام من عيد الأضحى، باعتباره دليلا للأحكام والآداب، التي يجب على المسلم أن يراعيها في إقامة هذه الشعيرة الإسلامية. ويطغى على هذا الخطاب، توجيه المسلم إلى العمل، دون تنويره فلسفة القربان، ناهيك عن ذكر الآراء التي ترفض عقلا، قصة إقبال الأب إبراهيم على ذبح ابنه إسماعيل، أو التذكير بدراسات من منظور العلوم الإنسانية، أنجزت حول "عيد الأضحى".
يبدو أننا في حاجة إلى توسيع دائرة نقاش جدي، تؤطره الحجة والبرهان، وقيم احترام الرأي والرأي الآخر، ولو كان لمواطن من غير مسلمين، باعتباره شخصا، تمسه هذه الشعيرة في محيطه البيئي والاجتماعي والاقتصادي.. هذا النقاش سيمنح لهذه الأحكام والآداب روحها ومقاصدها، لأن عيد الأضحى تحول إلى عادة، وفقد معناه الأول. ونشأ في محيطه، بحسب الأوضاع الاجتماعية، ظواهر جديدة، وأخرى قديمة.
يشارك الفقيه في النقاش، ويرشد المؤمنين إلى الأعمال المطلوبة يوم العيد، وبجواره أنثروبولوجي، يحاوره ليسلط الضوء، على هذه الشعيرة من زاوية أخرى، بغرض التفسير والاستكشاف. لا أن يستفزه، ويعتبر رؤيا إبراهيم أنها مجرد كذبة، وأن النص الذي تضمنها، قد لا ييسر الوصول إلى الحقيقة، كما يذهب إلى ذلك، عبدالله حمودي في كتابه: "الضحية وأقنعتها". قد يكظم الفقيه غيظه، لأن ما سمعه، يصدر عن شخص تحدث خارج تخصصه، يفسر نصا بأدوات غير مأصولة، فينتقل الفقيه إلى نقاش قديم بين الأشاعرة والمعتزلة حول إشكالية: أمر الله إبراهيم بذبح ابنه في الرؤيا، هل يأمر الله بشيء لا يريد وقوعه؟ إن كان الفقيه أشعريا، سيستدل بقول لفخر الدين الرازي: "كلما أراد الله وقوعه فإنه يقع، وحيث لم يقع هذا الذبح، علمنا أنه تعالى ما أراد وقوعه". يسوق الفقيه هذا، ليفهمه، أن ما ورد في الرؤيا ليس كذبة. وإن أصر على موقفه، سيعود إليه، ويقتطف من تفسير مفاتيح الغيب قولا، ساقه في جدل كلامي حول الرؤيا: "إن الأمر بالشيء، تارة يحسن لكون المأمور به حسنا، وتارة لأجل أن ذلك الأمر يفيد صحة مصلحة من المصالح، وإن لم يكن المأمور به حسنا".
قد يحضر بجوار الفقيه، باحث متخصص في القراءات المعاصرة للقرآن، ويحاول أن يقدما تفسيرا مقنعا، يجتهد لينفي عن الله أمر إبراهيم بقتل ابنه، فيستثمر ما ذهب إليه أبو القاسم حاج حمد، أن الله لا يقبل بالقربان البشري، لأنه من فعل المشركين لأوثانهم، ولم يطلب الله من إبراهيم القربان البشري لفظا، بل إن إبراهيم صدق الرؤيا التي كان يجب عليه أن يتأوله. وهذه الرؤيا لا تُفهم إلا ضمن قصة إبراهيم، التي تبين معاناته في تأسيس رؤية حول العلاقة بين الله والكون، من خلال تصوره للمكان.
لم يستسغ الفقيه ما سمعه، فحاول بيان المقصد من الرؤيا، فرد عليه قائلا: "إن هذا لهو البلاء المبين" معناه: "هذا التكليف الذي كلفناك هو الاختبار البين، أي الظاهر دلالة على مرتبة عظيمة من امتثال أمر الله"، حسب قول الطاهر بن عاشور. يشتد النقاش حول بيان مقاصد الرؤيا، فيتدخل أديب متذوق للبيان، فيقول ما قاله مصطفى صادق الرافعي: "ليس العيد إلا إشعار هذه الأمة بأن فيها قوة تغيير الأيام، لا إشعارها بأن الأيام تتغير". سمع الجميع ما قال، ولم يناقش أحد.
وهناك من سيدافع عن رأي سيصدم الفقيه، قائلا: "إن عيد الأضحى هو صناعة تحالف بين رجال الدين والرأسمالية الفلاحية". قال ذلك، فطلبه الفقيه بالدليل، فرد عليه، أنه قرأ هذا في تدوينة مفكر تنويري على الفيسبوك، ابتسم الفقيه، ثم صمت. سيكون مفيدا لو دافع كل طرف عن رأيه، دون أن ينسحب أحدهم، أو يسوء النقاش بالاستفزاز. فأما الزبد فيذهب جفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.