قمة الدوحة تدعم دور لجنة القدس    نقابة تعليمية تدعو للإضراب والاحتجاج ردا على انتهاك الحكومة للاتفاقات وتلوّح بالتصعيد    صراع النملة والصرصار في انتخابات 2026    انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس المقبل    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بخسارة    قمة الدوحة تقرع جرس الإنذار: إسرائيل عدوٌ لا شريك سلام    إسبانيا تدعو إلى منع إسرائيل من المشاركة في المسابقات الدولية "طالما الهمجية مستمرة" في غزة        مونديال طوكيو… البقالي على موعد مع الذهب في مواجهة شرسة أمام حامل الرقم القياسي        الاحتجاجات على تردي الوضع الصحي بأكادير تصل إلى البرلمان.. ومطالب للوزارة بتدخل عاجل    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    منظمة الصحة العالمية تتجه لدعم تناول أدوية إنقاص الوزن لعلاج السمنة    غياب أكرد عن مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    من 10 إلى 33 درهما.. تفاصيل الزيادة في رسوم التحويلات البنكية    أكادير .. فتح بحث قضائي بعد إقدام ضابط شرطة ممتاز على إنهاء حياته بسلاحه الوظيفي    توقيف شابين من أصول مغربية يحملان جنسيات أجنبية بعد سياقة استعراضية ومحاولة إرشاء    الوقاية المدنية تنقذ شابا علق بسفح جبلي قرب الحسيمة    الأمن السيبراني تحول إلى مرادف للسيادة الرقمية وداعم للنمو الاقتصادي (لوديي)    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    جلالة الملك يهنئ السلفادور بمناسبة عيدها الوطني    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة صغيرة غرب ألمانيا    العرائش.. العثور على جثة شخص بغابة الأوسطال في ظروف غامضة    مصرع شخص في حادثة سير مميتة بين طنجة وتطوان (فيديو)    «أصابع الاتهام» اتجهت في البداية ل «البنج» وتجاوزته إلى «مسبّبات» أخرى … الرأي العام المحلي والوطني ينتظر الإعلان عن نتائج التحقيق لتحديد أسباب ارتفاع الوفيات بالمستشفى الجهوي لأكادير    الحُسيمة.. أو الخُزَامىَ مَدِينَة العِطْر حيثُ تآخَت الشّهَامَةُ والتّارِيخَ    طنجة تستعد لتنظيم مهرجانها السينمائي الدولي في نسخته 14    "الاتحاد العربي" يجدد الثقة في لقجع        رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    الملك محمد السادس يدعو إلى برمجة أنشطة علمية للتذكير بالسيرة النبوية            الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    بعد وقوعه في مجموعة الموت.. المغرب يفتتح مونديال الشيلي بمواجهة الماتادور الإسباني    الداخلة.. ‬حجز ‬6,‬8 ‬طن ‬من ‬الأسماك ‬واعتقال ‬12 ‬شخصاً:    "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    الرقم الاستدلالي للإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال الفصل الثاني من 2025.. النقاط الرئيسية    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    حريق مهول يشب في قيسارية بحي بني مكادة    السفينة المغربية "علاء الدين" تنطلق مع أسطول الصمود نحو ساحل غزة    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    إسرائيل تكثف قصفها لمدينة غزة ‬مع وصول روبيو    سيغموند فرويد إلى شايم كوفلر: لايمكن أن تصبح فلسطين دولة لليهود    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    تغييرات محتشمة في الحكومة الجزائرية الجديدة    طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط                المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بوكرن يكتب: فلسفة القربان
نشر في اليوم 24 يوم 06 - 08 - 2020

يبدأ النقاش العمومي حول عيد الأضحى، قبل موعده بأيام، وينتهي ليلة العيد، ولا يتجدد إلا بعد سنة في الأيام عينها. والأفضل، أن هذه الشعيرة الدينية، يجب أن تحظى بنقاش، تتداخل فيه مقاربات متعددة، بحثا عن المعنى المفقود، الذي سلبته "ثقافة استهلاكية"، تُعزز لحظة لذة مختصرة في "الهنا، والآن".
يركز الخطاب الديني المتداول – في خطب الجمعة، والمواعظ المسجدية، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية -على حكم الأضحية، وسِنُّها المعتبر، وكيفية الذبح، ووقت الذبح، وأفضل ما يضحى به، والعيوب التي تمنع الإجزاء في الأضحية، وحكم ادخار اللحوم. كما يذكر الوعاظ بحكم أداء صلاة العيد، والخروج إلى الصلاة وصفتها، ووقت الخطبة، والحكمة من تشريع العيد. وتروى قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ويُستنبط منها الدروس المستفادة. ويتم التذكير بشعيرة الحج، ومناسك اليوم العاشر، وما يرافق ذلك، من تهليل وتكبير.
هذا الخطاب يتكرر كل سنة، قبل أيام من عيد الأضحى، باعتباره دليلا للأحكام والآداب، التي يجب على المسلم أن يراعيها في إقامة هذه الشعيرة الإسلامية. ويطغى على هذا الخطاب، توجيه المسلم إلى العمل، دون تنويره فلسفة القربان، ناهيك عن ذكر الآراء التي ترفض عقلا، قصة إقبال الأب إبراهيم على ذبح ابنه إسماعيل، أو التذكير بدراسات من منظور العلوم الإنسانية، أنجزت حول "عيد الأضحى".
يبدو أننا في حاجة إلى توسيع دائرة نقاش جدي، تؤطره الحجة والبرهان، وقيم احترام الرأي والرأي الآخر، ولو كان لمواطن من غير مسلمين، باعتباره شخصا، تمسه هذه الشعيرة في محيطه البيئي والاجتماعي والاقتصادي.. هذا النقاش سيمنح لهذه الأحكام والآداب روحها ومقاصدها، لأن عيد الأضحى تحول إلى عادة، وفقد معناه الأول. ونشأ في محيطه، بحسب الأوضاع الاجتماعية، ظواهر جديدة، وأخرى قديمة.
يشارك الفقيه في النقاش، ويرشد المؤمنين إلى الأعمال المطلوبة يوم العيد، وبجواره أنثروبولوجي، يحاوره ليسلط الضوء، على هذه الشعيرة من زاوية أخرى، بغرض التفسير والاستكشاف. لا أن يستفزه، ويعتبر رؤيا إبراهيم أنها مجرد كذبة، وأن النص الذي تضمنها، قد لا ييسر الوصول إلى الحقيقة، كما يذهب إلى ذلك، عبدالله حمودي في كتابه: "الضحية وأقنعتها". قد يكظم الفقيه غيظه، لأن ما سمعه، يصدر عن شخص تحدث خارج تخصصه، يفسر نصا بأدوات غير مأصولة، فينتقل الفقيه إلى نقاش قديم بين الأشاعرة والمعتزلة حول إشكالية: أمر الله إبراهيم بذبح ابنه في الرؤيا، هل يأمر الله بشيء لا يريد وقوعه؟ إن كان الفقيه أشعريا، سيستدل بقول لفخر الدين الرازي: "كلما أراد الله وقوعه فإنه يقع، وحيث لم يقع هذا الذبح، علمنا أنه تعالى ما أراد وقوعه". يسوق الفقيه هذا، ليفهمه، أن ما ورد في الرؤيا ليس كذبة. وإن أصر على موقفه، سيعود إليه، ويقتطف من تفسير مفاتيح الغيب قولا، ساقه في جدل كلامي حول الرؤيا: "إن الأمر بالشيء، تارة يحسن لكون المأمور به حسنا، وتارة لأجل أن ذلك الأمر يفيد صحة مصلحة من المصالح، وإن لم يكن المأمور به حسنا".
قد يحضر بجوار الفقيه، باحث متخصص في القراءات المعاصرة للقرآن، ويحاول أن يقدما تفسيرا مقنعا، يجتهد لينفي عن الله أمر إبراهيم بقتل ابنه، فيستثمر ما ذهب إليه أبو القاسم حاج حمد، أن الله لا يقبل بالقربان البشري، لأنه من فعل المشركين لأوثانهم، ولم يطلب الله من إبراهيم القربان البشري لفظا، بل إن إبراهيم صدق الرؤيا التي كان يجب عليه أن يتأوله. وهذه الرؤيا لا تُفهم إلا ضمن قصة إبراهيم، التي تبين معاناته في تأسيس رؤية حول العلاقة بين الله والكون، من خلال تصوره للمكان.
لم يستسغ الفقيه ما سمعه، فحاول بيان المقصد من الرؤيا، فرد عليه قائلا: "إن هذا لهو البلاء المبين" معناه: "هذا التكليف الذي كلفناك هو الاختبار البين، أي الظاهر دلالة على مرتبة عظيمة من امتثال أمر الله"، حسب قول الطاهر بن عاشور. يشتد النقاش حول بيان مقاصد الرؤيا، فيتدخل أديب متذوق للبيان، فيقول ما قاله مصطفى صادق الرافعي: "ليس العيد إلا إشعار هذه الأمة بأن فيها قوة تغيير الأيام، لا إشعارها بأن الأيام تتغير". سمع الجميع ما قال، ولم يناقش أحد.
وهناك من سيدافع عن رأي سيصدم الفقيه، قائلا: "إن عيد الأضحى هو صناعة تحالف بين رجال الدين والرأسمالية الفلاحية". قال ذلك، فطلبه الفقيه بالدليل، فرد عليه، أنه قرأ هذا في تدوينة مفكر تنويري على الفيسبوك، ابتسم الفقيه، ثم صمت. سيكون مفيدا لو دافع كل طرف عن رأيه، دون أن ينسحب أحدهم، أو يسوء النقاش بالاستفزاز. فأما الزبد فيذهب جفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.