بالرغم من أن العديد من استطلاعات الرأي بوأت مؤخرا العدالة والتنمية وزعيمه عبد الإله بنكيران مكانة الصدارة في المشهد السياسي المغربي، إلا هذه التوجهات أصبحت تثير جدلا سياسيا داخل الحزب بين أولئك الذين يحذرون من مفعولها «التنويمي»، وبين من يعتبرون أنها أوراق سياسية وإعلامية رابحة في يد الحزب للإجهاز على معارضيه. محمد يتيم، نائب رئيس مجلس النواب، حذر، أول أمس، خلال اجتماع مكتب لفريق العدالة والتنمية من الانعكاسات السلبية لاستطلاعات الرأي على أداء حزبه داعيا إلى ضرورة التحلي باليقظة مع المفعول السلبي على أداء الفريق، داعيا إلى عدم الاطمئنان لنتائج الاستطلاعات لأنها لن تحسم الصراع السياسي. مصدر قريب جدا من رئيس الحكومة أكد أن بنكيران لا يتردد في استعمال ورقة سبر الأغوار في معركته السياسية ضد معارضيه، إلا أنه يشعر جيدا بمفعولها العكسي، مضيفا أن رئيس الحكومة يتوفر على دائرة ضيقة مكلفة بتتبع توجهات التقارير الدولية واستطلاعات الرأي وترتيب الخطوات لمواجهة مفعولها الإيجابي والسلبي. وزير من البيجيدي رفض الكشف عن اسمه قال: إن تواتر استطلاعات الرأي المؤيدة للتجربة الحكومية ولحزب العدالة والتنمية، التي يتم الإعلان عنها يعتبر أمرا مخيفا، ولا ينبغي بتاتا كسب اطمئنان رئيس الحكومة، مضيفا أن الأخير مطالب بالقيام بتوجيه أعضاء حكومته وحزبه للرفع من وتيرة الأداء قبل حلول موعد الاستحقاقات الانتخابية التي ستشكل استطلاعا حقيقيا للتجربة. في ارتباط بذلك، مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، والمكلف برصد المزاج الرأي العام قال إن استطلاعات الرأي تبقى نسبية لقياس التوجهات الحكومية، لكنها مهمة لرصد تفاعل المجتمع مع الأداء الحكومي والحزبي، وأوضح الخلفي أن استطلاعات الرأي، بالإضافة إلى التجمعات الحزبية وتراجع نسبة الاحتجاجات، تقدم صورة متكاملة حول المزاج الشعبي. عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة بمجلس النواب، أكد أن مزاج الرأي العام وتوجهات استطلاعات الرأي المؤيدة للحزب والحكومة «نأخذ به في الاعتبار في آدائنا، ولكن نعتمد على سواعدنا في الميدان»، وأضاف قائد كتيبة البيجيدي معيارا جديدا يرتبط بالمعارضة لقياس مستوى التعاطف، موضحا أنه يشعر بأن أسهم الأغلبية في ارتفاع كلما كانت المعارضة منزعجة وتخاف المواجهة المباشرة. من جهته، اعتبر عبد العلي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب «المصباح»، أن استطلاعات الرأي، التي بوأت حزبه الصدارة في الحياة السياسية، تزيد من تحميل المسؤولية أكثر، مضيفا أن المواطن وجد نفسه بعد الربيع العربي ودستور 2011 أمام ندرة الخيارات السياسية، إذ حصرت دائرة الخيارات بين تحالف سياسي يقوده العدالة والتنمية، أو السير نحو المجهول والنكوص عن مسار الانتقال الديمقراطي. بيد أن حامي الدين اعترف بصعوبة تحويل النتائج الإيجابية التي حصدتها التجربة الحكومية بقيادة حزب العدالة والتنمية إلى قوة انتخابية على أرض الميدان، مضيفا أن الأمر ليس باليسير، فالانتخابات تتحكم فيها قضايا أخرى. وأرجع القيادي في حزب «المصباح» الجزء الكبير في ارتفاع أسهم التجربة الحكومية في سوق المزاج المغربي، إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الذي اعتبره بمثابة ظاهرة تواصلية كان لها الأثر الإيجابي في دفع الحزب والأغلبية إلى صدارة المشهد السياسي.